الكومفورت زون حل سحري يساعدك للحصول على الراحة, ولكن
فى حياة أغلب الناس -إن لم يكن كلهم- ما يسمى بمنطقة الراحة أو الكومفورت زون أو Comfort Zone ، و هى تلك المنطقة التى ينفصل فيها الفرد عما حوله ليجد راحته وهى بمثابة “الكهف” أو المخبأ” الذى يسرح فيه الشخص من ضغوط الدنيا و صخب الواقع المحيط به و فيه و “الكومفورت زون” قد تكون فى شئ مادىّ مكانيّ،
و أشهر مثال لها “القهوة” أو “النادى”الذى ينفرد فيه الشخص بنفسه منفصلًا عما و عمّن حوله. و قد تكون طعاما يستغرق فيه المرء بكافه حواسه، و مثال مشهور لذلك “الشيكولاتة”. وقد تكون أحداثا غير واقعية (مثل فيلم أو مسلسل)،
وقد تكون أحداثا واقعية لكنها غير مؤثرة فى الواقع مثل مباراة. وقد تكون دار العبادة، أو صلاة، أو مناجاة وقد تكون كل ذلك، وقد تكون بعضًا من ذلك وأخطر أنواع “الكومفورت زون”؛ هى شبكة متداخلة محبوكة من الأفكار والقناعات التى يحتمى بها الفرد من الواقع.
ذلك النوع الأخير يبنيه الفرد من بعض المعلومات التي يستقيها من حوله، منصبة فى قالب من القناعات المسبقة، يصل بها الإنسان إلى مجموعة من الثوابت (أو هكذا يراها) تحكم فكره و توجهه و سلوكه.
والنوع الأخير هو الخطير، لأنه يعتمد على المعلومات المستقاة من مصادر مختلفة، تلك المعلومات والمصادر قد تكون صحيحة و صادقة، و قد تكون خاطئة و كاذبة.
و القالب الذى يقوم بـ “فلترة” تلك المعلومات هو مجموعة من القناعات المسبقة التى تحدد الحكم بصحة أو خطأ المعلومات، و صدق أو كذب مصادر المعلومات.
فى النهاية، ينتهى الأمر بالفرد و قد نسج حوله سورا من تلك المعلومات و القناعات، يختبئ خلفه من أية محاولات خارجية أو داخلية لتغيير تلك القناعات المريحة؛ فيكون لدى المرء “الكومفورت زون” الخاصة به. و التي قد تكون مريحة إلى درجة الخمول؛ مثل “كل شئ على ما يرام”، و قد تكون سوداوية إلى درجة الاستسلام المريح؛ مثل “كلهم ضدك”.
خطورة ذلك الأمر تكمن فى المقاومة الشديدة للمرء ضد تغيير قناعاته مهما لاح له بعض الاحتمال بخطئها، و إلّا تنهدم تلك “الكومفورت زون” و يجد نفسه فى مهب الريح. الكمون داخل “الكومفورت زون” بشكل دائم يؤدى بالمرء إلى الخمول و الجمود من ناحية، خاصةً إن كانت القناعات التى كوّنها قناعات خاطئة لكنها مريحة، ومن الناحية الأخرى، فقدان “الكومفورت زون” تؤدى بالمرء إلى الضياع و الإرهاق، أو أن يتحول إلى “إمعة”، أينما هبت الريح يتجه بلا حول و لا قوة.
الحل الأمثل يتمثل فى أمرين:
أولًا، حسن تكوين “الكومفورت زون” من خلال المبادئ الكلية (وليست الجزئية) مثل العدل، و الكرامة، و تحرى الصدق فى المصدر، التثبت الشديد من المعلومة فلا نقبل المعلومة إلّا إذا أتت من مصدر موثوق فيه، و لا نقبل الحكم إلا على أساس العدل.
ثانيًا، الاختبار الدورى لمصدر المعلومات، فمن يصدقك اليوم، ربما يكذب غدًا وليس بالضرورة أنّ كل ما يقوله المصدر صدق و إن أعجبك، و كذلك ليس بالضرورة أنّ كل ما يقوله المصدر كذب و إن أبغضته.
و كل شئ تبني به “الكومفورت زون” الخاصة بك لابد و أن تحكمه قيم العدل والمساواة. يجرى ذلك على كل شئ، سواء فى التوجه الوطني أو السياسي أو حتى الديني. فإن كان التوجه فيه بعض الاعوجاج، بالاختبار الدورى له يستقيم. وإن كان التوجه فيه الصحة، فبالاختبار الدورى يقوى و يصلب.
لا تركن إلى قناعاتك دومًا فتضمحل و تجمد؛ و لا تترك نفسك بدون قناعات، فتكون “إمعة”.
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.