سبب ارتفاع درجات الحرارة
يوم 6 يوليو أعلنت منظمة الطقس العالمية إعلانًا في منتهى الخطورة، إعلانًا وصفه البعض أنه علامة من علامات نهاية العالم.
الحكاية بدايتها ترجع إلى القرن الـ17، تحديدًا في دولتي “البيرو” و”الإكوادور”، زي ما أنتَ عارف إن دول الدولتين الوحيدتين في قارة أمريكا الجنوبية اللي بيقعوا جنوب خط الاستواء وليهم سواحل على المحيط الهادي، وبسبب موقع الدولتين الجغرافي دا، اشتغل معظم أهلها بالوقت دا في مهنة “الصيد” فكانوا عارفين ومدركين مواسم الصيد كلها وبيراقبوا حركة البحر.
فأنتَ كل ما بتقرب لخط الاستواء كل ما الحرارة بتزيد وبناء عليه حرارة “المياه” برضه بتزيد، فمياه السواحل دي طول الوقت كانت ليها درجة حرارة معينة وإنها “دافئة” طول السنة مهما كان الفصل المناخي اللي بتمر بيه الأرض، عشان كدا بيطلق عليها “مياه استوائية” عمومًا.
لحد ما بدأ يلاحظ الصيادين إن درجة حرارة المياه بتتغير، واتسجل دا لأول مرة في القرن الـ17 إن بيحصل ظاهرة غريبة شوية، تقلبات غريبة في درجة الحرارة بتحصل جوة المياه على الشواطئ، التقلبات دي من شأنها تغيير العالم كله حرفيًا. يعني لاحظوا إن أحيانًا بتكون المياه أبرد من المعتاد، وأحيانًا تانية بتكون “سخنة” جدًا أكتر من المعتاد برضه.
تستمر كتابات الصيادين وتسجيلهم للحالات الشاذة دي للمياه، عشان يكتشفوا إن الظاهرة دي مش بتحصل بصورة مستمرة، ومش كل سنة، يعني ممكن تحصل سنة وممكن سنتين وراء بعض، وممكن متحصلش لمدة عشر سنين وأكتر.
بيضيف الصيادين إن “الأسماك” والمخلوقات البحرية في فترات حدوث السخونة الرهيبة دي للمياه بتكون مش موجودة، بتختفي تمامًا، عشان يأكدوا –وفق وجهة نظرهم وقتها– إن الأسماك مش بتقدر تتأقلم ولا تتكيف مع درجات الحرارة العالية زي البشر بالظبط.
ظاهرة النينيو والنينا
الصيادين بكتاباتهم وتسجيلاتهم للظواهر دي وخصوصًا السخونة الشديدة والبرودة الأشد، قدروا يجددوا مصطلحات يوصفوا بيها درجة حرارة المياه في ظل التغيرات دي.
يعني لو باردة أوي بيطلقوا على درجة حرارة المياه في الوقت دا “نينيا”، ولو سخنة عن المعتاد بيقولوا “نينيو”، ووسطهم حطوا درجات مختلفة.
بس أخطر درجة وأكثرها رعبًا بتكون “النينيو” دي، الصيادين كانوا مش فارق لهم حاجة من تحديد درجات الحرارة دي غير أنهم يعرفوا وقت الصيد المناسب وغير المناسب.
فعلى الرغم مِن حقيقة الظاهرة دي وخطورتها، بعض العلماء بيشوفوا إن ظاهرة تغيير درجة حرارة المياه دي أدت زمان لاندثار حضارات زي “المايا” في أمريكا الجنوبية مثلًا.
أبرز تأثيرات ظاهرة النينيو والنينا
تغيير درجة حرارة المياه في المحيط مش حاجة بسيطة، لأنها بكل يسر كدا بتجر وراها كوارث كتير.
التغيير دا مثلًا يؤدي بالتبعية لتغيير في أماكن هطول الأمطار وكثافتها، يعني فيه أماكن فجأة بتلاقي “الأمطار” عندها تزيد جدًا، وأماكن تانية بتقل جدًا وبتوصل لدرجة “الجفاف” وأحيانًا التصحر.
أماكن تانية الجفاف وارتفاع درجات الحرارة ممكن يؤدي لحرائق كثيفة بالغابات، وأماكن تانية زي اللي حصل فيها أمطار كثيفة دي ممكن يحصل فيضانات.
يعني الموضوع مش بسيط، ناهيك بالضرر الواقع على المخلوقات البحرية كلها.
طبعًا بعد ما العلماء بدأوا يتابعوا الكوارث اللي ممكن تحصل نتيجة حدوث ظاهرة “النينيو” دي أو “النينيا”، بدأوا يركزوا طاقتهم وجهودهم لدراسة الظاهرتين واتخاذ الإجراءات المناسبة لمعرفة كيفية التصدي لها.
مثلًا لو درجة حرارة المحيط زادت نص درجة مئوية فإحنا كدا داخلين على “نينيو” ولو نقصت نص درجة مئوية إحنا كدا داخلين على “نينيا”.
ولو زادت أو نقصت أكتر من نص درجة فإحنا في مرحلة خطيرة وبيسموها السوبر “نينيو” أو السوبر “نينيا”.
كل دا جميل جدًا، بس ثواني ما دام الموضوع بيحصل من زمان ومش جديد، ليه العالم كله مقلوب؟
عشان تفهم ليه دا بيحصل لازم الأول أقولك إن العلم لما تدخل في الموضوع وأزاح كلام الصيادين دا على جنب، بدأ يركز في سؤال تاني خالص.
ليه السمك في وقت “النينيو” بيموت؟ وكانت الإجابة تكمن في “الرياح”ودا لب الموضوع يا رفيق.
بص معايا، بالظروف الطبيعية “الرياح” بتهب على المحيط فبتاخد المياه الاستوائية “الدافئة” تزيحها وتروح بيها على بقاع تانية من المحيط وتوصل بيها للمياه الباردة.
يقوم المحيط يخرج من العمق مياه تانية مساوية للي مشيت دي، عشان يوازن السطح بتاعه، المياه اللي بتخرج من تحت دي بتكون أصلًا “باردة” لأنها في العمق.
فبيحصل مش بس توازن في كثافة المياه، كمان توازن في درجة حرارتها، في حالة “النينيو” الموضوع بيكون متعلق بإن مفيش “رياح” باردة بتهب أصلًا فبتحتفظ المياه بدرجة حرارتها السخنة مما يؤدي لأن المحيط بيتحول لأنه يكون زي “البركة” السخنة مفيش حركة ولا تيارات مائية جوة المنطقة دي من المحيط.
مما يؤدي لإيه برضه؟ موت الأسماك لأن مفيش رياح جاية وجايبة معاها مياه من مكان تاني فيها “غذاء”، فكانت ببساطة بتموت من الجوع لأن كدا كدا العمق جوة لسه بارد. حلو جدًا، يعني النينيو كدا بتحصل بسبب توقف حركة الرياح أو ضعفها، بناء عليه دا بينذر بكارثة كبيرة جدًا.
أسباب ظاهرة النينيو والنينا
طيب، الموضوع دا بيحصل ليه؟ مع بداية الثورة الصناعية في أوروبا بدأت درجات حرارة الكوكب تعلى، واستخدام مصادر الطاقة المحروقة بيسبب ارتفاع في درجات الحرارة، واللي وصل في السنين الأخيرة إلى درجات غير مسبوقة على الأرض.
الارتفاع الساحق دا خلى علماء كتير جدًا يحذروا وبشدة إن الأرض مش داخلة على عصر “جليدي” زي زمان، وإنما داخلة على عصر “حراري” فيه هتزيد درجات الحرارة زيادة مهولة.
كل سنة بتزيد التنبؤات بدا بسبب حاجات زي الاحتباس الحراري، وثقب الأوزون، مع الانقلاب المناخي وتحذير العلماء من ذوبان جليد القطب الشمالي والحاجات دي كلها، اللي بتودينا لنقطة إن الكوكب دلوقتي خلاص مش مستحمل أي ظاهرة طبيعية ممكن تؤدي لارتفاع درجات الحرارة بالشكل دا.
خد بالك إن حاجة زي ذوبان القطب الجنوبي دي ممكن تؤدي لطوفان غير مسبوق يغرق الأرض كلها.
الأمور دي كلها خلت الدول الكبرى تجتمع وتعمل ما يطلق عليه “قمة المناخ” سنويًا من بداية سنة 2015 لحد النهادرا، لمناقشة السبل والحلول الممكنة كلها للخروج من الأزمة دي ومحاولة الإفلات منها.
الاهتمام الكبير دا بالظواهر المختصة بالمناخ، خلت ظاهرة زي “النينيو” تكون محل دراسة وفهم.
وعليه لاحظ العلماء مؤخرًا إن الظاهرة دي بتحصل في المحيط الهادي، وإن دا من شأنه على مدى سنة ويزيد يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة أكتر من المعتاد في العالم كله.
وبحسب العلماء فصيف 2024 هتشهد الأرض فيه درجات حرارة عالية غير مسبوقة بسبب “النينيو” دا.
يعني اللي بيحصل اليومين دول ما هو إلا مقدمة لشتاء “ساخن” وصيف أشد سخونة من ذي قبل.
شوف مدى دقة خلق الله، شوف ربنا سبحانه وتعالى خالق الأرض ومكيفها عشانك إزاي، وشوف فساد الإنسان فيها وصلنا لإيه؟
سبحان الله لبديع خلقه
مقالات ذات صلة
السعة الحرارية للماء والانضباط الكوني العظيم
التغيرات المناخية المعاصرة وتداعياتها السلبية
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا