سؤال وتساؤلات.. ونفوس حائرة
بين السؤال والتساؤلات في عام جديد تبقى القلوب حائرة والعقول مشتتة والنفوس مضطربة.
أما السؤال فهو: كيف نحقق معادلة القناعة والرضا بما قسمه الله لنا في أيام حياتنا القصيرة؟!
سؤال واضح محدد غير مبهم، لكنه سؤال ولدت من رحمه تساؤلات حائرة، تكمن حيرتها في غموض تفاعل النفوس البشرية معها، تلك النفوس التي حادت عن جادة الصواب وارتدت أقنعة التمرد والعصيان والسخط والغضب والحقد الدفين.
تساؤلات لأصحاب النفوس الخبيثة
التساؤلات الحائرة تبقى ضبابًا يغلف الأفق بقناع من الكآبة، المتمثلة في إدمان الحيرة وعدم الفهم والارتباك، وهي تساؤلات موجهة لبعض النفوس تتمثل في:
- هل تعلم تلك النفوس معنى السعادة في هذا العالم؟!
- هل يمكن أن يختفي الحقد من أعماق قلوبها؟!
- هل يمكنها يومًا ما أن تكف عن الشكوى والإحساس الدائم بالشك والريبة وسوء الظن بالآخرين؟!
- هل تؤمن بأن هناك من هو أكفأ منها وأجدر؟!
- هل تحب الخير للناس حبه لنفسها؟!
- هل تؤمن بفكرة الاندماج والتعايش لا التناطح والتصادم؟!
- هل تستطيع أن تنام يومًا ما مرتاحة البال مطمئنة النفس راضية عن ذواتها؟!
- هل تستيطع أن تقهر شهوة الطمع وسطوة الغرور وسيطرة الأنا التي استبدت بها؟!
علامات النفوس الخبيثة
تساؤلات حائرة، وتكمن حيرتها في كونها تكبل النفوس البشرية بقيود العجز وقهر إرادتها الحرة، حتى تحولت تحت وطأة هذا القهر إلى “جثث” تتحرك على الأرض، وجودها مادي فقط، عقولها عفنة وقلوبها تحللت، فغدت كيانات هلامية وجودها والعدم سواء، تلك الكيانات الهلامية –رغم وجودها الجسدي– إلا أنها لا تمتلك إجابات شافية وافية عن التساؤلات الحائرة، فتلك الكيانات هي نفوس:
- سعادتها أن تصنع الحزن في قلوب الآخرين، بل وتستمتع بلذة ذلك!
- تعتز بالحقد والغل وكراهية البشر، بل وترى في ذلك متعة الوجود الأولى!
- ترى الشكوى والإحساس الدائم بالقهر والتربص ملازمًا لها، ولذلك فهي تعشق أن تسبح للصيد في الماء العكر، إذ لا يمكنها أن تتطهر يومًا ما من الخبث والعفن!
- ترى أنها الأكفأ والأجدر دائمًا، وأن قدراتها ومهاراتها وإمكانياتها “حصرية”، وإن تميز غيرها يومًا تراها بومًا تنعق وأقلامًا قذرة، لا تكف عن الإيذاء والتربص والادعاء الباطل على الشرفاء، تحت مسمى أنا فقط من أمتلك القدرة وغيري “جهلاء” وُسِّد الأمر إليهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
- ترى ذاتها عدوها الأول، إذ توغل الحقد في أعماقها فعميت القلوب بعدما فقدت العيون حاسة البصر المميز بين الحق والباطل!
- ترى التغريد بعيدًا عن السرب تفردًا، وترى الاعتداد بالرأي الذاتي الأحمق تميزًا، وترى الاندماج في الكيان الواحد إهانة للذات، وترى الأنا فوق الجميع!
- ترى الراحة حلمًا بعيد المنال، وكيف لها أن تصل إلى شاطئ الراحة وسفينة الحياة لديها تبحر في مياه عفنة، أمواجها الغل والحقد والتربص، وهي نفوس لا تعرف النوم، فهي يقظة ليل نهار تدبر المكائد والدسائس والفتن لكل خلق الله!
- نفوس رغم ثرائها المالي يقهرها الفقر المعنوي، فقر القناعة والرضا بما قسمه الله وقدره لها!
- نفوس رغم علو قدرها يقهرها شعور دائم بالنقص، إذ ترى مواضعها أقل من قدراتها، فتطمع في مزيد ومزيد بالحقد والمكر والغل!
- نفوس لا تعرف الأمل، لأنها عشقت العفن، فغدت نفوسًا كتب عليها الشقاء الأبدي وصارت للشيطان عونًا ودعمًا وسندًا!
هل تصبح النفوس الخبيثة يومًا نفوس طيبة؟
هل لهذه النفوس أن تمتلك يومًا ما مفاتيح السعادة وراحة البال؟!
هل لها أن تقهر سطوة ذاتها لتعود إلى السباحة في مياه النقاء والصفاء؟!
هل لها يومًا ما أن تستمع إلى تأنيب الضمير ذلك المستكين الذليل المريض المنحدر بأعماقها والذي لا زالت لديه بارقة أمل في حياة جديدة؟!
هل؟ وهل؟ وهل؟ وهل؟
ليت النفوس الحائرة تصل إلى شاطئ الراحة والأمان، رحمة بها وبنا.
مقالات ذات صلة:
النفس في الفلسفة والعلم والدين
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا