الفراغ الفضاء المجال الحيز
كثيرًا ما تجد هذه الكلمات تتكرر على السمع أو نقرؤها، لكل منهم دلالة مختلفة واستخدام مختلف، ويختلط الأمر كثيرًا عند بعضهم. فالفضاء أمر مطلق وهو خارج نطاق الكرة الأرضية، الفضاء الكوني لما نعلمه من الكواكب والنجوم، وهو فضاء لا يدرك له أي أبعاد لسكان الأرض.
أما الفراغ فيعني المحيط المباشر بكوكب الأرض وما عليه من إنسان وحيوان ونبات وجماد ومكونات الطبيعة كلها وما شيده الإنسان. أما المجال أو الحيز يقصد به الجزء المستقطع من الفراغ والمحدد والمتفاعل مع الأجسام.
الفراغ والفضاء والمجال والحيز لا يدرك وجودهم إلا بالضوء، والضوء هو الذي يعطي الأشياء خصائصها وكيانها وأبعادها، وفي مجال الفن التشكيلي يُتناول الفراغ المحيط بالأجسام والكتل والمجسمات والأعمال الثنائية والثلاثية الأبعاد، وهو المحدد لتك الأبعاد.
تعريف الفراغ وأنواعه
هناك فراغ حقيقي وآخر إيهامي كما في أعمال الخداع البصري، والفراغ له أنواع: فراغ محيط وهو المتفاعل مع كتلة الشكل ويتأثر به سلبًا وإيجابًا، كما في فنون الحضارات وعصر النهضة، وهناك فراغ نافذ في الكتلة وفراغ سالب مقعر وفراغ موجب محدب، وفق تفاعله مع سطح الحجوم والكتل.
وهناك الفراغ الذي يحتل جزءًا من الكتلة وله شكل، وهنا يكون الفراغ عنصرًا حجميًا لا يقل دوره عن الحجم المادي في تكوين الشكل أو الكتلة وبنائها، كما في أعمال ألكسندر أرشيبنكو.
وهناك الفراغ المحصور بين حجوم مغلقة، والفراغ البيني بين الأجسام والحجوم وما له من وجود فاعلي بين الأجسام من قرب وبعد، ويعرف باسم الشد الفراغي ودلالته التعبيرية. كما في أعمال هنري مور وباربرا هيورث وأرميتاج وإدجار ديجا.
الفراغ كونه عنصرًا تشكيليًا إيجابيًا له دلالة تعبيرية، ويكتسب صفاته من الشكل في علاقة متبادلة، يكتسب كلٌ منهم صفاته وخصائصه.
كذلك الفراغ الإيهامي المرتبط بتوظيف خصائص الخامة في تحقيقه من تشفيف لسطحها، لتتلاشى الكتلة وتفقد ثقلها، ويصبح سطحًا مخترقًا ومستقبلًا للصور المنعكسة على السطح، ليعطيها كيانًا جديدًا غير مادي وله أبعاده التعبيرية، كما في أعمال جابو ومور وبرنكوزي وأنيش كابور.
وآخر مرتبط بطبيعة الخامات الشفافة والعاكسة والثنائية الأبعاد والخامات أحادية البعد الغالب، مثل أسياخ الحديد وعيدان البلاستيك والمواسير، والخامات الثنائية الأبعاد مثل شرائح البلاستيك والمعادن والخشب، كما في أعمال نعوم جابو وتاتلين، وهذا العنصر المعروف والمتداول في مجال الفنون الثلاثية الأبعاد.
تعريف المجال الفراغي
أما المجال فهو المستقطع والمحدد من الفراغ ويسمى بالحيز أو المجال الفراغي أو المكاني، لارتباطهما بالمكان وتهيئة هذا المكان ليكون مؤثرًا وفاعلًا مع المشاهد، كما في فن الإنشاء في المجال والنحت الحركي والضوئي لأتوبينه وشوفر.
يتجه إليه الفنان في تحديد مجال مؤثر في إدراك العمل الفني ومؤثر سيكولوجيًا وفسيولوجيًا، وأعمال ريتشارد لونج وخريستو، على الإنسان، حيث يمتد البعد إلى البعد الرابع المؤثر على الإنسان.
هنا يتكون فرق بين الفراغ المحدد للأبعاد الثلاثية والثنائية المادية والإيهامية، والمجال بصفته بعد رابع ناتج عن تواجد لشكل أو بناء له أثر على المشاهد، لا يتوقف على الإدراك بالبصر فقط بل بكل الحواس وكيان الإنسان.
اقرأ أيضاً:
هل تمدد الكون ناتج عن اندماجه مع أكوان أخرى صغرى؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا
