“ربّي ياخايبة للغايبة” كيف يمكن لتفكير الحما أن يفكك زواج سليم كامل؟
من الأمثال الشعبية التي يتوارثها جيل بعد جيل ونتعامل معها كأنها عصارة خبرات طويلة ونفترض نجاحها وصدقها تماما ولزوم العمل بها، لكنها تحمل في طياتها مشكلة؛ فمشكلة المشهورات أنها لا تخضع للمنطق ولا تقدم دليل برهاني علي صحتها. وتستخدم لتُلزم المتلقي أنها مسلم بها! وكيف به يرفضها أو يحاول يصلحها؟!
وإذا تقبلنا من الجمهور أن يتأثر بالمشهورات والأمثال الموروثة ويستخدمها كبرهان؛ فذلك لأنهم يميلون للكلام السهل المبسط فهم يتأثرون بالعاطفة حيث تتحكم فيهم أكثر من التعقل. فكيف بالمثقفون الذين لا يختلفوا في تأثرهم بالعاطفة عن غالبية الجمهور؟! وكم من مثقفين تأثروا بموروث شعبي لا يخضع لمنطق أو عقل وحجتهم في ذلك: “هذا ماوجدنا عليه آبائنا!”
العلاقة بين الحما والزوجة
[ربّي ياخايبة للغايبة]مثل غريب يشين علاقة يُفترض فيها الحب والود والرحمة، ولكن بسبب الموروث الشائع الخاطئ تم تشويه تلك العلاقة بشكل غريب؛ حيث تُصوَّر العلاقة بين الحما وزوجة الابن كعلاقة شائكة قائمة علي الصراع والمنافسة والنِّدية وفي هذا إهانة لكل الأطراف، حيث يعتبر الرجل هنا كقطعة أثاث مملوكة للأم حتي تعتني بها إلي أن تنتقل ملكيتها للزوجة المستقبلية وكأنه ليس بإنسان له حياته وغاياته واختياراته!
وكذلك الحما التي تُربِّي ابنها [علشان تديه لواحدة تانية] وبالتالي يجب بهذا المفهوم أن تحمل العداوة والكراهية مقدما للشخص المجهول الذي سيأخذ [الحيلة] ! وكيف لا تكون العلاقة نِدّية بين الأم والزوجة؟! فهي تعتقد أن علاقتها بابنها تنتهي بمجرد زواجه؟!
لما جالي ولد اتشد ظهري واتسند
وإذا نظرنا لعلاقة الأم وابنها في الأمثال الشعبية سنجدها علاقة فيها عنصرية فعندما تضع الأم ولدًا ذكرًا؛ نجدهم يقولون
(لما جالي ولد اتشد ظهري واتسند).
وبالتالي الأم تعتبر الولد هو السند، والزوجة القادمة ستشغل السند عنها وتُبعده، وإذا سألنا الأمهات عن أكبر مخاوفها ستعبّر عنها بأن أولادي ينشغلون عني ويتزوجون وينسونني! وهناك الزوجة التي تعتقد أن الزوج إذا أهمل أمه وأهله لأجلها ستعيش هانئة وسعيدة وتحاول بكل الطرق أن تشغله عنهم!!
بين الموروث والعقلانية
الموروثات القديمة صدأت وأصبحت رثة، ومازلنا نتبعها وجهاد سلبياتها يحتاج لجهاد وإعمال العقل؛ فالأسرة لبنة المجتمع إذا صلُحت صَلُح المجتمع كله. والموروثات التي يتبعها الناس بدون وعى ولا تفكير سليم تهدم حياتنا وتشتت أسرنا وتجلب لنا التعاسة والشقاء.
أولادنا هدية من الرحمن واجب علينا أن نعتني بهم، وهم ليسوا ملكية خاصة بنا؛ فلهم حياتهم. إذن فلنربيهم بطريقة صحيحة ونتركهم يعيشون وفقا لاختياراتهم. والزوج شريك حياة ؛لا قطعة أثاث نتناطح عليها، والزوجة ليست ساحرة شريرة جاءت لتخطف الابن وتبعده عن أمه وأهله!
اقرأ أيضاً:
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط
ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب