مقالاتقضايا شبابية - مقالات

الفيس بوك مش حبل غسيل، طب ليه بننشر كل حاجة عليه؟

أحيانا أسال نفسي على معنى كلمة الخصوصية وهل لا زالت موجودة في زمن الانفتاح الإلكتروني وإلى أي مدى، فأجد نفسي أمام حقيقية أن جزءًا كبير من خصوصية الإنسان قد تلاشى وأصبحت حياته الخاصة متاحة أمام الجميع فرأيت قصصآ تروى على وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك ) بأدق التفاصيل، فهذا يكتب خبر زواجه وتفاصيل اتفاقه مع أهلها على متطلبات الزواج وآخر يفسخ خطبته فيبدأ في كتابة بوست ليصف لنا مدى مرارته منها ومن أهلها ومدى تحمله فيجرح فيها وتجرح فيه وكأننا في مسرح كل منا يعرض روايته لنتأثر بها أصبحنا لا نفكر في حل المشكلة وفي توطيد العلاقات بل أحيانا تؤدي إلى هدم العلاقات نتيجة أن كل طرف يلوم الآخر على مرأى الجميع، وكأن الفيس جُعِل لذلك بدلا من أن  نتبادل الآراء الفكرية ونتبادل المعلومات أصبحنا نتكلم عن أنفسنا وعن أمور حياتنا حتى المشاعر الإنسانية فنعبر عنها بأشعر… وكأن مشاعرنا أصبحت حالة نكتبها ولا نعيشها ونتمتع بها. فقدنا الشعور بالسعادة فعندما نصطحب أقاربنا أو أصدقاءنا للتنزه معهم ننشغل عنهم إما بالكتابة على الفيس “أنا الآن مع أصدقائي في المكان الفلاني” أو ننشغل بالتقاط أكبر كمّ من الصور فالانسان من حقه أن يحتفظ بالصور لاسترجاع الذكريات الجميلة ولكن للأسف أصبحت الصور غاية في حد ذاتها فافقدتنا متعة الشعور بالصحبة والمكان وأحيانا يكون الأمر بالعكس أن كثيرا من المشاعر الإنسانية تترجم بشكل غير مناسب فاكتفينا بالرسائل في علاقتنا للتحول إلى رسائل فقط.

شاهدت فيديو كانت فكرته جميلة، كان يقوم على مجموعة من الأشخاص تدور حياتهم في مناسبات مختلفة لكل شخص هذه رزقها الله بطفل، وهذا توفي له شخص، وهذا يتزوج، وأب وأم في شهر رمضان أول يوم على الفطار لوحدهم وكل شخص من هؤلاء اكتفى أقاربهم وذووهم بإرسال رسائل لهم كيف كان شعورهم بالوحدة وهو شعور مميت وفجأة يعاد صياغة هذه المشاهد ليجد كل واحد منهم حوله أشخاصا ليشعر بالمتعة الحقيقة فنجد فرقا كبيرا قبل وبعد. نعم الرسائل لا تكون تعويضًا عن الأشخاص

حتى الشعائر الدينية التي من جوهرها سمو الروح الإيمانية عند الشخص فهي علاقة بين العبد وربه أصلها الإخلاص وكلما كانت في السر كلما كانت أنقى وأتقى فهي بعيدة عن أعين الناس أصبحنا نعلن عنها في صفحاتنا فهذا يشعر بالخشوع وهذا يشعر بالفيض الإلهي فهذه المشاعر تكون وقودا للإنسان لكي يعمل وليست للإعلان فقط

فنحن نشكل انطباعتنا عن الآخرين من خلال ما ينشر على صفاحتهم ونتعامل معه على أنه الحقيقة فقد يكون مجرد حالة أو شخصية يتمناها الانسان وهي بعيدة كل البعد عن حقيقته فالصفحة الشخصية لا تعبر عن صاحبها بشكل كامل ولكن لا بد من التعامل معه بصورة مباشرة

وللأسف قد نسيء فهم الآخرين من خلال اعتمادنا على الكتابة فقط فهناك انفعالات بالوجه وبنبره الصوت توصل لنا الرسالة المقصودة من صاحبها وهذا لا يتوافر عبر الوسائل الإلكترونية ولا يكفي التعبير عنه بالوشوش المرسومة على الفيس فقد يساء الفهم نتيجة مكتوب لم ينطق.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أعلم أنه أحيانا يكون هناك اضطرار للتعامل عن طريق النت فقط فهناك من هم بعيدون عنا وهذه الوسيلة جعلتنا أكثر اتصالا بهم فهي قربت المسافات ولكن لنحذر ممن هم قريبون منا وبإمكننا رؤيتهم أن نخلق بيننا وبينهم مسافات.

إنّ الفيس بالنسبة لفئة من الناس كحبل غسيل فهم ينشرون عليه أحداث حياتهم بالتفصيل لحظة بلحظة وكأنهم ينشرون ملابسهم فإن حياة الإنسان الخاصة كملابسه تستره وحين يعلن عنها للجميع فكأنه يجرد ذاته أمام أعينهم فهو يأتمن الجميع على نفسه و قد يكون هناك من يستغل ضعفه لصالح مصلحته فهو أصبح مكشوفا أمامهم ومنهم من ينصحه بصورة خاطئة فهو محمل بتجارب قاسية فلا بد أيها المستعمل لهذه النافذة على العالم أن تحاول أن تجلب لنفسك استفادة حقيقية فتطور من نفسك بعلم تتعلمه من خلال هذه الوسيلة الإلكترونية وبتواصل مع أصحاب آراء وفكر منير وأن تستعمل هذه النافذة للتوعية ولبناء فكر سديد وطرح وجهة نظر تعرضها لتناقشها وقد يكون وسيلة لمساعدة الآخرين في الخير فلا تغفل عن أهمية هذه الوسيلة وتستخدمها لتعلن بها عن خصوصيتك فهي ملكك فلتحافظ عليها

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

.

هبة رجب

عضو فريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة