The Trueman Show – ماذا إذا كانت حياتك كلها خدعة؟ قصة ترومان
من هو ترومان ؟
هل خطر ببالك يومًا أن حياتك كلها مجرد خدعة؟
هل تتوقع أن كل ما تعيشه يرسمه لك المجتمع بدقة مطلقة؟!
هذه كانت مأساة ” ترومان ” ذلك الشاب الذي تبناه مخرج للأعمال التلفزيونية منذ نعومة أظافره وحتى نضوجه، تبناه ليعرض حياته بالكامل أمام الناس على شاشة التلفزيون في مدينة صُمِمَت بالكامل كاستوديو من أجله، ومن أجل معرفة تحركاته والسيطرة عليه والاستفادة منه باعتباره أشهر شخص في العالم تقريبا؛ فالكل يعرفونه والكل مُوجَّه فقط لإقناعه بأنه إنسان طبيعي وبأنه شخص اعتيادي.
ترومان في المجتمع اللإستهلاكي
لقد أصبح هذا الشاب حديث المجتمع، الكل يتابع حياته وتحركاته على الشاشة لمدة أربعة وعشرين ساعة دون انقطاع، لقد أصبحت حياته مجال اقتحام الكل والكل يستأنس بحياة ” ترومان ” إلا ” ترومان ” نفسه الذي وجد نفسه في مجتمع يكرر أفعاله كأنه يحفظها عن ظهر قلب، ويتصرف أمامه في كثير من الأحيان بطريقة ليست منطقية، وكلما حاول ” ترومان ” أن يسأل يُبقونه منشغلا بالبحث عن السلع الاستهلاكية والغرق في وهم المادية؛ ليبرز من ذلك كله إشارة إلى واقعنا المجتمعي الغارق في الاستهلاكية والمادية اللتان أصبحتا محورا اهتمام العالم بأسره اليوم دون تساؤل أو بحث عن الأسئلة الأعلى والأكثر قيمة؛ التي تعطي لحياة الإنسان المعنى أصلا.
إننا نعيش في عصر استهلاكي بامتياز ليس ” ترومان ” وحده ضحيته، لقد قال الحكماء أن الحكمة هي وضع كل شيء في موضعه، وأقول أنه يجب علينا أن نضع الإنسان في موضعه الصحيح وألا أن نتعامل معه بصفته كائنا استهلاكيا فحسب، وأنَّ لذته تكمن فقط في الملذات المادية! بل أن نتعامل معه بجانبه العقلي فنشبع في الإنسان روح التساؤل وحب المعرفة والبحث عن حقائق الأشياء.
من المخدوع ؟
لقد خدع الجميع ” ترومان ” وأوهموه أنه يعيش حياة طبيعية اعتيادية، ولكنه في الحقيقة كان يعيش الحياة التي يريدون هم له أن يعيشها.
لقد لاحظ “ترومان” أن الأشياء ليست منطقية حوله وحاول البحث عن إجابات ولكن لم يُعِنه أحد حتى أفضل أصدقائه كان مشتركا في اللعبة ضده. الكل تآمر عليه وعلى عقله حتى حبيبته التي لم يكن من المقدر لها – بحسب تعليمات المخرج – أن تكون حبيبته حاولت إظهارالحقيقة له وإظهار أنه يعيش في كذبة كبرى ولكنه مضى في حياته بعد ذلك، ولا تزال الأسئلة تراوده من وقت إلى آخر.
وشخصيا لا أرى أن ” ترومان ” هو وحده المخدوع؛ فالمخدوع هو الإنسان الذي فقد إنسانيته! الإنسان الذي فقد روحه وعقله وسط زحام هذه الحياة؛ هو مخدوع بشكل أو بآخر. قد تكون المؤامرة التي قد كان “ترومان” ضحيتها تُحاك ضدنا أيضا ولو بطريقة أخرى.
الدهشة والتساؤل
لقد كان أرسطو يقول أن الفلسفة هي الدهش؛ الإنسان القادر على أن يندهش ليس إنسانا عاديا؛ بل العادي من يرى كل شيء عاديا. بدون الدهشة لا يكون هناك بحث، وبدون البحث لا تكون هناك إجابات، وبدون إجابات لا يكون هناك علم ومعرفة، وبدون علم ومعرفة لا يكون هناك مجتمع وحضارة وتقدم بالمعنى الصحيح.
إن الإنسان الذي لا يندهش ولا يسأل ويترك الأسئلة الكبرى يجيب عليها غيره ليفرض إجابته عليه؛ لا يستقيم مع العقل الحر الواعي ولا مع طبيعة الإنسان الباحثة عن المعرفة دائما أصلا، لذلك كان على “ترومان” البحث عن إجابات أسئلته: لماذا كل من حولي يتصرفون بغرابة؟ ولماذا أنا الوحيد الذي أرى كل شيء غريبا؟ هل كل شيء يشارك في إقناعي بأني لست على ما يرام؟ ولماذا دائما يمنعونني من ترك هذه المساحة من الأرض التي لم أعرف غيرها؟ ولماذا لا أستطيع أن أعيش كما أريد؟ كل هذه الأسئلة وأكثر دارت في رأسه لأنه إنسان في الأساس ولا يمكن كبت جماح عقله المتسائل دائما، لقد كان لزامًا على عقله أن يسأل وكان لزامًا عليه كالإنسان في المقام الأول أن يبحث عن إجابات لأسئلته الكثيرة.
دعوة لإحياء العقول
ولأن الله خلق الإنسان حرًا؛ له أن يبحث ويسأل ويجرب ويحاكي ويجيب ويستفيد ويخطئ ويصيب؛ كان لزامًا على صديقنا أن يصل في النهاية.
لقد حاول أن يهرب من النظام الذي فُرض عليه فانقلبت المدينة رأسًا على عقب وصارع الأمواج المصطنعة التي صنعها النظام المتآمر ضده ليوقفه. ولكنه لم يستسلم وظل مصممًا على بلوغ هدفه والتحرر من قيد مجتمعه ومحاولتهم تكميم فاه وطمس هويته وإزاحة عقله من المعادلة تمامًا؛ ليصل في الأخير إلى هدفه ويغادر المسرح الذي صعده دون إرادة منه أصلا لتنتهي بذلك حكاية بطلنا التي لم تنتهِ في رأيي حتى يحاول كل إنسان أن يكون إنسانًا حقًا؛ بإحياء دور عقله في حياته وإلا سنعيش جميعًا تجربة قاسية لتجربة صديقنا ” ترومان “.. بل ربما أقسى
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.
اقرأ ايضاً: