قضايا شبابية - مقالاتمقالات

لا تكفر بالنخبة استبدِلها

كثيرًا ما نجد الشباب مصابًا بالحيرة والدَّهشة عندما يخيب ظنه في شخص ما كان يتخذه قدوة له في أحد مجالات الحياة، ولا نستطيع أن ننكرَ دور النخبة أو المؤثرين على حياتنا جميعًا.

لكن هؤلاء المؤثرين قد يتخذون مواقف مضادة تمامًا للمبادئ التي جعلتنا نؤمن بهم ونؤيدهم ونستمع إلى آرائهم، وقد نستطيع أن نغفر لهم مرة ونتأوَّل بحسن ظن مرة أخرى، ونقول إنهم لم يقصدوا مخالفةً فَجَّةً للمبادئ مرة ثالثة، إلى أن يأتي اليوم الذي نرى أنه آن الأوان لنكفر بهؤلاء الأشخاص بعدما تضيق نفوسنا بكثرة تلونهم وتعدُّدهم ضِدَّ مبادئ حشدُوا أنصارَهم وراءَها وقالوا لهم: “لا تخالفْ وإِنْ قلَّدُوك الذهب”.

سقوط النخبة

الكفر بالنخبة يترك ضيقًا شديدًا لدينا، ويجعلنا نفكِّر عبر معادلة سيئة الظن، نقول:

المبادئ تتغير، والنخبة تتلون، إن المبادئ كذبة يخدعنا بها النخبة جيلًا بعد جيلٍ لِيَحْصُلوا على دعمنا وحين يحققون استفادتهم من دعمنا وتفتَحُ لهم الصحف والبرامج التلفزيونية وكثرة المتابعين على مواقع التواصل بابها، ويحققون الشهرة والنجاح، يصبح لون الحقيقة الأبيض رماديًا، ولون الظلام الأسود فيه بقعة ضوء، ويقولون جميعًا: “إخواننا المناصرين أعزاءنا المتابعين لقد تسرعنا بالحكم على السيد الفاضل مرجان أحمد مرجان”، وتتلون الكلمات وتصبح الحياة “بامبي” لكنكم ظلاميون.

انهيار الأشخاص يؤثر بدرجات مختلفة على المبادئ.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

من هم النخبة؟

أما أنا أتعامل معهم على أساسين:

الأول: أحدد المبادئ الأساسية بالنسبة إليّ التي يجب أن يدعمها الشخص النُّخْبِيّ (النخبوي) فإن خالفها أسقطه من نظري فورًا (مع ملاحظة العيوب البشرية التي يمكن التغاضي عنها، فلا يوجد إنسان معصوم)، وعلى قدر تمسك هذا الشخص بهذه القيم على قدر ما أحترمه وأقدر آراءه.

الثاني: النخبة بشر فيهم أشخاص وصوليون نفعيون، يسعون خلف المال، يحققون الشهرة أولًا بالدفاع عن المبادئ ثم يتوجهون إلى جني الأرباح، ولا يبالون بفقد المتابعين، ثم إن الكلمات يا صديقي أكثر الأشياء التي يمكن اللعب بها وليس أقدر على التلاعب بها من هؤلاء، وهؤلاء يمكن أن تكتشفهم مبكرًا، فالقيم لديهم –حتى وإن كنت ترى أن قيمة ما متفق عليها ولا يمكن أن يختلف عليها عاقلان– مطاطة لها ألف تفسير وتفسير، ولذا عليك أن تقفز من سفينة هؤلاء مبكرًا حتى لا تصاب بالخيبة.

هذا يعني أنني أحقق في النهاية حفاظًا على إيماني بالمبادئ، وتغييرًا للنخبة، وأنهم لم يعودوا مناسبين.

مبادئ أساسية لمعرفة النخبة

ستزداد قوة إن كنت قادرًا على احترام النخبة من الأطياف الفكرية كلها، بشرط أن يكون متمسكًا بالمبادئ الأساسية التي لا يمكن مخالفتها.

وستؤدي دورك المفيد كونك تغذية راجعة للنخبة كي لا تعتقد أنها تستطيع تحريك الناس بجهاز تحكم عن بعد، وليعرفوا أن متابعيهم يفضلون الأفكار الصحيحة على أي شخص، وهذا عمل ضابط جدًا للثقافة والنخبة.

لحظة: ما هي هذه المبادئ؟ أقول لك: العدل للجميع، الحرية في التعبير للجميع، المساواة في الحكم بمقياس واحد للجميع.

هذه ثلاثة مبادئ أساسية تزن بها أي نخبة من أي طيف فكري، وساعتها ستجد أن النخبة الحقيقية قليلة لكن سعيك لمعرفتها سيسعدك لأنك في النهاية ستريح قلبك من متابعة الدجالين.

لا تنسَ: لا تكفر بالمبادئ غَيِّر نخبتك الذين تتابعهم.

مقالات ذات صلة:

النخبة وصناعة الوعي

القدوة كيف تعرفها؟

مدى تشكيل القيم والمبادئ الإنسانية لسلوك الفرد

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. محمد السيد قياسة

مدرس اللغويات – كلية اللغة العربية بالمنصورة – جامعة الأزهر