بعدد أن وبخه المدير انقلبت حياته رأسا على عقب، فما الذي حدث؟
استعاد أنفاسه بعد أن صعد درجات السلم وهو يحمل إلى منزله همًّا يكاد ينكسر ظهره من حمله الثقيل! فتارة يسأل نفسه هل كنت محقا عندما التحقت بهذه الوظيفة أم كنت مخطئًا؟ هل مشكلتي أنني قد صدقت أن إدارة هذه الشركة تسير وفق الأهداف السامية التي أخبرني بها المدير عند التقائي به للمرة الأولى؟ أم أن المشكلة تكمن فيَّ أنا؟
إن كل ما يجب عليَّ فى هذه الشركة هي الطاعة العمياء بدون أي اعتراض أو إبداء رأي.
جلس واستراح على الكرسي وبدأ ينظر إلى الماضي وتحركت عواطفه عندما تذكر أيام طفولته وهو فى المدرسة ليتذكر ناظر مدرسته الأستاذ عبد الحكيم الذي كان محبوبًا وسط تلاميذه الذين كانوا يتلهفون كل صباح لسماع كلمته، وعلى الرغم من أن الأستاذ عبد الحكيم رجل فى أواخر العقد الخامس من العمر ولكنه كان يتميز بقدرته على التعامل مع التلاميذ بود وسماع شكواهم وحلَّها بخبرة وحكمة، ثم انتقل بذهنه إلى مدرس مادة الحاسب الآلي الذي كان لا يحسن تعليم التلاميذ إلا أولئك الذين كانوا يأخذون معه دروسًا خصوصية، أما باقي التلاميذ فكان لا يهتم بهم!
وتذكر موقفًا له مع هذا المدرس عندما قام بمعاقبته عقابًا شديدًا بدون سبب واضح فانطلق إلى مدير المدرسة فأخبره بذلك، فاستدعى المديرُ المدرسَ وقام بتوبيخه على هذا الفعل، ولكن حدث ما لم يتوقعه، فهذا الفعل الذي قام به الطالب انعكس بالإيجاب على باقي التلاميذ فقد أصبح المدرس يهتم بكل التلاميذ بشكل أفضل من السابق.
عندما أفاق هذا الموظف من تلك الغيبوبة الفكرية التي فصلته عن الواقع بدأ ينظر إلى حاله وكيف أنه عندما كان صغيرًا كان أكثر إيجابية فى تعامله مع الأمور.
نهض الموظف من مكانه وفي عينيه بريق من الأمل؛ كان هذا الأمل بسبب إدراكه أنه من الممكن أن يصنع التغيير وأن يبدأ بنفسه.
أدرك أيضا أننا لسنا في عالم مثالي وأن ما نريده هو السعي نحو المثالية ، لذلك الاستسلام في هذه الحياة هو الفشل بعينه.
الاصلاح منك وليس من المدير
من الطبيعي أن نجد أخطاء من بعض الأفراد الموجودين فى الدوائر المحيطة حولنا سواءً في الأسرة أو في مكان العمل أو في أي نشاط اجتماعى، لكن انتظار التغيير جزء من الأخطاء؛ فالخطأ ينعكس على المحيطين.
واتخاذ الخطوات الإيجابية بدون تهور هو أمر مهم في تصحيح الأخطاء، ومعالجة الأخطاء تحتاج إلى فن في الحياة- بصفة عامة- وفن فى الإدارة وذلك بتقديم الاقتراحات والحلول.
فليس النجاح هو عرض المشكلة وإنما تقديم الحلول والاقتراحات أثناء عرضها؛ فانتقاد المدير ليس غاية فى حد ذاته وإنما الهدف منه هو الإصلاح نحو الأفضل.
فالأسرة يقوم الأب فيها بتقديم التوجيهات والإرشادات لأفرادها وتوضيح الوسائل فى الحل وأحيانا يستخدم الشدة عندما يكون العلاج لا يصلح إلا به.
بهذه الطريقة فالدواء قد يكون مرَّ الطعم ولكن يجب تناوله، وأحيانا يلجأ الأطباء للبتر عند انتشار الورم فى طرف من أطراف الجسد ليتوقف انتشار الورم الخبيث إلى باقي الجسد.
أما في العمل فيقوم المدير بالتواصل مع مرؤوسيه والعكس للقيام باقتراحات لحل المشكلات وأحيانا يستخدم الإنذارات أو الفصل عندما يهدد وجود الموظف المقصر مصلحة العمل، كما أن هناك خطوات تدريجية فى الإصلاح واستخدام الطرق الحسنة والرفق فى حل المشكلة، فالنفوس بطبعها تميل إلى الجمال، كذلك إعطاء النصيحة بشكل جميل هو جزء مهم فى الإصلاح.
كذلك الاهتمام بالأمور الأساسية في حل المشكلة هو بداية الإصلاح ثم الاهتمام بالأمور الفرعية؛ فالأمور الفرعية تشتت الإنسان إذا لم يهتم بالأساسيات كالاهتمام بصلب المشكلة وليس نتائجها.
أخيرا التغيير أو حل المشكلات أو تصحيح الأخطاء يحتاج إلى حكمة والتهور قد يؤدي إلى تفاقم الأخطاء بدلا من تصحيحها، لكن حتى لا نقع فى الثنائية الفكرية هناك وسائل يستخدم فيها المختصون الشِّدة عند حل المشكلات، مثلا كل بلد تحتاج إلى وجود قوانين تحكم وهناك من ينفذ هذا القانون وتنفيذ هذه الأحكام قد يبدو بعضها شديدًا بالنسبة لنا ولكن هي فى حقيقتها تعود بالنفع على الآخرين.
اقرأ ايضاً .. كيف نبدأ حركة التغيير ؟
اقرأ أيضاً .. هل ستدمر صوفيا العالم ؟
اقرأ ايضاً .. حلم التغيير
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.