المخيف هو الخوف نفسه – قطع إصبع الطفل ولم يبكي أو يصرخ، كيف؟
كتم من الخوف
حكى لي أحد أصدقائي قصة لطفل من أقاربه في الثامنة من عمره، كان يلعب هذا الطفل مع أقاربه ممن يماثلونه في السن وأثناء اللعب قام أحد الأطفال دون قصد بإغلاق باب المنزل بقوة على أحد أصابع الطفل ابن الثامنة مما أدى إلى أن جزءا من طرف أصبعه قد تطاير وكان رد فعل هذا الطفل أنه امتنع عن الصراخ ولم يعبر عن ألمه بأي وسيلة،
وإنما طلب من أحد أقاربه ممن كانوا يلعبون معه بأن يحضر له منديلا دون أن يخبر أحدًا من أفراد العائلة ليجفف بها الدماء وعندما انتهى صديقي من سرد القصة استغربت كثيرا من رد فعل هذا الطفل كيف له أن يكتم هذا الشعور بالألم دون أن يصرخ بأعلى الأصوات أو يبكي؟!
من أين أتى بتلك الطاقة الهائلة على الصبر والتحمل؟! هل كان يدرب نفسه على تحمل الآلام ؟!
أم أصابته صدمة عندما رأى الدماء تتدفق كالشلال؟! ففقد القدرة على التعبير عن الألم!
فكانت إجابة صديقي: أنه لا هذا ولا ذاك؛ ولكن ما منعه هو الخوف! خوفه من أبيه أن يضربه ﻷنه لم يستمع لنصائحه بالتوقف عن اللعب.
فكان شعوره بالخوف أكبر وأشد من شعوره بالألم.
“أعتذر عن قساوة القصة ولكنها حقيقية”.
ليس التعبير عن الآلام فقط.. بل الحياة
بعد سماعي لتلك القصة شعرت بالحيرة؛ هل يمكن أن يمنعنا الخوف من التعبير عن آلامنا؟! فوجدت أن الخوف يمكن أن يصنع ما هو أشد إيلاما من هذا وأسوأ عاقبة؛ فالخوف لا يمنع من التعبير عن الآلام فقط ولكنه يمنع من الحياة!
ففي أماكن عملنا قد نرى اختلاسات وممارسات منافية للقيم والأخلاق ولكننا نمتنع عن تصحيح هذه الأوضاع أو تقديم النصيحة خوفا من فقد وظائفنا وتكون مبرراتنا أننا أناس شرفاء ولا يضرنا ما يفعله فلان طالما نحن شرفاء ونلتزم بالقيم والمبادئ؛ وهذا المختلس سيتحمل هو نتيجة أفعاله.
أو قد يشهد أحدهم شهادة زور خوفا من أن يتم البطش به لأن الخصم ذو سلطة ونفوذ!
حتى في حياتنا اليومية نرى أحد الأشخاص يظلم المارة أو يسيء إليهم بالقول والفعل ولكننا لا نحرك ساكنا لأن هذا الشخص بلطجي وقد يؤذينا!
والكثير والكثير من المواقف نمر بها ونمتنع عن قول الحق أو تصحيح أوضاع خاطئة خوفا من فقد مصدر الرزق أو أن يقع علينا البطش والأذى ممن هم أعلى منا سلطة ونفوذ أو أكثر قوة…
فعندما يحركنا الخوف ويتحكم في تصرفاتنا وسلوكياتنا ينتشر الظلم وتضيع القيم وتندثر اﻷخلاق.
ولكي نحافظ على القيم والمبادئ وتنتشر الأخلاق ويندثر الظلم ويسود العدل علينا أن نتخلص من هذا الخوف القاتل.
مما نخاف ؟
علينا أن نسأل أنفسنا لماذا الخوف؟
-على مصدر الرزق؟!
=وهل هذا الشخص أو ذاك هو من يرزقنا ومن دونه لن نرزق؟!
-أم على حياتنا؟!
=أيمتلك فلان أو غيره آجالنا فيكون بيده قرار حياتنا ومماتنا؟!
علينا أن ننتبه فشيء من الخوف قد يجعل من الباطل واقعا خطرا، يقضي على العدل ويبقي على الظلم.
اقرأ أيضاً:
هل المثقفين أكثر عرضة للإكتئاب ؟
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.