إذا كانت دموعك لآلئ، هل كنت لتبكي طوال اليوم مثل هذا الرجل؟
الحكاية
يُحكي أن رجلا كان يجوب الصحراء مشيا علي قدميه وكان الرجل يبكي بلا انقطاع ، بانتظام وباستمرار ، كان يبكي علي إيقاع خطواته فوق الرمال. ذات يوم قابل أحد الطيور وحدث هذا الحوار بينهما.
الطائر : ماذا تفعل في في الصحراء وحيدا؟
الرجل : أمشي وأبكي.
الطائر : لماذا تبكي هل أنت حزين ؟
الرجل: لست حزينا، ولكن انظر! إن دموعي تتحول إلي لآلئ ، إن لدي آلافا منها في جيوبي، أتُحب أن تراها ؟
الطائر : نعم، طبعا طبعا.
الرجل : خذ منها مايعجبك لو أردت.
الطائر : ألهذا السبب لا تتوقف عن البكاء حتي تحصل علي المزيد من اللآلئ ؟
الرجل : نعم بالضبط! هيا اختر ماتريد لك ولأصدقائك!
أمسك الطائر اللآلئ بمنقاره وطار مبتعدا بنشاط ومرح، ولكن عندما نظر إلى ناحية الرجل وجده يجدُّ السير منهكًا مثقلًا بجيبيه الكبيرين المملوئين باللآلئ، ولم يعد قادرا علي أن يضع قدما أمام الأخرى ، ثم هوى علي ركبتيه. وبرغم ذلك استمر في البكاء وفي جمع دموعه التي تتحول إلى لآلئ ويضعها في جيوبه.
كيف تحرك؟
تقدم الطائر من الرجل وقال له: ويحك يا رجل توقف عن البكاء؛ إن دموعك تمنعك من التقدم!
الرجل: لقد تعوَّدت علي ذلك، ولا أستطيع التوقف! لا أستطيع رغم أنِّي منهك جدًا ، لقد تعودت علي البكاء أكثر مما يجب!
تحرك الطائر وأحدث ثقبين في جيوب الرجل بمنقاره وساعده علي النهوض وعلي السير من جديد، وظل يشجعه علي الوقوف والسير تارة بالغناء له، وتارة بالتصفيق له بجناحيه! وبدأت اللآلئ تتساقط من جيوبه كلما تقدم في المسير وصار أخف حركة أكثر فأكثر كلما فرغت جيوبه راسمة خلفه طريقا مضيئا. وهدأ نبع دموعه ولما أصبحت جيوبه خاوية؛ جفَّت عيونه تماما من الدموع وأصبح سعيدا من جديد وأصبحت قدماه خفيفتين لدرجة أنه حلق مع الطائر في الجو.
من منا يفعل بنفسه مثل ذلك الرجل؟!
نترك المادة تسلب منا السعادة الحقيقية، ونشترى منها سعادة وهمية قصيرة الأمد! نثقل أنفسنا بموانع تفكير تحول بيننا وبين رؤيتنا السليمة للحقيقة ولمصدر السعادة الحقيقي، ونعتقد أن الراحة في العزلة رافعين شعار “الجزر المنعزلة هي الأقل عرضة للتلوث” ونبني الحواجز بيننا وبين البشر حتي نظل أنقياء!
لقد أخطأ الرجل عندما فرَّ من الناس وعاش في الصحراء وحده معتقدًا أنه سيحصل علي السعادة وهو وحيد! فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه يحتاج للمجتمع وللناس من حوله ويحتاج للتعامل مع غيره، ويتفهم الضعف الإنساني ويقبله. وأخطأ حين ظن أن تلبية حاجاته المادية ستوصله للسعادة بشكل ما، وأهمل أو تناسي جانبه الروحي غير مدرك أنه السبيل الحقيقي للسعادة وطالما أنه إنسان؛ فله احتياجات جسدية ونفسية! فلا يجب عليه إهمال جانب منهما مما يعود عليه بالضرر والأذى.
اقرأ أيضا:
جنون التواصل الاجتماعي !
حقوق وواجبات
نفس الطريق! إنها حالة نادرة
)القصة من مجلة قطر الندى العدد 551 مايو 2016 )
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط
ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب