” نحن بنى الإنسان
منا من هم مسوخًا،
ومنا من يحاولون التشبث بإنسانيتهم.
يكبحون غضبهم وشهواتهم،
منهم من هم على الطريق
ومنهم من فشلوا تماما أن يصيروا أناسى
فصاروا شيئا آخر
تبدلت أرواحهم“
– منذ بدأ الخليقة وظهور مخلوق “الإنسان” على سطح هذا الكوكب، وقد تبلور الصراع بين الخير والشر، بين الحكمة والسفه، بين المعاداة والتسامح.
فى البدء كان آدم ثم أولاده ثم ذرية امتدت إلى اليوم، تباينوا وتمايزوا فيما بينهم، تحابوا وتزاوجوا، تخالفوا وتصارعوا.
تارة تأسرهم المودة فيمدون أيديهم معينين بعضهم البعض.
وتارة تمتلأ قلوبهم بالحقد والضغينة تجاه بعضهم البعض.
فقدت البشرية عقلها. تجاوزت كل الحدود. ظلمت نفسها بظلم ذويها بعضهم البعض.
قتلوا بعضهم البعض.
سفكوا دماء الأبرياء.
اغتصبوا النساء.
عقروا بطون الحوامل.
اتخذ بعضهم البعض الآخر عبيدا.
حاصروا الناس وجوعوهم.
أبادوا بعضهم البعض فى الحروب، مخلفين الكثير من الضحايا من غير المجرمين.
– التحرش. الاغتصاب. التلذذ بالقتل. التعذيب. السعار الجنسى. المخدرات. قتل الأطفال. بركان الغضب.
للوهلة الأولى عندما أتأمل الكلمات المذكورة أعلاه قد لا أنتبه أحيانا لوجود شىء ما يربطهم ببعض وفى حقيقة الأمر الرابط وثيق وهو غياب العقل.
غياب قوى الإنسان العقلية التى تميز الصواب من الخطأ فتعلو قوى النفس الشهوية أو الغضبية بسبب غياب الوعى وفقدان السيطرة على النفس.
تدنت قوة العقل تماما وصار الإنسان عبدا لهواه ونفسه وشهوته وغضبه، فلم يعد هناك ميزانا يزن به الأمور.
– مرت السنون واختلفت الظروف ونشأت المجتمعات لنجد الناس تختلف أو النفس الواحدة تختلف.
ففئة تسعى إلى الكمال. يتبعون الضمائر والوعى الإنسانى الكامن وينحون الشهوات والرغبات يحاولون كف أذى أنفسهم عن أنفسهم أولا وعن غيرهم.
وفئة أخرى يتبعون الشهوات فلا ينحوها، ولا يسيطروا على رغباتهم حتى تتملكهم فيصيروا شهوات تسير على الأرض.
– ستستمر الحياة، وسيستمر الصراع..
وكل البشر ينتمون إلى هذا المطياف ولكن بدرجات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بين من بلغ نقاؤهم وحسن سلوكهم حد الكمال كالأنبياء والحكماء والمصلحين، وبين من بلغ جنونهم حد الحروب والدمار وانتهاك النفس وظلمها وظلم الآخر إلى أقصى مدى.
– وبالنظر إلى النفس البشرية وهى تميل إلى الاندفاع وراء ما تهواه من ملذات وشهوات ورغبات.
نجد أن المادة تقبض السيطرة عليها. فتسيطر الرغبة الداخلية لديها لإشباع مختلف الشهوات الجسدية منها كالأكل والشرب والجنس.. والنفسية منها كحب الامتلاك وحب السيطرة والرغبة فى السلطة.
– وعندما يحكم الفرد على ذاته بأن يصير عبدا للمادة يفقد إنسانيته بالتدريج، يقترب من الحيوانات الفاقدة للعقل تلك الميزة التى وهبت للإنسان وجعلت منه كائنا مختلفاعن بقية المملكة الحيوانية.
فكم من كلب مسعور يلهث وهو يتحرش بفتاة. وكم من ذئب يتمتع بأكل لحم أخيه الإنسان ميتا فى غيابه.
فتلك اللمسة الجنسية الهوى ستجلب لك التلذذ. لا يضير فيها إن تأذى مخلوق آخر. وذكرك أخيك بما لا يليق سيجلب نشوة الضحك والسخرية وسط الجموع.
– ويختلف سلوك البشر باختلاف مفهومهم عن السعادة، وباختلاف التربية والتنشئة، وباختلاف القدرة على سد الاحتياجات والتأقلم مع الواقع، وتحليله وفهمه.
نحن مع الوقت نفقد إنسانيتا بالتدريج.
قد تظل هيئتنا الخارجية من جنس “البشر”
ولكن داخلنا بغيض.
نتحول إلى مسوخ تسير على الأرض، مصابة بالسعار إذا لم نجعل الحكم للعقل.
– فى القرن ال21
نعانى من اضطهاد الشعوب لبعضها البعض، عدم انتشار ثقافة تقبل الرأى الآخر ولا حرية الاعتناق والاعتقاد مما يفكك نسيج المجتمعات أكثر وأكثر، ونرى أن الغضب واستعداء الآخر يسيطر على الساحة العملية فى هذا الشأن.
وبتأمل الحال فالمجتمع المصرى كمثال نجد أن التحرش الجنسى فى ازدياد. الاضطهاد العرقى أو الصراعات الطائفية لم تنطفىء نيرانها.
الإنسان المصرى مدفوع دفعا تجاه الهاوية..
كم من شخص قتل لأنه يحمل فكرا أو معتقدا مخالفا للسائد، وكم من بنت تم انتهاكها أو اغتصبها سواء سرا أو جهرا.
كم؟؟
هل سيقف الأمر عند ذلك؟
لا لن يقف إلا إذا عاد الإنسان لرشده
فالسعى نحو العدل والقسط مع النفس ومع الغير من أجل الكمال وبناء مجتمع فاضل يدرك حقيقة الإنسان وحقيقة النفس البشرية وحقيقة الوجود ذاته هو الطريق فإما ذاك وإما التدافع والتهاوى نحو مجتمعات مادية مستهلكة تعبد المادة وتتلذذ بها وتسعى إليها.
مجتمعات.. أفرادها مسوخ.
………………………………………………………………………………………
Mehrdad Pournazarali صورة المقال للفنان *