فيلم سبليت .. على أرض الواقع
لما نزل فيلم سبليت لأول مرة سنة ٢٠١٧، بدأت الناس تتكلم عن البطل اللي بيعاني من انفصام لعدد ٢٤ شخصية جواه، وعن قد إيه الممثل جيمس مكفوي قدر إنه يعملها بحرفية، لكن غالبية الكلام كان عن إنها قصة خيالية من باب الغموض والرعب.
إلا إنك هتتصدم لما تعرف إن قصة الفيلم مستوحاة من قصة حقيقية، ودا تصريح المخرج نايت شيامالان، اللي كان واحد من ضمن ملايين الناس اللي تابعت واحدة من أكبر القضايا الجنائية اللي حصلت في تاريخ الولايات المتحدة في السبعينيات.
في البداية خالص كان فيه واحدة ست اسمها دورثي ميليجان متجوزة في أوهايو، حصلت بينها وبين جوزها مشاكل فاتطلقت، وانتقلت إلى ميامي عشان تتجوز واحد تاني اسمه جوني موريسون، ويوم ١٤ فبراير لسنة ١٩٥٥م رزقت دورثي بمولودها التاني وسمته ستانلي، وبعدها خلفت واحد تالت عشان يبقى المجموع ٣ أطفال في أسرة سعيدة.
يقال إن مواليد شهر فبراير إما عباقرة أو مجانين
لكن الأسرة مكانتش سعيدة خالص للأسف، ستانلي أو “بيلي” وهو لسة بيخطو خطواته الأولى كان أبوه تحول وبقى مدمن قمار وخمرة، بيضرب أمه وكل يوم مشاكل وزعيق، وقبل ما بيلي ينطق بابا، كان بابا بتتكاتر الديون عليه وبيحاول ينتحر بالحبوب المنومة مع الويسكي.
فشلت محاولة انتحار الأب الأولى، لكنه قدر إنه يحبس نفسه في عربيته ويخلي الشكمان يسرب جواها، عشان يصحوا الصبح يلاقوا الأب ميت بالاختناق بأول أكسيد الكربون، هروبًا من دائنيه وفشله المستمر.
دورثي لما جوزها انتحر وبقى في أرابيزها كوم لحم، قررت إنها تاخد العيال وترجع أوهايو عشان ترجع لجوزها القديم، وفعلًا عملت كدا، عشان ترجع لمدة سنة واحدة بس ويقرروا ينفصلوا تاني، فتروح دورثي تتجوز راجل تالت خالص: “كالمر ميليجان”، ودا أب عازب عنده بنتين من نفس بلدها تعرفت عليه وتجوزته بسرعة عشان يتنقل بيلي لبيته الجديد وهو لسة سنه صغير كدا، من بيت لبيت ومشاكل وضرب وانتحار، كتير على الطفل دا.
اقرأ عن: الفِصام
الاعتداء الجنسي دائمًا السبب
كان ممكن بيلي يعيش حياة عادية في بيت جوز أمه الجديد، لكن الطبطبة اللي كان العم كالمر بيغرق بيلي بيها، كانت بتزيد يوم عن يوم لحد ما وصلت للتحرش، وتحول التحرش الجنسي لعلاقة منحرفة مع الطفل بيلي بالغصب، واتضح إن كالمر سادي، المشكلة إن بيلي لما كان بيرفض ومش فاهم إيه دا أصلًا ولا فاهم يعني إيه جنس، كان بيواجه عقاب من العم كالمر نتيجة لرفضه دا، كان بيتدفن حي، أو بيتعلق من صوابع إيديه ورجليه، واستمر العقاب والاغتصاب يوميًا على مدار سنين ودورثي مش مهتمة، لحد ما قرر عقله إنه يثور على الوضع دا.
شخصيته فجأة حصل فيها انشقاق، وانفصلت، وبقى عدائي جدًا وتصرفاته مريبة، مكنش فيه مكان بيروحه إلا لما يعمل هناك مشاكل، الأمر اللي أدى في النهاية إن دورثي تحاول تشوف ماله، ولما معرفتش قررت توديه مصحة نفسية، في المصحة شخصوه في البداية على إنه عنده عصاب هستيري، لكن مقدروش يستحملوا غرابته أكتر من شهر واحد وطردوه برة المصحة.
حاول بيلي بعد كدا إنه يكمل في المدرسة الثانوي بتاعته، لكن اتطرد منها هي كمان لسوء تصرفاته فيها، ملقاش قدامه إلا إنه يتطوع في القوات البحرية الأمريكية (NAVY)، لكن ودون مقدمات بعد شهر واحد من التحاقه بيها اتطرد بحجة إنه لا يقدر على الحياة البحرية.
بداية الأحداث
فجأة لقى بيلي نفسه من غير مستقبل، حياة مظلمة كدا، وفي عز ما كان زعلان من طرده من البحرية قابل صاحب ليه وقرروا يسهروا سوا، فصاحبه أخد عربية أبوه ولفوا بيها وسكروا شوية وبعدين تقابلوا مع بنتين وعرضوا عليهم توصيلة، وخلص اليوم وروح بيلي البيت وكله تمام.
يعدي يوم، ويلاقي بيلي نفسه مقبوض عليه من البوليس وهو ميعرفش ليه، عشان يتفاجأ إن بنت من البنتين اللي وصلوهم بلغت إن بيلي اغتصبها بقسوة، بيلي وصاحبه رغم إنه كان متفاجأ بالاتهام دا قالوا إن البنتين دول بنات ليل، وإنها عملت كدا عشان مدفعوش فلوس، لكن القاضي لما شاف بيلي وغرائب أطواره مقتنعش إنه برئ وحكم عليه بـ٦ شهور في مخيم زانيسفيل الإصلاحي للشباب.
قضاهم بيلي بالطول والعرض وخرج، لكن بقى غريب أكتر وأكتر، ومحدش بقى عارفله حاجة.
أواخر سنة ١٩٧٤م الظاهر للعيان إن بيلي تغير تمامًا، فجأة بقى واحد تاني خالص، بقى بيشتغل حارس شخصي لتاجر سلاح ومخدرات وبيسهل له عمله، وبقى بلطجي، في يوم وهو قاعد في الاستراحة بتاعت الباص كان فيه راجلين شواذ لابسين لبس ستات وشايلين شنط، فاتفاجأوا ببيلي بيضربهم ويسرق شنطهم، وبعدها بيتسرق محل أدوية كبير في لانكستر واسم بيلي ميليجان بيدخل في قايمة المتهمين، عشان يتقبض عليه ويعترف بالجريمتين ويتسجن لمدة سنتين، والغريبة إنه ساعات بينكر وساعات بيعترف.
بيخرج بيلي سنة ١٩٧٧م بعفو مشروط، وفي نفس السنة بعد كام شهر بس يقتحم بيلي سكن جامعة أوهايو ويغتصب ٣ بنات هناك.
الخبر كان إن ٣ بنات بلغوا عن راجل بمواصفات متشابهة إنه قام بالاعتداء عليهم واغتصابهم جنسيًا في نفس اليوم، لكن الغريب في القصة إن البنات وصفوا شكل واحد لكن شخصيات مختلفة، واحدة قالت إنه كان بيتكلم بلهجة المانية، والتانية قالت إنه كان لطيف جدًا فعشان كدا واعدته، والتالتة قالت إنه كان بيتكلم بلهجة بريطانية منمقة زي الأمراء، ووقعت الشرطة وقتها في حيرة.
لكن لسوء حظ بيلي إن واحدة من الـ٣ تعرفت على بيلي من صورته في سجلات الشرطة لأنه كان مسجون قبلها، وبالمقارنة بين بصمته جوة السجن وبصماته على عربية البنت التانية اتضح إنه بيلي، بس إزاي والشخصيات مختلفة؟ أخيرًا هجموا على سكنه وفتشوه لقوا عنده مسدسات ودا بيخالف شروط العفو، فتحفظوا عليه وواجهوه بالجريمة، لكن المفاجأة إنه أنكر بصدق أي معلومة عن الجرايم دي.
المحقق وقتها كان هيتجنن، قال في التحقيقات إنه كل مرة كان بيحقق معاه كان بيحس إنه قاعد مع شخصية مختلفة واسم مختلف، وشخصيات مختلفة تمامًا عن بعضها، فلما معرفوش يطلعوا منه باعترافات أو قضية حتى واحتاروا، ملقوش إلا إنهم يستشيروا دكتور نفسي اسمه جورج هاردينج مدير مستشفى هارندج في ورثينجتون، واللي بدوره استغرب الحالة دي فقرر إنه يقعد شهور يتابع حالته بنفسه بكل الطرق النفسية.
في النهاية خرج تقرير دكتور جورج إنه مصاب باضطراب تعدد الشخصيات، ودا كان دليل كاف على إنه هو فعلًا اللي قام بالجرايم دي لكنه ماكنش مسؤول عن أفعاله، لكنه عملها فعلًا، فتحولت القضية إلى المحكمة.
في المحكمة بقى، استخدم محامي الدفاع عن بيلي التقرير النفسي والمرض ولعب على النقطة دي، إنه من الآخر مكنش واعي أو مش مدرك ولا مسيطر على نفسه وقت ارتكاب الجريمة، بمعنى تاني بيلي مظلوم لكن اللي جواه اللي مسيطرين على شخصيته عملوها، ودا خلى المحكمة في حيرة بين إنها تحكم بسجنه فتظلم بيلي الحقيقي، أو تخرجه براءة فتظلم الضحايا، وتحولت القضية لقضية رأي عام، وبعد جلسات ومناقشات وبرامج تلفزيونية وتقارير صحفية، المحكمة شافته غير مذنب وحكمت له بالبراءة، لكن في نفس الوقت حكمت بانعدام أهليته وقررت تحويله إلى مستشفى أثينز للصحة النفسية عشان يتعالج.
بيلي أول واحد يخرج براءة من قضية بسبب مرض الفصام، وكانت سابقة في وقتها إنك مجرم وبرئ في نفس الوقت، وتخرج براءة حتى وأنت جاني في جريمة بالشهود والدليل، والدنيا اتقلبت.
أما عن بيلي فدخل المستشفى النفسي تحت إشراف دكتور اسمه ديفيد كول، وركز ديفيد مع بيلي بشكل شخصي وقرر إنه يدرسه من الألف للياء عشان يشوف آخره إيه، ويحاول يشوف إيه المشكلة والمرض الحقيقي ويعالجه.
وقت التشخيص بقى كانت الغرابة كلها، د. ديفيد شخّص بيلي بالفصام، لكن أعلن في تقريره إن الفصام عبارة عن انقسام شخصيته لـ٢٤ شخصية كاملة، ١٠ أساسيين و١٤ ثانويين، بمعنى تاني جسم بيلي كان عبارة عن قرية فيها ٢٤ شخصية مختلفة عن التانية، والمشكلة الأكبر إن كل شخصية بتتميز بحاجة ماكانتش جوة بيلي نفسه أو متعلمهاش، ودا اللي زاد في غرابة الموضوع.
اقرأ أيضاً: الاضطرابات النفسية، ما هي؟ وما أسبابها؟
الشخصيات كانت:
- بيلي ميليجان: الشخصية الحقيقية بالاسم الحقيقي واللي كان شخص ملوش في أي حاجة، واحد طبيعي يعني.
- آرثر: ارستقراطي إنجليزي لبق، مثقف ومتعلم تعليم عالٍ، خبير في العلوم وطبيب بشري، كان بيفهم في الطب زي أي دكتور بالمصطلحات والتشريح، ودا غريب على بيلي جدًا كونه ما درس طب، وآرثر كان واحد من ضمن شخصيتين ليهم تحكم كامل في تحديد الشخصية الرئيسية من الثانوية، يعني بيختار مين يفضل في جسم بيلي ومين يمشي.
- راجين فادسكوفينش: البلطجي، يوغسلافي الجنسية، وهو اللي عمل جريمة السرقة وهو اللي اشتغل حارس شخصي لتاجر المخدرات، الغريبة إنه كان بيتكلم وبيكتب باللغة الصربية زي أهل البلد، مع إن بيلي مخرجش برة أمريكا، كمان كان جسمه قوي جدًا وبيبان دا على بيلي لما بيسيطر عليه راجين كأن جسمه بيتحول، واعترف راجين بالجرايم إلا إنه أنكر جريمة الاغتصاب ومكنش يعرف عنها حاجة.
- ألين: فهلوي، بيعرف يتكلم ويتعامل مع العالم الخارجي ولمض كدا، محترف عزف على الطبلة ورسام مع العلم إن بيلي لا عمره رسم ولا طبّل، والغريب أكتر إنه كان أيمن وبيكتب باليمين كويس أوي على عكس الشمال، وبعكس بيلي وباقي الشخصيات اللي كانوا شول، وكان الوحيد اللي بيدخن، يعني بيشرب سجاير عادي لكن لو أي شخصية تانية شربت بتكح.
- تومي: شبه ألين شوية لكنه كان بيعرف يهرب وفنان في التملص، كان موهوب في الساكسفون وخبير في الإلكترونيات، ومتفهمش إزاي عقل بيلي علم نفسه كل دا من غير ممارسة.
- داني: راجل مريض بالخوف من البشر والرجال تحديدًا، رسام لكنه بيرسم رجالة بس، ودا لأنه قال إن كالمر ميليجان جوز أمه عقده من الرجالة عشان أجبره يحفر قبر بإيده ويدفن نفسه فيه.
- ديفيد: أو حارس الألم، بيظهر في جسم بيلي عشان ياخد أي ألم أو صدمات بتحصله، وبينجح في ده، تخيل لو ضربت بيلي رصاصة هيظهر ديفيد يعيط ويصرخ شوية وبعدين ييجي مكانه أي حد كأنك مضربتوش بورقة حتى!
- كريستين: بنت عندها ٣ سنين، ظهرت أيام ما كان بيلي في المدرسة وكانت بتظهر لما كان بيلي بيقف يتذنّب في زاوية الفصل عشان تتذنب مكانه.
- كريستوفر: أخو كريستين والغاية من وجودها، أو مشرّع وجودها يعني، وبيعرف يعزف على الهارمونيكا بحرفية.
- أدالانا: بنت شابة ليزبيان أو مثلية الجنس، موهبتها في إنها طباخة شاطرة وبتنضف البيت بتاع بيلي.
دول العشر شخصيات الرئيسية اللي كانوا بيظهروا كتير في جسم بيلي، الـ١٤ شخصية التانيين كان “آرثر” و”راجين” بيرفضوا خروجهم لأنهم لما ظهروا مرة واتنين كسروا القواعد اللي حطوها للشخصيات دي، وكانوا بيظهروا بس بشكل نادر، وهم:
- فيل: رجل العصابات والمافيا.
- كيفين: العقل المدبر للجرائم، واللي المخرج شيامالان اختار اسمه عشان يكون الشخصية الرئيسية في الفيلم.
- والتر: أسترالي.
- آبريل: كانت بتغير من أم بيلي وبتسعى لتدميرها.
- صاموئيل: يهودي.
- مارك: كل مهمته إنه بيخرج يبحلق للحيطان بس، تقدروا توصفوه إنه وضع الطيران بتاع بيلي.
- ستيف: منتحل الشخصيات وبيدعي إنه أي شخصية من اللي فوق دول أو أي شخص خارجي.
- لي: ساخر وشقي وبيعمل مقالب في الناس.
- جايسون: بيخرج عشان يفرغ التوتر بين الشخصيات أو يفض خناقة بينهم جوة بيلي.
- بوبي: رومانسي وحالم وعايز يعمل أي مغامرة.
- شون: طفل عنده ٤ سنين ومبيسمعش، وفعلًا مكنش بيسمع حتى في اختبارات السمع في المستشفى.
- مارتن: شاب غني ومتكبر من نيويورك.
- تيموثي: شغال في محل ورد.
- المعلم: أهم شخصية في الـ٢٤، بطل خارق والأب الروحي لكل الشخصيات دي، قوته في إنه بيدمج الشخصيات كلها في بعض، والوحيد اللي عارف كل شخصية بتعمل إيه وعنده علم بكل حاجة بيعملوها.
دكتور ديفيد كول حاول إنه يعالج بيلي بإنه يحاول يدخل كل الشخصيات في بعض فيكونوا شخصية بيلي في النهاية، لكن وجود المعلم في بيلي خلى الموضوع يفشل كونه أصلا بيدمجهم في بعض.
المعلم مكنش بيظهر بشكل كامل في وعي بيلي، لكنه كان بيظهر مساعد لشخصية تانية، يعني آرثر مثلًا بيتكلم فتلاقي المعلم موجود وبييجي ويتكلم معاه، دا غير إن المعلم دا هو اللي ساعد على تطور كل شخصية جوة بيلي وتقوية مهاراتهم، لكنه في النهاية مبيظهرش بشكل كامل.
حالة بيلي كانت غريبة فعلًا، إزاي يقدر العقل إنه يعمل كدا لدرجة تعليم الشخصيات ماضيها المصطنع بالحرفية دي؟ يعني إزاي الرئة بتاعته بتتقبل النيكوتين في الشخصية المدخنة وتتقلص في شخصية مبتدخنش مثلًا؟ إزاي بتعلمه لغة أو مهارة مكانتش عنده ومبتظهرش إلا مع الشخصية صاحبتها؟
شخصية المعلّم ظهرت أول مرة سنة ١٩٧٨م لما دكتور ديفيد سجل محادثة لنفسه مع راجين اليوغوسلافي وبعدين سمعها لبيلي، وبيلي اللي مكنش عمره قابل شخصياته اتصدم، فالمعلم أجبر على الظهور عشان يساعد على تقبل واندماج بيلي مع حقيقته وشخصياته.
بعد كدا، لما ظهر المعلم، د. ديفيد سمح لبيلي إنه يخرج من المستشفى من غير مراقبة، لكن بيلي رجعتله الحالة وبدأت الشخصيات تظهر تاني، وبدأ أهل المنطقة والمستشفى يرفضوا إطلاق سراحه خوفًا على نفسهم، خصوصًا إن بيلي تعاطى مخدرات لما خرج وباع لوحاته واشترى عربية، ومع الزن على المحلفين في المحكمة لتصرفات بيلي اللي بتشكل خطر أمني أمروا بنقله إلى مستشفى ليما النفسي سنة ١٩٨٠م.
هناك بيلي وصف المستشفى إنها زي بيت الرعب وكان بيخاف يقعد فيها، ولِحظه حولوها إلى سجن ونقلوه إصلاحية دايتون، ومنها على مستشفى وسط أوهايو النفسي، وهناك طلعوا بتقرير إن بيلي مبيشكلش خطر أمني على المجتمع ورجعوه على مدينة أثينز اللي فيها مستشفى دكتور ديفيد تاني.
قعد هناك شوية لحد ما جه بلاغ ضده بأنه كان سايق عربية في أثينز وضرب نار من مسدس، فرجع المستشفى، وفضلوا ينقلوه من مستشفى للتانية وكان بيقدر يهرب منهم، لحد ما في سنة ١٩٨٦م هرب من مستشفى وسط أوهايو وساب شريط فيديو في كولومبوس بيقول فيه إنهم بيعذبوه في المستشفى وأذاعته القنوات المحلية، واتقبض عليه بعدها بكام شهر في ميامي ورجع على المستشفى.
لحد ما سنة ١٩٨٨م الخبراء النفسيين اتفقوا على إن شخصيات ميليجان أخيرًا اندمجت في بعض وإنه بقى كويس، وأطلقوا سراحه وشالوا عنه المراقبة تدريجيًا لحد ما اختفت سيرته تمامًا سنة ١٩٩١م.
ظهر في كاليفورنيا بشكل جزئي خبر عن اجتماعه بجيمس كاميرون وليوناردو ديكابريو عشان يناقشوا تحويل قصته لفيلم، لكن الفيلم متعملش وقتها واختفى تاني.
سنة ١٩٩٦م كان بيلي افتقر، والقاضي في كاليفورنيا شاف إن بيلي ميليجان مش قادر يعول نفسه، وكان قبلها تحديدًا سنة ١٩٨١م ظهر كتاب باسمه تأليف الصحفي دانيال كييز، اللي قابله واتفق معاه على تحويل قصته إلى كتاب، الكتاب دا حقق أعلى مبيعات، فالقاضي سنة ١٩٩٦م حكمله ب١٢٠ ألف دولار مصاريف ليه ولعلاجه من أصل ٤٥٠ ألف دولار أرباح الكتاب بتاعه، أخد الفلوس واختفى، وسنة ٢٠٠٠ أعلن بيلي إفلاسه تمامًا في سان دييجو واختفى تمامًا بعدها.
حاول الباحثين سنة ٢٠١٤م يدوروا وراه ويشوفوا راح فين، الصحفي كييز قال إنه متكلمش معاه من ١٠ سنين، ودكتور جورج هاردينج أول دكتور نفسي ليه مشافوش من ساعتها، ودكتور ديفيد كول مات من ١٩٨٨م، أخت بيلي مكانتش عارفة عنه حاجة وهاجمت المستشفيات اللي عالجته، لأنها قست عليه وعذبته على حد قولها.
في النهاية، لقوا بيلي ميليجان، لكنه كان توفي بالسرطان في دار رعاية للمسنين سنة ٢٠١٤م عشان تنتهي سيرته للأبد.
طبعًا بعد كدا ظهر فيلم (split) اللي أخد تقريبًا القصة بعد تعديلها، حتى إنه استخدم اسم من أسامي الشخصيات واشتغل عليها، وكان نفس عدد الشخصيات ٢٤ ونفس عدد البنات المختطفة ٣، ونفس ظروف النشأة تقريبًا، غرابة القصة الحقيقية في مجرياتها وشخصياتها المتعددة، وإن الجسم بيطور نفسه مع كل شخصية مختلفة.
هنا الباحثين بدأوا يتكلموا عن هل المرض دا مرض فعلًا ولا قدرة خارقة؟ ودي تقريبًا الفكرة اللي ناقشها الفيلم في المجمل، بعيدًا عن إن فيه بعض الباحثين اتهموا بيلي ميليجان بأنه بيمثل وعمل كدا عشان ميتحبسش، وبعيدًا عن كم الكتب والوثائقيات والجرايد اللي تكلمت عن شخصيته وحالته يعني.
اقرأ أيضاً: من تاريخ الطب النفسي
عايز تنبهر أكتر بالمرض وبالعقل البشري؟
طيب في ٢٠١٥ وقبل عرض الفيلم بسنتين، ظهرت حالة تانية في ألمانيا لمريضة اسمها (B.T)، وللعلم تم الإشارة إليها في الفيلم على لسان البطل وهو بيحاور الدكتورة.
الست (B.T) دي وهي عندها ٢٠ سنة وسايقة عربيتها عملت حادثة كبيرة جدًا كسرت عضم جسمها وعملتلها (damage) في مخها أفقدها البصر، يعني الحتة المسؤولة عن البصر في مخها باظت ومستحيل كانت تفتح تاني.
المهم حاولت الست دي تتأقلم مع الوضع، بس للأسف الحادثة والظروف دول أصابوها بمرض الـ(Multiple Personality Disorder) أو الاضطراب الانفصالي، دا من كام سنة لما بقى عندها ٣٧ سنة، وتتحول (B.T) لعشر شخصيات جوة جسمها.
المفاجأة بقى كانت في ٣ شخصيات جواها، الـ٣ شخصيات دول كانوا بيشوفوا!
نعم؟!
آه والله زي ما بقولك كدا، لما الشخصية المفتحة كانت بتركب جسم البنت كانت بتفتح وتقدر تشوف عادي زينا ولما تمشي ترجع عمياء، لدرجة خلت الدكاترة يفحصوها من تاني ويقولوا دون اقتناع إن العمى يمكن يكون نفسي، مع إن المنطقة المسؤولة فعلًا متدمرة، لكن مفيش تفسير تاني، لدرجة إنهم قالوا إن من كتر تصديق جسم المريضة للشخصية المفتحة، فالمخ طوّر وأعاد نمو الخلايا الميتة من تاني، حاجة كدا معجزة فعلًا.
في النهاية، هل فعلًا المرض النفسي شيء بسيط؟ هل بنقدر نفهم العقل البشري كويس ولا لأ؟ هل المرض النفسي مرض فعلًا ولا قدرة؟ محدش عارف، لكن اللي نعرفه إنه منستهونش بأي مريض نفسي مهما كانت حالته.
اقرأ أيضاً: علاج الألم النفسي .. من أين نبدأ؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا