مقالاتقضايا شبابية - مقالات

قررت أن أبدأ إستعمال الفيسبوك، ولم أعد نفس الشخص منذ ذلك الحين

في يومٍ ما، قرر أحد الشباب أن يدخل إلى عالم الفيس بوك بعد أن سَمِعَ عنه كثيرًا. قام بتسجيل الدخول، وقام الفيس بوك بالترحيب به ففرح كثيرًا بذلك، فبدأ الفيس بوك بسؤاله عن حاله واهتماماته، ما يحب وما يجذبه.. قال في سره: لم يهتم أحد بي هكذا من قبل… بعض ضغطات. تسجيل إعجابات بما يحب.. ما هذا! قالها حين رأى صفحةً عن أحد لاعبى كرة القدم وكان من المفضلين لديه.. وأخرى لفنان.. وأخرى لمسلسل رمضاني وبرنامج ديني وتوك شو.. لقد أحس بالألفة وبدأ شعور السعادة يزداد لديه.. طلب منه الفيس بوك أن يضيف من يعرفهم بل قرب له المسافات على حسب بياناته فوجد جاره وصديقه من الإعدادية، ما هذا إنها مدرستي بالثانوية.. وكانت هذه البداية.

في يوم بعد متابعات صامتة وإعجابات بما يكتب أتته الجرأةَ ليكتُب.. فكَتَبَ أول ما خطر بباله عن إرهاقه وضغط الدكاترة وصعوبة الكلية فوجد من يشاركه الرأي وزادت الإعجابات والردود من نوعية أتفق معك..  يا أخي كلنا مِثلُك.. متى ينتهى هذا الجحيم.. زادت حركته على مقعده وأحس أن هذا هو المطلوب! يجب أن يرى الكثير من الحياة ويكتب عنه وبدأت رحلة بحثه في الحياة للكتابة ولمشاركة عالم الفيس بوك بما رآه وكانت البداية جوًا من الضحكات وسخرية ممَّن حوله، انظروا ماذا وجدت، سيارة أجرةٍ مُلصقٌ عليها جُملة “……….” ها ها ها، وتفاعل الأصدقاء معه، أنا أيضًا رأيت.. هذا ليس بالشيء أنت لا زِلت لم ترى.. من أين لك بهذه السيارة أخبرني موقعها.. وتتالت المشاركات من هذ النوع، محل مسمى بهالو لندن هههه.. صورةٌ لأحد الأشخاص ممسك بطفل من قدميه وضحكات.. وبعد فترةٍ من الزمن ليست بهينة، مرَّ عام وهو على تلك الحال، مجرد انتقادات.. وفى يومٍ كان بالجامعة وبمحاضرة لدكتور ما، بدأ الأخير كلامه بأنه يريد بحثا مقاليا عن الشارع ولكن أريد الحلول لما تراه. هُنا وقف الشاب قائلًا هذا جيد، إن هذا أفضل ما أكتب عنه ولكن سأضيف بعض الحلول فقط ليس إلا، ابتسم الدكتور وبعض الزملاء وقال الدكتور هذا جيد.. في النهاية ستبدأ أنت بالمناقشة، وزادت ضحكته.

وصل منزله مبتسمًا متفاخرًا فهو يضمن أنه سينال الامتياز.. فتح موقع الفيس بوك خاصته.. رحب به كعادته.. رد التحية.. وقام ببحثه في صفحته.. أمسك رأسه وقال في هيستيرية: ما هذا، من أنا.. أين أنا.. هذا هو الشارع؟! هذه سخرية! ماذا أفعل؟! وكعادته ضغطت يده على أزرار وكتبت “كنا في يوم نصارع لإثبات من نحن ولكن في عثرة وقفنا وتُهنا فوجدنا أنفسنا هنا ولم نتحرك فلماذا؟! لماذا لم نبحث عن ذاتنا؟! لماذا أنا لم أفكر في ما هي هويتي؟

انتظر قليلًا فلم يجد سوى بعض الإعجابات القليلة.. حاول لملمة ما يستطيع من نفسه فقرر الخروج، استقل سيارة أجرة وكالعادة بدأ السائق بالكلام ولكن هذه المرة لم يأخذ كلامه بسخرية، لأول مرة يقوم بمشاركته، فأحس بصعوبة ما يمر به الرجل بل ما يمر به العالم. فبدأت يده مرة أخرى بالتآكل فأخرج هاتفه وكتب “نحن هؤلاء نهرب من العالم الحقيقي لعالم الخيال (عالمنا الخاص) فنتجاهل وننسى ما يمر به الآخرون وما يعانيه البعض.. ألا يكفى هذا.. ألم يأت الوقت بعد للانتباه والتفكير فيما حولنا.. وبعد وقتٍ تذكرت من أنا.. إنسانٌ مُفَكِّر.. يجب عليَّ التساؤل.. بعد كل ما مررت به وما يمر به الشارع.. بعد ما حدث.. وما زال يحدث.. كان يجب أن أتغيَّر.. لبعض الوقت أردتُ أن أرى الحقيقة وأعايشها فوجدت المصاعب والآن أنا في حيرة “ماذا بعد” .. فهل هنا ينتهي ألم الرأس؟

ومرَّةً أخرى لا يوجد متابعون إلا قليلًا.. وفى وسط تفكيره أحرجه السائق ضاحكًا: عندك فيس بوك، أجاب هو مبتسمًا: أيوة يا حج.. قال الآخر: طب ما تيجي ناخد سيلفي واكتب عني وكده، ضَحِكَ السائِقُ فضحِكَ الشاب وقال ولما لا، أريد أن أغير من حالتي، لقد ساءت كثيرًا، وقام بنشر الصورة واضعًا تعليقًا عليها “مع عم سالم أحلى سواق تكاسي”، وهنا زاد طنين هاتفه ولم يتوقف.. إنها إعجابات وردود على الصورة من الضحكات وكلمات غرضها معرفة مكانه وأنه ليس مثله أحد.. علت وجهه تقاسيم الغضب، انزعج السائِق لما يراه على وجه الراكب فسأله: مالك؟ فأفاضَ الآخر ما لديه: ماعرف.. قبل النهارده مكنتش أعرف.. مكنتش بفكر.. حياتي كلها صحابي وفيس بوك وضحك وجو فاضي وفجأة لما اتكلم جد وأفكر، أما اسأل وادور على إجابة منهم.. كله بيهرفف محدش عاوز يعرف ولا يناقش، كله بيضحك ومحدش بيفكر يواجه.. بس كدا خلاص.. رجعني البيت لو سمحت.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

جلس كعادته أمام حاسوبه وكتب مرة أخرى في عصبية “ما هذا.. أهؤلاء نحن لا نفكر إلا في الضحك والسخرية ما الذي نفعله لم وجِدنا.. هذا ليس هدفنا.. لم يتم خلقنا لنقضي الوقت هكذا أو بمعنى أصح هذه مضيعة للوقت.. وأغلق حسابه غير آبهٍ بما سوف يأتيه من إشعارات.. وفتح موقعًا آخر للبحث ليكمل ما ينقصه ليستكشف عقله.. ويغوص أكثر ليبحث عن إجابات لأسئلته.. ليجد ما يوصله لذاته، وبدأ في بناء عقلِه

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

.

علا محمود

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ القاهرة