المحكمة بيتنا التاني – لماذا كثرت زياراتنا للمحكمة؟
إذا ذهبت لقضاء حاجة لك في المحكمة ستجد أصناف مختلفة من البشر ومشاكل كثيرة بسبب تكرارها اعتدنا عليها، ولم نعد نتأذي من حدوثها. ستجد الأب الذي يمسك بأولاده بعد أن رمتهم الأم وفضلت حياتها ورفاهياتها علي بيتها وأولادها فلم يجد طريقًا إلا المحكمة ، ستجد الزوجة التي ضاعت وتضيع في طريق طويل وهي تبحث عن حقوقها وحقوق أبنائها في المحكمة .
وستجد المجرم الذي ندم علي أفعاله بعد فوات الأوان، وستجد الأخوة الذين يتصارعون على ميراث لا يكاد يكون له قيمة ونسوا حتي أن يترحموا علي من ترك لهم الميراث، وستجد الأم التي طردها أولادها ليستولوا علي شقتها ، وكثير كثير من الأحوال التي لا تمت بصلة لإسلامنا الرحيم أو حتى لإنسانيتنا كأفراد.
كلها مواقف تنم عن غياب أخلاق وقيم ومشاعر عن مجتمعنا. ماذا ننتظر من مجتمع يسمي الطيب والمتسامح عبيط، يسمي الظالم شاطر، مجتمع يصدر أحكام بدون تروي أو تقصي للحقيقة، مجتمع يتقبل الخطأ طالما كل الناس تقوم به بحجة سخيفة ( كل الناس بتعمل كده! )
العجوز وابنها في المحكمة
شاهدت امرأة عجوز تجلس أمام أبواب المحكمة وحيدة واعتلتها نظرة خاوية علي وجهها، عندما تنظر لها لا تعلم ما بها، كان أمامي وقت فقررت أن أجلس بجوارها وأعرف قصتها، سألتها مابك ؟ ولماذا أتيت إلي هنا؟ نظرت إلي وأجابت : ابني أخدوه! (بيشد بودرة وأخدوه)، ولما سألتها عن سنه لأن نبرة صوتها كأنه مظلوم و صغير السن؛ أجابتني بأن لديه ستة وثلاثون عاما ، نصحتها بأن تدعو له فكانت دعوتها ( ربنا يفك كربه هوه واللي زيه)
تركتني وهي تجري لاهثة وراءه منادية باسمه.
المشهد السابق يلخص واقعنا في كثير من الأوقات، كم مرة آمنا بمبدأ الحق والعدالة والمساواة وطالبنا بهم وعند أول اختبار نتهرب من العدل ونخاف من الحق ونكره المساواة؟! هناك مسافة كبيرة بين مطالبتنا بالمبادئ وتطبيقها ، كفانا شعارات رنانة!
الأم هنا لا تفكر هل ابني أخطأ ويستحق العقاب أم لا، هي تفكر في أن يطلق سراحه وفقط (وكل اللي زيه) علي حد قولها، أنا لا أتحامل عليها فهي في موقف ضعف- ولها الله ليقويها – كيف وصلت بها الحال لهذا الموقف ومن المسؤول عنها وعن ضياع ابنها؟!
ترفقوا بمن تقابلوهم ولا تحكموا علي أحد فكل منا له جانب لا يعلمه إلا الله، فلتتقوا الله في عباد الله.
ولهذا يتجلي دور الأم في التربية
لأنها موجه للطفل؛ ومن الطفل تتكون الأمة، وعلى أية حال كان واقع الطفل وتربيته اليوم؛ سيكون وضع الأمة في المستقبل كذلك، ومن هنا ندرك أنه سيمر عبر مدرسة الأم أفراد الأمة كلهم.
بالإضافة لأن الطفل كثير المجاهيل ينطبق عليه أنه واضح غامض، سهل صعب، لذا فرعايته وتربيته تحتاج لجهد ليس سهلاً، وهذا ما سوف نوضحه فيما يأتي.
من المخطئ؟
إن رعاية الطفل مسؤولية الأبوين معًا،هل الأم مخطئة في حق ابنها ؟ أم المجتمع هو المخطئ في حق الأم والابن؟ وما دور الأب؟
هل نمشي في طريق مبهم لا نعرف من نلوم ولا علي من نطلق الرصاص؟
قطعا لا ؟ الحق واضح والعدل واضح وموجود وقابل للتطبيق وكل المبادئ ثابتة وغير متغيرة بتغير الموقف أو المكان أو الزمان ، الحق ثابت لا يتحول ولا يزول والحق لا يضاد الحق بل يؤكده ويقويه والإنسان يمر بصراعات داخله بين الحق والباطل ويراها في عالمه المحيط ؛ فإذا لجأ للحق الثابت لن يتعب ولن يضل.
اقرأ أيضًا: أزمة العدالة والخير والشر.
اقرأ أيضًا: متى ينتهي الظلم؟
اقرأ أيضًا: عدالة اقتصادية
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط
ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب