سويا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم
الطريق المستقيم هو الطريق السالك المختصر. هو الطريق القريب الواضح، وعكسه الطريق الملتوي الذي يستنزف طاقتك وقد لا تصل منه إلى غايتك.
الاستقامة توفر الجهد والوقت. الاستقامة أكبر من محض مطلب ديني أو أخلاقي، إنها برنامج عمل وكرامة، فكل إنسان مستقيم منجز، وكل منجز عزيز في أهله، كريم فيهم.
الشعوب المستقيمة تصل إلى غاياتها من أقرب الطرق. ولا تختلف استقامة الشعوب كثيرًا عن استقامة الأفراد، الشعوب المستقيمة تضع من الآليات والإجراءات ما يحول دون شيوع الظلم فيها، ولا شيء ينال من استقامة الأفراد والشعوب قدر الظلم.
حين يشيع الظلم في أمة، ويطغى بعضها على بعض، فاعلم أنها أمة تمشي مكبّة على وجهها. الذين يسيرون هكذا لن يعرفوا صوابًا ولن يروا حقًا.
أريد أن أقول: لا يمكنك أن تظلم وتعود سَوِيًّا بعد ذلك، الظلم ينال من عقلك وقلبك. الظلم ضلال وعمى، وليس الأعمى كالبصير على ما تعرف.
تقوم الآية الكريمة –كما ترى– على التقابل بين نمطين من السلوك. التقابل هو الحد الأقصى في البيان وتمام الاتصال. التقابل من كرم النظم وسماحته، إذ يتركك على المحجة البيضاء، بعد أن قدّم لك الحقيقة مشفوعة بالدليل عليها.
مع التقابل لا توجد ثغرات ولا التباسات دلالية تذهب بالكلام بعيدًا عن مقصده المباشر، لقد حدد لك التقابل علامات الطريق وبين لك عاقبة اختيارك، وعليك أن تختار.
تحدثك الآية عن نمط يستوي قوله وعقله، ونمط آخر ينكب على وجهه، وانكباب الوجه ضلال. الوجه المنكب شائه، نالت منه قاذروات الطريق، فهو شائه منكور مهما كان حظه من الوسامة والأناقة.
لا ينكب الوجه إلاّ وتنكب معه الروح، ولا يمكن لأمة يشيع فيها البغي والعدوان والفساد إلاّ أن تضل، وتسير حياتها من عسر إلى عسر أشد، ومن بؤس إلى بؤس أشد. إنها منكبة على وجهها، تتخبط في شؤونها كلها.
الاستقامة بهذا المعنى نور. الاستقامة طريق العلم والعمل والمحاسبة، إنها تطهرنا باستمرار وتنير طريقنا، وتقتلع الطغاة من بيننا. الاستقامة أن يقف الجميع على قدم واحدة أمام القانون.
حين نستقيم نعتدل، حين نستقيم نرى الطريق، حين نستقيم ندرك الغايات!
القرآن في آيات.
مقالات ذات صلة:
ما يُولدُ في الظلمات يفاجئه النور فيعريه!
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا