مذابح اليهود في فلسطين
حتى لا ننسى، وحتى تتعرف الأجيال الجديدة على التاريخ الدموي والأفاعيل النكراء لبني صهيون، أحببت أن أذكّر بمذابحهم على أرض فلسطين المباركة، منذ أن دنسوا حرمها الطاهر بأقدامهم النجسة ولوثوا هواءها الطيب بأنفاسهم الخبيثة، وإن كانت مجازرهم أكبر من أن يحصيها العدّ أو تسردها الكلمات، فموبقاتهم تتكرر كل يوم وجرائمهم تتوالى كل ساعة ووحشيتهم تحدث كل وقت لكني أرجو أن يكون ذلك تذكيرًا وهو غير منسيّ وتوثيقًا لأفعال هؤلاء الملاعين.
وسيكون سردي لأظهر المذابح على مرّ الأيام مرتبًا وفق تأريخها كما يأتي:
مذبحة باب العمود
في التاسع والعشرين من شهر ديسمبر عام سبعة وأربعين وتسعمائة وألف من الميلاد، وضعت عصابة “الأرجون” الصهيونية برميلًا من المتفجرات عند باب العمود بسور مدينة “القدس” وفجروه، مما أدى إلى استشهادِ أربعة عشر فلسطينيًا وجرحِ سبعة وعشرين، وفي اليوم التالي فجر أفراد تلك العصابة برميلًا آخر بالطريقة نفسها في المكان ذاته، مما أدى إلى استشهاد أحد عشر فلسطينيًا، كما ألقوا قنبلة في المدينة المباركة مما أدى إلى استشهاد أحد عشر فلسطينيًا آخرين.
مذبحة: قرية الشيخ
في الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر عام سبعة وأربعين وتسعمائة وألف من الميلاد، اقتحمت مجموعات من عصابة “الهاجناه” قرية الشيخ –وتعرف اليوم باسم تل جنان– ولاحقت المواطنين العزل، لا يفرقون بين نساء وأطفال وشيوخ وشباب، ونتج عن هذه المذبحة استشهاد نحو ستمائة شهيد داخل هذه القرية.
مذبحة بوابة “يافا”
في السابع من شهر يناير عام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف من الميلاد، ألقى أفراد من عصابة “الأرجون” الصهيونية المتطرفة قنبلة على بوابة “يافا” في مدينة “القدس” المباركة، مما أدى إلى استشهاد ثمانية عشر فلسطينيًا وجرحِ واحد وأربعين آخرين.
اقرأ عن: الاحتلال الإسرائيلي وقضايا الإتجار بالبشر
مذبحة فندق “سميراميس” في مدينة “القدس”
في الخامس عشر من يناير عام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف من الميلاد، نسفت عصابة “الأرجون” الصهيونية بالمتفجرات فندق “سميراميس” الكائن في حي “القطمون”، فتهدم الفندق على من فيه من النزلاء وأدى إلى استشهاد تسعة عشر فلسطينيًا وجرح أكثر من عشرين آخرين.
مذبحة “بناية السلام” في مدينة “القدس”
في العشرين من فبراير عام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف من الميلاد، سرقت عصابة “شتيرن” سيارة جيش بريطانية وملأتها بالمتفجرات ثم وضعتها أمام بناية السلام في مدينة “القدس”، وعند انفجارها استشهد أربعة عشر فلسطينيًا وجرح ستة وعشرون آخرون.
مذبحة “دير ياسين”
في التاسع من أبريل عام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف من الميلاد، هاجمت الجماعتان الصهيونيتان “أرجون وشتيرن” قرية “دير ياسين” وذبحوا أكثر من خمسين وثلاثمائة ضحية، وكانت هذه المذبحة عاملًا مباشرًا في إصابة الفلسطينيين بالذعر مما اضطر بعضهم إلى الهجرة خارج فلسطين، ولعل هذه المذبحة كانت العامل الأهم في قيام حرب ثمانية وأربعين بين العرب وإسرائيل.
مذبحة قرية “قالونيا”
في الثاني عشر من شهر أبريل عام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف من الميلاد، هاجمت عصابة “البالماخ” الصهيونية قرية “قالونيا” بجوار مدينة “القدس” وظلت على مدار يومين تنسفها بالمدافع، وأسفر ذلك عن مقتل أكثر من أربعة عشر شهيدًا فلسطينيًا.
اقرأ أيضاً: لماذا نرغب في إزالة دولة إسرائيل؟
مذبحة قرية “أبو شوشة”
في الرابع عشر من شهر مايو عام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف من الميلاد، أطلق جنود لواء “جعفاتي” النار على قرية “أبو شوشة” التي تقع بالقرب من قرية “دير ياسين”، وراح ضحية هذه الضربات العشوائية خمسون شهيدًا من الرجال والنساء والأطفال.
مذبحة “الطنطورة”
في الثالث والعشرين من شهر مايو من العام ذاته هاجمت كتيبة 33 التابعة للواء ألكسندروني، قريةَ “طنطورة”، واحتلت القرية بعد ساعات عدة من مقاومة أهالي البلدة لقوات الاحتلال الصهيوني، وفي ساعات الصباح الباكر كانت القرية كلها قد سقطت في يد جيش الاحتلال، وانهمك الجنود الإسرائيليون لساعات عدة في مطاردة دموية شرسة لرجال القرية بهدف قتلهم، وفي البداية أطلقوا النار عليهم في كل مكان صادفوهم فيه، في البيوت، في الساحات، وحتى في الشوارع، وبعد ذلك أخذوا يطلقون النار بصورة مركزة على مقبرة القرية، وخلفت مذبحة “الطنطورة” أكثر من تسعين قتيلًا دفنوا في حفرة كبيرة، واستهانة من بني صهيون بالحرمات الإنسانية: أقاموا ساحة لوقوف السيارات مرفقًا لشاطئ “دور” على البحر المتوسط جنوبي حيفا على هذه المقبرة، التي دفنت فيها جثث القتلى من أهالي القرية في قبر جماعي.
مذبحة “قبية”
في الرابع عشر من شهر أكتوبر عام ثلاثة وخمسين وتسعمائة وألف من الميلاد، طوقت وحدات من الجيش النظامي الإسرائيلي قرية “قبية” بقوة قوامها نحو ستمائة جندي، أي ثلاثة أضعاف عدد أهل القرية آنذاك، وبعد قصف مدفعي مكثف استهدف مساكنها اقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني القرية وهي تطلق النار عشوائيًا. وفي حين طاردت وحدة من المشاة السكان الفلسطينيين العزّل وأطلقت عليهم النار، عمدت وحدات أخرى إلى وضع شحنات متفجرة حول بعض المنازل فنسفتها فوق سكانها، ورابط جنود الاحتلال خارج المنازل في أثناء الإعداد لنسفها، وأطلقوا النار على كل من حاول الفرار من هذه البيوت المعدة للتفجير، وقد كانت حصيلة المجزرة تدمير ستة وخمسين منزلًا ومسجد القرية ومدرستها وخزان المياه الذي يغذيها، كما استشهد فيها سبعة وستون شهيدًا من الرجال والنساء والأطفال، وجرح مئات آخرون، وكان قائد القوات الإسرائيلية التي نفذت تلك المذبحة الملعون “أرييل شارون” رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق.
مذبحة “قلقيلية”
في العاشر من شهر أكتوبر عام ستة وخمسين وتسعمائة وألف من الميلاد، هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي ومعه مجموعة من المستوطنين اليهود قرية “قلقيلية” تدعمهم الطائرات الحربية الإسرائيلية، التي قصفت القرية بكل وحشية مما أدى إلى استشهاد أكثر من سبعين شهيدًا.
تعرف على: سبب دعم الغرب للكيان الصهيوني المحتل
مذبحة “كفر قاسم”
في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر عام ستة وخمسين وتسعمائة وألف من الميلاد، هاجم الجيش الإسرائيلي قرية “كفر قاسم” وقتل منها تسعة وأربعين، وفرض حظر التجوال على سكانها ومنع شباب القرية الذين كانوا يعملون في الحقول خارج القرية من العودة إليها، وقُتل كل من حاول العودة منهم لإنقاذ أهله قبل الوصول إليها.
مذبحة “خان يونس”
في الثالث من شهر نوفمبر عام ستة وخمسين وتسعمائة وألف من الميلاد، ارتكب جيش الاحتلال مذبحة في مخيم “خان يونس” جنوبي قطاع “غزة”، راح ضحيتها أكثر من خمسين ومائتي فلسطينيّ، وبعد تسعة أيام من المجزرة الأولى، نفذت وحدة من الجيش الصهيوني مجزرة وحشية أخرى راح ضحيتها نحو خمسة وسبعين ومائتي شهيد من المدنيين في المخيم نفسه، كما قُتل أكثر من مائة فلسطيني آخر من سكان “مخيم رفح” للاجئين في اليوم نفسه.
مذبحة “القدس”
في شهر يونيو عام سبعة وستين وتسعمائة وألف من الميلاد، أمطرت قوات العدو الصهيوني مدينة “القدس” وسكانها بوابل من القصف المتواصل بالقنابل المحرقة، جوًّا وأرضًا، وبموجات من رصاص الرشاشات، مما أدى إلى استشهاد نحو ثلاثمائة من المدنيين العزل.
مذبحة “صبرا وشاتيلا”
في السادس عشر من شهر سبتمبر عام اثنين وثمانين وتسعمائة وألف من الميلاد، وعلى مدار ثلاثة أيام متتابعة دخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم “صابرا وشاتيلا” الفلسطيني، وأطلقت النار على أهل المخيم العزل مما أدى إلى استشهاد خمسمائة وألف من الفلسطينيين واللبنانيين العزّل، بينهم الأطفال والنساء، فضلًا عن اغتصاب النساء.
اقرأ أيضاً: المذبحة الأشد إجراماً في التاريخ
مذبحة المسجد الأقصى
في الثامن من شهر أكتوبر عام تسعين وتسعمائة وألف من الميلاد، حاولت جماعة “أمناء جبل الهيكل” الإسرائيلية المتطرفة وضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم في ساحة الحرم القدسي الشريف، وهبّ أهالي القدس لمنع المتطرفين اليهود من تدنيس المسجد الأقصى، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين المتطرفين اليهود الذين يقودهم “جرشون سلمون” زعيم الجماعة السابق ذكرها مع نحو خمسة آلاف فلسطيني، وتدخل جنود حرس الحدود الإسرائيليون الموجودون بكثافة داخل الحرم القدسي، وأخذوا يطلقون النار على المصلين دون تمييز بين طفل وامرأة وشيخ، مما أدى إلى استشهاد أكثر من واحد وعشرين شهيدًا، وجرح أكثر من خمسين ومائة منهم، كما اعتقل سبعون ومائتا شخص داخل الحرم القدسي الشريف وخارجه.
مذبحة الحرم الإبراهيمي
في الخامس والعشرين من شهر فبراير عام أربعة وتسعين وتسعمائة وألف من الميلاد، اقتحم الطبيب اليهودي المتطرف “باروخ جولدشتاين” ومعه عدد من المستوطنين اليهود والجيش الإسرائيلي الحرم الإبراهيمي، وأطلقوا النار على المسلمين الذي كانوا يؤدون شعائر صلاة الجمعة في شهر رمضان المبارك، وقتلوا تسعة وعشرين مصليًا صائمًا وجرحوا أكثر من خمسين ومائة مصلٍ قبل أن ينقض المصلون عليهم ويقتلوا هذا الطبيب البائس.
مذبحة مخيم “جنين”
في التاسع والعشرين من مارس عام اثنين وألفين من الميلاد، قاد جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة عسكرية احتل فيها عديدًا من المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وبعد أسبوعين من حصار مخيم “جنين” اندلع قتال عنيف بين المقاومين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي التي قادها رئيس الأركان “شاؤول موفاز”، ولم يعد من سبيل أمام جيش الاحتلال الإسرائيلي للقضاء على هذه المقاومة سوى هدم المخيم على رؤوس ساكنيه، وعند نفاد ذخيرة المقاومين الفلسطينيين باشرت القوات الإسرائيلية حملة إعدامات مكثفة في صفوف هؤلاء الفلسطينيين، وقد ترافقت حملة الإعدامات تلك مع جهد غاشم من الجرافات الإسرائيلية لإزالة المخيم من الوجود. ولا يعلم أحد حتى الآن حقيقة ما جرى في أثناء الهجوم الإسرائيلي المكثف على مخيم “جنين”، أو عدد الشهداء الفلسطينيين.
تلكم أظهر المذابح التي حدثت حتى خمسة أشهر مضت، وهذا هو تاريخ “طوفان الأقصى” الذي يعد مرحلة ذات خصوصية في تأريخ المذابح الفلسطينية لما شهدت من قتل وهدم غير مسبوقين، ولعل سرد هذه المذابح التي سبقته يفسر لنا بوضوح السبب الرئيس في قيام هذا الطوفان المبارك، فقد بلغت الروح الحلقوم وضجت الأجسام والعقول من كثرة ما تجد من تضييق وضغط ووحشية وتعذيب، فكان لا بد من متنفس يعبرون به عن ذاتهم ويقولون للعالم أجمع: نحن أصحاب الأرض، نحن أصحاب العزة، نحن أصحاب الصمود.
اقرأ عن: أحداث العدوان
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.