التمسك بالهوية
شايف الجدارية دي؟
دي متاخدة من مقبرة وزير اسمه “رخمي رع”، كان ماسك وزارة في عهد ملكين من الأسرة الـ١٨ اللي هما تحتمس التالت وأمنحتب التاني، الفكرة إن مقبرته في جبانة القرنة في الأقصر حُفِظ فيها تاريخه وهو وزير حفظًا شبه كامل، يعني كل حاجة تولى مسؤوليتها سجلها عالجدار دا.
من ضمن مهامه الصورة دي اللي بتوضح خلط العسل والسمن واللوز، وبعدين إضافة دقيق القمح وتكوين العجين، اللي بعد كدا بيتشكل على شكل دواير ويتنقش من فوق ويتحط في الفرن ويتوزع قربان في الأعياد.
أيوة اللي قدامك دا نقش بيصور صناعة الكحك المصري باللفظة القبطية “كحك” مش كعك ولا كوكيز، مفاجأة مش كدا؟
دخلت بقى في العربي إزاي؟! الحاء تحولت لحرف العين أخدوها حتى من اليونانيين، دي ليها أكتر من تفسير ومش قصتنا.
تعالى بقى أديك درس بسيط عن حاجة اسمها الهوية الثقافية.
ما هو مفهوم الهوية الثقافية؟
الهوية لوحدها كدا ذات الفرد شكله ولبسه وصوته وهكذا، أما الفرد نفسه عبارة عن مجموعة من القيم والعادات والتقاليد بتميزه عن باقي المجتمعات وبتربطه ببلده أو المجموعة المنتمي ليها، وأنا هنا مش بتكلم عن المشكلات الاقتصادية اللي بنمر بيها واللي بتأثر إلى حد ما على انتمائنا للوطن، لكن بتكلم عن كونك واحد عنده هوية وتاريخ وثقافة موروثة.
بتكلم عن الهوية الجمعية اللي هي مجموعة من الميزات المشتركة الأساسية لمجموعة من البشر، بتميزهم عن مجموعات تانية، عندك مثلا الهنود، عندهم ٦٠٠٠ دين وثقافة مختلفة عن بعض لكن في النهاية هم هنود، شعب هندي واحد.
عناصر الهوية الجمعية عبارة عن الأرض واللغة والتاريخ والحضارة و الثقافة وغيرهم، وصولًا للمطبخ، أيوة الأكل التقليدي بتاع أي شعب جزء من الهوية الثقافية، باختصار عندك هوية إذًا أنت موجود وقوي، وكل ما تأثير هويتك انعكس على الآخرين بقيت أقوى.
الجيش اللي بيحارب وهو مؤمن بهوية أقوى من الجيش اللي معندوش حاجة يدافع عنها، والتاريخ علمنا إن القوى العسكرية زي “المغول” مش كفاية للبقاء، المغول في النهاية تأثروا بالهوية الإسلامية وساحوا على باقي الشعوب.
أهمية الهوية الثقافية
هديك مثال:
فيه بلد جنبنا كدا مبقلهاش كام سنة، سكانها جايين من ألمانيا وبولندا وروسيا ومن كل بلد ومكان، وحجتهم إن هويتهم الثقافية والتاريخية على الأرض دي، ومتمسكين أوي بأي حاجة موروثة عندهم حتى لو مسروقة من شعب تاني إنهم ينسبوها إلى نفسهم، لدرجة إنهم نسبوا الفلافل إلى نفسهم قصاد العالم، هتقولي فيها إيه لما يقولوا على الطعمية إنها بتاعتهم؟
هقولك تاني، ما دام لك هوية إذًا أنت موجود، لو ملكش هوية يبقى دخيل، وقضيتك خسرانة.
خلاصة الرغي دا كله إن المطبخ المصري مطبخ ثري جدًا، متنوع جدًا وإنتاجه من إنتاج أرضه، متأثر أكيد ببعض المطابخ اللي عاشر شعوبها لكن في النهاية اللمسة الأخيرة بتكون ليه.
لكن اللي حاصل دلوقتي إن أي حاجة إحنا مميزين فيها مبندافعش عنها وبتنسب للشعوب المجاورة مع احترامي ليهم كلهم، الفلافل اللي جاية من كلمة “فول”، الفول نفسه مبقاش مصري، الكشري بقى هندي على أساس إننا عمرنا ما زرعنا عدس، الشاورما بقت سوري، الكباب تركي، المحشي معرفش إيه، بقى فيه مطابخ لبلاد كتير ما عدا المطبخ المصري مع إنه أكثر تميزًا، عمرك شفت مطعم مكتوب عليه “أكل مصري”؟
الهوية الدينية واللسان العربي معروفين ومنتمين ليهم ونتشرف بدا، لكن الهوية الثقافية والوطنية لازم نتمسك بيهم ونوعي الناس أكتر، ولازم نوثق دا بدل ما كل حاجة بتتسرق كدا وبتتنسب إلى الغير.
مقالات ذات صلة:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا