الانحراف السلوكي عن القيم الأخلاقية
تعد القيم السامية والبعد عن السلوك الانحرافي نواة بناء جميع المجتمعات والحضارات وتقدمها، لأن الأخلاق دليل بقاء الأمم فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا، وهي العامل الأساسي لبقاء كرامة الفرد وصيانتها والحفاظ عليها.
مفهوم الانحراف وأنواعه
يعرف الانحراف بـ: كل ما تأتي به النفس من تصرف وسلوك، سواء صدر من كبير السن أو المراهق، وترتب عليه الضرر على شخصه أو غيره، والانحراف من الممكن أن يقسم إلى مفهومين:
الانحراف الأخلاقي
تصرف يصدر من الفرد ويكون مخالفًا للقيم الاجتماعية والحياء الإنساني، ويترتب عليه إلحاق الأذى به أو بغيره من أفراد المجتمع.
الانحراف في القيم
تصرف أو سلوك يقوم به الفرد ويكون نابعًا من قناعة داخلية موجودة فيه، ولا يشعر منه بأي تأنيب للضمير، ويكون فيه ضياع وقته وجهده وماله.
الفرق بين نوعي الانحراف في أن الأول يصدر من الفرد نتيجة عارض أخلاقي له بسبب أهواء النفس، وقد يقوم بالإعراض عنه وعدم ممارسته، أما الثاني نابع من داخل الفرد وقد يكون لديه قناعة داخلية به، لذا يصعب في بعض الأحيان تغيير مساره والأخذ بيده نحو السلوك الصحيح.
دلالة خطورة الانحراف
في بعض الأحيان يشكل الانحراف خطورة كبيرة، وذلك عندما يمارسه باعتياد رغم محاولات من حوله بالنصح له وهجر ما يأتيه من سلوك، ويكون ذلك من أشد أنواع الانحراف التي من الممكن تقويمها، لكن الانحراف الضعيف يمارس بعض سبل الانحراف، لكن على مراحل وغير دائم، أو يقوم ببعض أنواع السلوك المشين أي يمارس بعضه وليس جميع أنواع الانحراف، وقد يكون الشخص مهيأً للانحراف عندما يمارس السلوك السيئ لمرة واحدة فقط، لأنه قد يأتي بهذا السلوك فيما بعد، أما الشخص السوي غير المنحرف فهو لن يصدر منه أي نوع انحرافي طوال مراحل عمره ولا يسمح لنفسه بالتعرض له.
علامات الانحراف
هناك عديد من المؤشرات التي يمكن أن تكتشف منها انحراف الفرد مهما كان عمره سواء من مرحلة الصغر أو الكبر، مثل عدم التزامه في المدرسة في صغره وعدم حبه لها، وفي بعض الأحيان عندما يتطور الانحراف به قد يهرب من المدرسة، وعدم التزامه نهائيًا في حفظ الدروس وكتابة الواجبات، وكذلك لا يمارس الصلاة وعدم التزامه بتعاليم دينه السمحة، فقد يؤثر ذلك جديًا على انحراف سلوك الفرد، ودائمًا ما يكون الفرد المنحرف في بداية حياته كثير المصاريف المادية، ويحتاج إلى المال باستمرار رغم سنه الصغير.
والأكثر من ذلك فقد يقوم الفرد المنحرف بالتدخين في مراحل مبكرة من عمره، وعندما يشتد به الحال الانحرافي فقد يقوم بالسرقة مرضاة لأهوائه ونزواته.
عوامل الانحراف السلوكي وأسبابه
- الفراغ: وذلك لأن الفراغ يفتح مجالًا كبيرًا في حالة عدم استغلاله استغلالًا صحيحًا إلى حدوث الانحراف.
- التفكك الأسري: التفكك الأسري واحد من الأسباب التي تؤدي إلى الانحراف، بسبب ما يشعر به الأبناء من أثر التفكك، كما قد يصحب ذلك التفكك إهمال أو تدليل زائد وغير ذلك من الأمور التربوية الخاطئة.
- الأصدقاء: الأصدقاء أحد العوامل المهمة في الانحراف، في الغالب لا ينحرف شخص بمفرده، لا بد من رفيق أو صديق يصاحب تلك العملية ويؤثر في الشخص.
- البيئة: البيئة عامل مساعد في ضبط التصرفات والسلوكيات في إطار معين، وفي الأغلب يتصرف الشخص في هذا الإطار، فإن كانت البيئة محفزة للسلوكيات السوية والقويمة، فهو في الغالب سوف يعود بالخير على صاحبه، والعكس أيضًا لو كان في كنف بيئة غير سوية فإنها لا تحفز على السلوك القويم.
- الفقر: الفقر عامل مساعد أحيانًا في حدوث الانحراف.
- المال دون ضوابط: يعتبر سببًا من أسباب الانحراف، ومؤدٍ له.
- الحرية غير المسؤولة: قد تؤدي كذلك للانحراف.
- غياب دور الأسرة: إذ تؤدي الأسرة دورًا هامًا ورئيسيًا في إصلاح الفرد وتنشئته تنشئة صحيحة.
سبل مقاومة السلوك الانحرافي وعلاجه
- هناك عديد من مراحل التوعية التي يمكن أن يقوم بها المجتمع، بتعاليم دينه الصحيح التي تبث روح الطمأنينة والحياة الأخلاقية السليمة، التي بدورها تبث روح الطيبة وحب الآخرين والتضحية والإيثار على النفس، وطاعة الوالدين والأخذ بيدهم، وكذلك تشكيل نواة تعليمية لفرد صالح يكون مستقبلًا أداة جادة في خدمة وطنه ومجتمعه، ويحب سبل التعلم ويجتهد فيها وصولًا إلى أن يكون إنسانًا ناجحًا.
- الانشغال الفكري بما ينفعه يكون أداة هامة لمواجهة أي سلوك انحرافي، فالفرد غير مهتم إلا بما ينفعه من دراسة وقيامه بالصلاة وخدمة والديه.
- لا بد من تحسين مستواه الأخلاقي وتنمية روح الاعتماد على النفس لديه وإحساسه بالمسؤولية.
- مصاحبة هذا الفرد، وحاول أن تعرف الأسباب التي ساعدت في انحرافه وتغلب عليها وساعده في عدم الاقتراب منها.
- المحاولة في جعله شخصًا اجتماعيًا يحب الآخرين ويقوم بخدمتهم، ويعمل على قضاء حوائجهم ولا يبتعد عنهم ويؤثر نفسه عليهم، ولا تتحدث معه عن ماضيه السيئ ولا تكون دائمًا ذاكرة له بما يعانيه من ضعف أخلاقي، ولا تدخله في مقارنات دائمة بغيره لا فائدة منها.
- أحسن معاملته وأبدِ احترامًا شديدًا له، وحافظ على سره وما يبديه لك من أسرار ولا تذع سره للآخرين، وكن دائمًا مهتمًا بأمر صاحب السلوك المنحرف وأنك في خوف على مصالحه، وتعرف على أحواله أولًا بأول.
الأفضل من ذلك عندما يعتاد عليك فقد يحكي لك جميع تصرفاته دون خجل وقد يستمع لنصائحك له، ومن ثقته بك وعلو منزلتك عنده فقد يهجر هذا السلوك، واهتم دائمًا بصلب المواضيع التي تشغله بعيدًا عن بعض الأمور الفرعية التي قد لا يكون فائدة منها.
مقالات ذات صلة:
هل يمكن تفسير السلوك أنه نتيجة برامج مخزنة في المخ؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا