مقالات

محمد كمال إسماعيل

طيب سمعت قبل كدا عن المهندس المعماري المصري محمد كمال إسماعيل؟

من هو المهندس محمد كمال إسماعيل؟

سنة ١٩٨٥م وقع في إيد الملك فهد بن عبد العزيز ملك السعودية السابق كتاب اسمه “مساجد مصر” لمؤلفه المهندس المعماري المصري “محمد كمال إسماعيل” وانبهر بيه.

سأل الملك عنه الأمير ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة وقتها، وعرف إنه معماري مشهور في مصر وأصغر من حصل على دكتوراة في العمارة الإسلامية من باريس سنة ١٩٣٣م، وكان أول مصري وأصغر مدير عام لمصلحة المباني الأميرية سنة ١٩٤٨م، وإن ليه إنجازات معمارية مشهورة.

على سبيل المثال قدر إنه يحول ثكنات الجيش الإنجليزي في قصر النيل إلى مجمع التحرير الشهير سنة ١٩٥١م، والفكرة هي مبنى خدمي حكومي واحد لخدمة المواطنين على شكل قوس، واستغلال المساحات اللي قدامه في توسعة الرقعة الخضراء أمام المجمع.

بالإضافة إلى إنجازات تانية زي تصميم دار القضاء العالي وتصميم مسجد المرسي أبو العباس وغيرهم، استحق عليها لقب الـ”بك”.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هنا قرر الملك فهد إنه يستدعي المهندس المصري دا وطلب منه توسعة المسجد النبوي في المدينة وتحديثه وتطويره، وتوسعة الحرم المكي عشان يكفي عدد المصلين والزائرين والحجاج، وبميزانية مفتوحة، وهنا كان الاختبار الكبير، أنت بتشتغل على مساحة ضيقة لمبنى مقدس وموجود بالفعل مش بتبني من أول وجديد، بالإضافة إلى المشكلات اللي بيواجهها زي سخونة الأرض وكبار السن اللي مش هيعرفوا يمشوا كتير والجو الحر وحاجات كدا، والالتزام بالتصميم الإسلامي، فهتعملها إزاي؟!

توسعة المسجد النبوي

المهندس محمد كمال إسماعيل اشتغل على المشروع واستخدم دراساته ومواهبه كلها، وسهر الليالي وعمل الرسومات لحد ما انتهى من التصميم الأخير وعرضه على الملك، واتوافق على المشروع.

بالنسبة إلى المسجد النبوي، قدر المهندس المصري إنه يحول مساحة المسجد النبوي من ١٤ ألف متر لـ١٠٤ ألف متر مربع، وقدر إنه ينجح في تكييف الحيز الفراغي للتوسعة بالكامل بأعلى معدل وهو ١٥٤ ألف طن، واعتمد على فكرة الصحن للتهوية والتظليل عن طريق مظلات أوتوماتيكية محطوطة على عواميد حديد مفرغ من جوة بتغطي كل واحدة مساحة ٢٤ متر، بالإضافة إلى فكرة القباب المتحركة، وفكرة الإنارة الطبيعية، وفكرة زرع أساسات تتحمل مآذن طولها ١٠٥ متر، المهم إنه نجح في توسعة المسجد النبوي بالكامل. وبقى المسجد النبوي بيعادل مساحة المدينة على أيام النبي.

توسعة الحرمين الشريفين

التحدي الأكبر كان توسعة الحرم المكي. البداية كانت توسعة المساحة من ٢٦٥ ألف متر لـ٣١٥ ألف متر مربع، يعني إضافة ٥٠ ألف متر مربع زيادة، بس هل دول هيكفوا؟

قال لك لأ، يبقى نستغل المساحة اللي في إيدينا، ونخلي الحرم المكي ٣ أدوار، قبو ودور أرضي ودور أول بالإضافة إلى جراج بيسع ٥٠٠٠ عربية.

نبدأ بالقبو، اللي هيتبني فوق شبكة مياه وتصريف وأنظمة حرائق وشبكة تهوية وإنارة وتكييف على مساحة ١٨ ألف متر مربع بارتفاع ٩.٨٠ متر، والدور الأول هيتوسع وهيكون مبني فوقيه ٣ قباب والقباب دي اتحط فيها شبكة الكهرباء اللي كانت بتعوق الحجاج، وعمل مباني خاصة بالسلالم الكهربائية عشان كبار السن ميتعبوش من السلالم.

بعد كدا هنعمل باب رئيسي جديد وكبير اللي هو باب الملك فهد بالإضافة لـ١٨ باب صغير، بحيث الناس تدخل من أي حتة، ونبني مأذنتين كبار تانيين، وعشان سهولة الانتقال نعمل شبكة أنفاق كلهم اختصارات للحرم المكي، بحيث يسهل الدخول والخروج، وشبكات تهوية وفرش الأرضيات كمان.

قصة رخام الحرم المكي

لكن المهمة الأصعب كانت إن الأرض سخنة والناس بتمشي حافية جوة الحرم، الحل إيه؟

الحل كان نوع من الرخام اليوناني المستخرج من البحر اسمه التاسوس، الرخام دا فيه مسام دقيقة جدا بتمتص الرطوبة من الجو بالليل وبيخرجها الصبح تبقى الأرض في عز الحر ساقعة، وكسر قاعدة سمك البلاط اللي هيا سنتيمتر واحد وخلاه خمسة سنتيمتر، وأضاف لمسة جمالية للون الرخام عن طريق تفاعل الجرانيت اللي إداله اللون اللؤلؤي المضيء كلمسة روحانية، وهو الرخام نفسه المستخدم في أرضية المسجد النبوي.

دا غير محطة التبريد المركزية لتبريد مياة الشرب في منطقة أجياد بعيد عن الحرم، وتوسيع منطقة الصفا والمروة بتضييق فتحة الصفا، وربط سطح المسجد الحرام بالصفا عن طريق جسر الراقوبة، وتوزيع الإذاعة الداخلية بحيث ميحصلش أي صدى صوت والصوت يوصل للمصلين كلهم، وتوصيل صنابير مياه زمزم المبردة لكل مكان في الحرم.

تكريم المهندس محمد كمال إسماعيل

الأعمال دي أخدت ١٣ سنة من العمل المستمر، وبعد الانتهاء رفض المهندس محمد كمال إسماعيل تقاضي أجر، رغم إن الملك فهد وشركة بن لادن عرضوا عليه أجر بالملايين، لكنه رفض وخلاها لله وقال إزاي هواجه ربنا لو أخدت فلوس على الخدمة دي، لكنه أخد جائزة الملك فهد للعمارة الإسلامية، ورجع على مصر وسط تجاهل إعلامي تام عشان يرحل في صمت سنة ٢٠٠٨م.

ببساطة الراجل دا ليه فضل على الحجاج والمعتمرين كلهم من حيث الخدمات ووسائل الراحة وبرودة الأرض والتوسعات وسهولة الانتقال، والسبب بتصميماته في إن فرص الحج والعمرة بقوا أكتر من الأول بسبب زيادة القدرة الاستيعابية عشان توصل لمليون ونص في وقت الذروة من دون أي تشويه في المعمار المكي.

مقالات ذات صلة:

النظام الاجتماعي لمكة قبل الإسلام

وجودية الهوية الثقافية في مرآة عمارة الفقراء عند حسن فتحي

لكن لا يهتمون بالمعاملات

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

محمد أمير

كاتب ومؤرخ وصانع محتوى