“أصل أنا قلبي حاسس!”هل من الخطير اتباع مشاعرنا؟
خطاب المشاعر
لا شك أن القرارات المبنية على تفكير عقلي سليم أو المستندة إلى تجارب وقوانين هي قرارات سليمة -غالبًا- أو على الأقل يمكن التنبؤ بنتائجها، لأنها ببساطة مبنية على قواعد ثابتة مُسلم بصحتها، لكن ماذا عن القرارات المبنية على المشاعر؟ سأفعل كذا لأني أشعر أني سأنجح فيه (بالرغم من أني لا أمتلك أي معلومات كافية عما سأفعل!).
فلان هذا سيء فأنا لا أرتاح له. سأدعم الحزب الفلاني لأني سمعت الناس يمدحونه، كلها أمثلة لقرارات وأحكام مبنية على المشاعر ونسبة الخطأ فيها قد تكون كبيرة، والمصيبة أن هذه القرارات تُبنى عليها أحداث فيما بعد قد تكون عواقبها كارثية على أصحابها.
ما ضرر خطاب المشاعر؟
إن أسوء ما يكون على الفرد أن يقتنع بفكرة أو يتخذ قرارًا مبنيًا على المشاعر، حيث أنه لتتخذ قرارًا عليك أن تجمع ما يكفي من معلومات تتعلق به ثم تقوم بانتخابها وترتيبها لتحصل على نتيجة وهذا كله متعلق بالتفكير العقلي، فما علاقة المشاعر بهذا الموضوع؟! وخطر الاستناد إلى المشاعر لا يكون في اتخاذ القرارات فقط، بل في استقبال الأفكار أيضا، وهو ما يلجأ إليه البعض في التأثير على طبقة عريضة من الجمهور من خلال البرامج التليفزيونية أو الخطابات الحماسية التي يكون الغرض منها دفع طبقة عريضة من الجمهور تجاه فكرة معينة، وفي هذه الحالة تكون قوة الجمهور في الدفاع عن الفكرة من قوة مشاعرهم التي حالما تهدأ يهدأ معها أصحابها وتزيد فرصة التقاعس عنها أو تركها كليةً.
ما أسهل أن تقوم بالتلاعب بمشاعر العامّة، فالأمر لا يحتاج سوى كلمات مرتبة ووجه مُصطنع وأداء مؤثر في إلقاء الكلمة وهو فعلا ما يحتاجه الممثلون للقيام بدور رائع، نعم! لا تحتاج لأن تقنع البعض بفكرة أن تكون مقتنعا بها؛ يكفي فقط أن تتصنع إيمانك بها، ومثال لك: بعض الممثلين الذين أبهرونا مرارا وتكرارا بأعمالهم التي تدعو للخير والتمسك بالقيم والمبادئ، والحقيقة أنهم في واقعهم على النقيض تماما.
من المتأثر بـ خطاب المشاعر؟
لكن السؤال المهم من المتأثر بخطاب المشاعر؟ علينا أولا قبل الإجابة على السؤال أن نوضح أن الإنسان يتأثر بواحدة من ثلاث قوى رئيسية هي قوة العقل أو قوة الغضب أو قوة الشهوة، فهو يتحرك طبقا لتأثير القوة الغالبة منهم، لذلك إجابة السؤال تكمن في هذا السؤال: أي قوى من الثلاثة هي الغالبة والمؤثرة في صاحبها؟
لو أن الإجابة كانت أن الغالب هي القوى الشهوية أو الغضبية فمن المؤكد أن صاحبها هو ذلك المتأثر بخطابات المشاعر المزيفة لأنه أسير قوى حيوانية، يساق حيث يساق بدون تفكير، فقط يتبع القطيع !
أما إذا كان الغالب من هذه القوى هي القوى العقلية فإن صاحبها هو صاحب المناعة ضد الانقياد الأعمى والتبعية الصماء، فهو دائم السؤال والبحث، محب للتطلع والتحري، يقبل النقد البناء ويرحب بالرأي الآخر.
هو غالبا لا يتأثر بالشعارات الزائفة؛ فلا تنخدعوا بالكلام المُنمّق، فما أكثر الزيف في عالمنا و زِنُوا أفعالكم وأقوالكم بميزان العقل واقبلوا الحق ولو على رقابكم.
طالع أيضا:
هل كل خريج جامعة يعتبر متعلم ؟
كيف يوازن الإنسان بين العقل والوجدان ؟
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.