خارطة الطريق
الناس يختلفون في حياتهم وصفاتهم، فمنهم الهادئ الرزين والصاخب مرتفع الصوت، ومنهم المنظم المرتب والفوضوي العشوائي، ومنهم كثير الكلام وقليله الذي يتكلم بحساب تبعًا للمواقف، ومنهم المتفتح والانطوائي، والطيب والقاسي.
والشخص الجيد هو الذي يرتب حياته ويخطط لها حتى يسير على هدى وبينة من أمره، يتعلم من الماضي ويستفيد من الحاضر ويعمل للمستقبل، فيضع أهدافًا لحياته يعمل على تحقيقها بالمعرفة والاجتهاد والصبر.
ما هو مفهوم خارطة الطريق؟
وهذا التخطيط ووضع الأهداف ومحاولة تكوين الإنسان على المستويات جميعها للعمل على تحقيقها ظهر له مثيل في السنوات الأخيرة مصطلح “خارطة الطريق”، وهي عبارة عن مراحل يؤدي بعضها إلى بعض كالمرحلة (أ – ب – ج) لحل مشكلة ما، أو الخروج من نفق مظلم لمعضلة بين بلدين.
هذا المخطط يهدف إلى تحقيق أهداف وُضعت لمعالجة الأمور أو العراقيل المحتملة لتسويتها، ومن الممكن أن تكون هذه الأهداف على المستوى السياسي أو التجاري أو الاقتصادي، مثل: إنقاذ بلد من سقوطه الاقتصادي ووضع أهداف طويلة أو قصيرة المدى.
الشباب في مقتبل العمر لا بد أن يضعوا لأنفسهم خطة يسيرون عليها وأهدافًا لا يغفلون عن الوصول إليها أو ينشغلون عنها لتحقيقها، سواء على مستوى الدراسة والتحصيل أو التفكير والإقدام على مشروع الزواج والاستقرار واختيار شريك أو شريكة الحياة وتكوين الأسرة.
التخطيط كذلك في الشركة والعمل على إنجاحها مهم مثل: التسويق الجيد واختيار الموظفين الأكفاء والعمل بروح الفريق وجودة المنتج، إلخ.
خارطة طريق السلام
وما إن تُذكر خارطة الطريق تتبادر إلى أذهاننا خارطة طريق السلام بين فلسطين وإسرائيل، التي كانت فكرة لحل الدولتين في (2002-2003)، وكانت مقترحًا في الأساس من اللجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط، التي تتمثل في: الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا.
ألقى جورج بوش الخطاب بعد صياغته واعتمدت الخطة على إذابة الثلوج وتهدئة الصراع وحل الدولتين للعيش جنبًا إلى جنب، وفي النهاية لم تكتمل الخارطة واتضح صعوبة تنفيذها وتعقيده.
يقول المثل العامي: “الحِدَّاية لا ترمي كتاكيت”، فمن المستحيل أن تُقدِم أمريكا بخاصة والغرب عمومًا على إيذاء إسرائيل أو وضع شروط وبنود أو خارطة طريق تؤلمها أو تدوس لها على طرف، أو على الأقل تُعكّر صفوها وتحد من نفوذها، فالعاقل يعلم يقينًا أنه حتى الاعتراف البحت بدولة فلسطين تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل المحتلة هذا في حد ذاته انتصار لإسرائيل، لأن اليهود لم يكن يأتي في خُلدهم أن يتملّكوا قطعة أرض مساحتها متر في متر في أي بقعة في العالم ولا حتى في الصحراء.
وهذه الخارطة تنسحب الآن إلى الصراع بين الكيان المحتل المغتصب والفلسطينيين، فبايدن الرئيس الأمريكي – الإسرائيلي، الذي يترأس البيت الأبيض، تاريخه الأسود يشهد عليه: فقد صوّت لصالح القرار الذي سمح بضرب العراق، هو نفسه الذي أمد إسرائيل بالسلاح والخبراء والمستشارين لهندسة القضاء على المقاومة في قطاع غزة، وهو الذي يتبنى عرض وثيقة لإنقاذ إسرائيل من نكستها ووهدتها أمام لعب المقاومة بها الكرة جيئة وذهابًا بطول القطاع وعرضه، بقتل الضباط والجنود وإصابتهم وحرق كثير من الآليات وتدميرها وإعطابها في سلاح المدرعات والأسلحة الحديثة الفتّاكة.
الوحدة العربية ضرورة
هنا لا بد أن ننادي باجتماع العرب –مع العلم أن الاختلاف سُنة كونية– على كلمة واحدة، وتصفية النوايا والضمائر وترك الخلافات ووضع خريطة طريق لمستقبل بلادهم وأجيالهم، الذين يرثون الخلافات والمشاحنات، والعمل على استعادة أمجادهم وتراثهم وعودة حقوقهم المسلوبة، والاستفادة بعقول أبنائهم ولفظ الصراعات العرقية والنزعات والحميّة الجاهلية والعصبية النتنة، ويبدأون في البناء الحقيقي والالتفات إلى شعوبهم وتطلعاتهم والعمل الجاد على تحقيق العدالة، والاهتمام بالمنظومة الصحية والبدء فورًا بوضع خطة تعليمية خدمية أصيلة وحديثة لإزالة أميّة الفكر والقراءة والكتابة.
مقالات ذات صلة:
التخطيط رفاهية أم ضرورة ملحة؟!
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا