مقالاتقضايا وجودية - مقالات

ما دين الإرهاب؟ – “س” و”ص” قد أتيا لتوضيح هذه النقطة

الإرهاب له مقدمات

وعليه فالإرهاب بشكله الحالي لم يعد سلوكيات عشوائية أو أفعالا شاذة بعيدة عن خريطة الإنسان المعرفية، أو الوعي الجمعي العام، بل بات الإرهاب “دينا كاملا” يشتمل على اعتقادات مشوهة عن السعادة واللذة والناس والغير، و يترتب عليه سلسلة من الطقوس العدوانية تبدأ بالتخوين والإقصاء، وتنتهي بحرمان الأبرياء من الحياة حتى وإن تطلب ذلك تضحية الإرهابي بنفسه أملا في خلاصها من عذاب الحياة إلى نعيم ينشده في واقع آخر !!

مقدمة منطقية

إن السلوكيات المتطرفة تحكمها انفعالات..

والانفعال ناتج عن مجموعة من الأفكار والقناعات السلبية..

ربما تختلف درجة الانفعالات من شخص للآخر، ولكن تبقى الفكرة هي “العامل المشترك” بين أكثر من شخص..

مثال وتشخيص

ولنضرب مثالا: أنا أعتبر أن المدير في العمل بيروقراطي ويعطل من الأداء، ولكن لابأس من التعامل معه لمصلحة العمل..

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وزميلي “س”، يرى أن وجود المدير يهدد سعادته وراحة باله ويسبب له المزيد من الاكتئاب والحياة المكدرة، وقد يقاطع التعامل مع المدير أو لا يتعاون معه على الأقل..

أما زميلي “ص”، فيرى أن المدير خطر يهدد وجوده..

تبقى فكرة وقناعة مشتركة لدى جميعنا، وهو أن المدير” فاشل”، ولكن درجة الفشل تزيد عند قناعات زميليي الآخرين إلى درجة تهديد السعادة أو الوجود!

فإن كان زميلي “س” يستطيع التحكم في انفعالاته وضبط ردود أفعاله، بحيث لن يستخدم سبيل العنف للتخلص من المدير، إلا أن الزميل “ص” بسبب ظروف التنشئة الاجتماعية، وربما الاقتصادية، قد تكون انفعلاته أكثر تطرفا فيقدم على قتل المدير مثلا!

ما الحل الجذري هنا؟

لايمكن أن يقتصر الحل فقط على إلحاق من هم على شاكلة الزميل “ص” للعقوبة القانونية المشددة أو للمصحات النفسية من أجل ضبط الانفعالات فحسب، وذلك اعتمادا على أن من على شاكلة “س” لديهم اتزان انفعالي.. وذلك لأن كلا من “س” و “ص” لديهم أفكار وقناعات في غاية الخطورة. بل لابد من اعتبار أن الشاكلة “س” هي البيئة الفكرة الحاضنة لكل من يقدمون على تصرفات إرهابية من عينة الأفراد “ص”

ولكن من هم أصحاب الشاكلة “س” في مجتمعنا؟

سياسيون، معلمون، أطباء، قادة رأي، رجال دين، أولياء أمور، أدباء وكتاب وإعلاميون يشكلون وعي المجتمع الحالي والعامل الأساسي لاستبطان العقل الجمعي لأفكار وقناعات “متطرفة وضيقة الأفق” عن من يختلفون معهم سياسيا ودينيا وطائفيا، وعرقيا..

والسؤال: كيف تتحول انفعالاتك من “س” إلى “ص” فتصير أكثر تطرفا وعدوانية؟

فتش هنا عن عوامل شديدة القسوة،  كالقهر السياسي والفقر والعوز الاقتصادي، والتهميش والشعور بالدونية اجتماعيا تؤثر كثيرا على انفعالاتك وتجعل ردود أفعالك أكثر عدوانية، لدرجة جعلت أكثر الحوادث الآن هي عبارة عن أب يقتل أطفاله الرضع لأنه لايقدر على إعالتهم!!!

إذن أصبحنا الآن أمام خريطة للمشكلة أكثر وضوحا تتجلى في المخطط التالي

العلاج الشامل

حتى يكون العلاج كافيا لجميع الحالات، لابد أن نبدأ بالأفكار..

وهنا دور القيادات السياسية في كل مجتمعاتنا..

لماذا؟

لأن القيادة السياسية هي من تفتح الباب وتعطي الضوء الأخضر للمفكرين والمثقفين ورجال الدين والمؤسسات التعليمية والتربوية كي تقوم بدورها العقلاني والإصلاحي المطلوب.

كذلك هي من تضيق الخناق -عبر الإجراءات القانونية- على المنظرين للأفكار المتشددة والقناعات المتطرفة الذين بات تأثيرهم كبيرا في الآونة الأخيرة.

أيضا لابد من علاج نفساني واجتماعي للحد من الانفعالات المتطرفة.. وهنا يلزم الحديث عن الثنائية والانفصام والاكتئاب كانفعالات، والعنف والتحرش والجريمة والإرهاب كسلوكيات لها ارتباط وثيق بالانفعالات السابقة..

هل تناسينا العوامل القاسية التي تؤثر على الانفعالات وردود الأفعال؟

لا لايمكن إغفالها، لكن الحلول الأكثر من تلك النافذة تعود بنا مرة أخرى للحديث عن مسؤوليات القادة الساسيين والاقتصاديين..

والخلاصة أن معادلة الفكر، الانفعال والسلوك هي الخريطة التي يتوجب علينا الاعتماد عليها حتى نعالج أصل المشكلة ورواسبها ونقلل من تأثير عوامل أخرى على السلوكيات العدوانية والإرهابية..

الإرهاب صار ديناً!

إن مفهوم الدين هو مايعبر عنه بأنه مجموعة من القناعات والاعتقادات النظرية التي تمثل مفهومك العام عن الوجود والكون والحياة، ويترتب عن تلك القضايا النظرية مجموعة من السلوكيات العملية والأخلاقية، والطقوس العبادية التي يفعلها الإنسان، وبذلك يكون الدين عبارة عن “عقيدة، وعمل”..

وعليه فالإرهاب بشكله الحالي لم يعد سلوكيات عشوائية أو أفعالا شاذة بعيدة عن خريطة الإنسان المعرفية، أو الوعي الجمعي العام، بل بات الإرهاب “دينا كاملا” يشتمل على اعتقادات مشوهة عن السعادة واللذة والناس والغير، و يترتب عليه سلسلة من الطقوس العدوانية تبدأ بالتخوين والإقصاء، وتنتهي بحرمان الأبرياء من الحياة حتى وإن تطلب ذلك تضحية الإرهابي بنفسه أملا في خلاصها من عذاب الحياة إلى نعيم ينشده في واقع آخر !!

ينتمي لدين الإرهاب مجموعة من الناس، يرتدون ثيابا أخرى لأديان بعيدة عن واقعهم وحقيقتهم، حيث ارتدى الإرهابيون قديما الزي المسيحي في عصور الظلام، واتخذوا من الصليب شعارا لحروب وحشية وانتهاكات دموية، وارتدى “الصهاينة” زيا دينيا “يهوديا” لتبرير نظرتهم العنصرية وثقافتهم الإحلالية وإرهابهم المستمر.. وحاليا يرتدون زيا مسلما ويتخذون من “الشهادتين” شعارا لإحداث المزيد من التدمير والانتهاك لكل ماهو إنساني..

ولذلك فالتعامل مع قضية الإرهاب لابد أن تكون أكثر قوة وشراسة لأننا هنا أمام تحديات كبيرة تتمثل في استبدال “دين زائف” وأنماط تفكيرية ومعتقدات خلقت ثقافة ومعاملات عدوانية، بدين حقيقي يمثل الاعتقادات السليمة والقناعات المنطقية والمعاملات الروحية والأخلاقية السوية..

اقرأ أيضا:

هنا تكمن المشكلة والحل

كن مثل بلال – أزمة الفوضى الفكرية في عقول شبابنا.. كم بلال يعيش بيننا اليوم ؟

عندما نتآكل من الداخل.. ماذا يفعل بنا الاكتئاب ؟

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.