مقالاتمنطق ومعرفة - مقالات

نحو معايشة للمنهج النقدي

يقوم المنهج النقدي على استخدام مجموعة من الأدوات المنطقية والعلمية للوقوف على سلبيات وإيجابيات موضوع ما، وهو ما يمكن أن يطلَق عليه عملية التقييم، وذلك بهدف التقليل من السلبيات وتعزيز الإيجابيات، من أجل الوصول إلى ما ينبغي أن يكون عليه هذا الموضوع، وهو ما يمكن أن يطلَق عليه عملية التقويم.

مفهوم المنهج النقدي

بالتالي، يجمع المنهج النقدي بين عمليتي التقييم أولًا والتقويم ثانيًا، وكلا العمليتين مكمِّلتان لبعضهما، فالعلاقة بينهما هي علاقة جدلية تكاملية، فلن تحدث ولن تتم عملية التقويم دون عملية التقييم، التي تكشف النقاب عن نقاط الضعف والقوة، النقاط السلبية والإيجابية.

سيكون الوقوف عند عملية التقييم فحسب عملية ناقصة غير مكتملة، لأنه سيتوقف عند كشف النقاب عن الإيجابيات والسلبيات فقط، وبالتالي، لن تتحقق منافع عملية تطبيقية على الإطلاق، ننتهي من هذا أن عمليتي التقييم والتقويم مترابطتان ومتكاملتان في المنهج النقدي البناء عند تطبيقه.

أهمية المنهج النقدي

من المعروف أن المعرفة الإنسانية بناء شامخ يساهم الجميع في تأسيسه، فكل إنسان يقدم المعرفة وفقًا لثقافته ومجتمعه في ضوء مختلف السياقات التي يعيش فيها، وبالتالي فهذه المعرفة ذاتية بالإنسان الذي يطرحها، لذلك تحتاج إلى نقدها وفقًا للمنهج النقدي الذي سبق طرحه، لتلافي نواقصها وتنمية إيجابياتها، وفي الغالب يطبق المنهج النقدي على الأفكار وليس على الأشخاص، لكن في حالات معينة يمكن أن يطبق ذلك المنهج على الأشخاص وذلك في حالات العلاج النفسي.

عند تأمل كثير من الحالات والشواهد المعاصرة، نجد أنه كثيرًا ما يطبق أحدٌ جوانب العملية الأولى للمنهج النقدي ألا وهي إبراز إيجابيات الأفكار فحسب، دون التطرق على الإطلاق إلى الجانب الثاني –وهو الأهم في اعتقادي– المتمثل في السلبيات، فعند الوقوف في عملية التقييم على الجانب الإيجابي فحسب دون الجانب السلبي له ينتج كثيرٌ من الأضرار.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تعرف على: تعريف التفكير في علم النفس وأنواعه وخصائصه

تطبيقات المنهج النقدي

المنهج النقديهناك من يعتقد أن المنهج النقدي وفقًا للمفهوم الإجرائي الذي سبق طرحه يتعلق بالدراسات الأكاديمية بمختلف أنواعها، إلا إننا نعتقد أن هذا المنهج يجب أن يطبق على كافة المستويات الحياتية والمعيشية من أجل عيش وحياة أفضل، كما يمكن أن يطبق داخليًا وخارجيًا على حد سواء، فبالنسبة إلى تطبيقه داخليًا يعني أن يطبق الإنسان المنهج النقدي على ذاته، بمعنى تطبيقه على كافة الممارسات التي يقوم بها كل يوم، من تقييم طرف الأكل والشرب والملبس والمسكن، وكذلك في شتى المعاملات مع الأسرة والأقارب والزملاء والأصدقاء، وغيرها كثير وكثير من الممارسات.

أما بالنسبة إلى تطبيق ذلك المنهج خارجيًا فيحدث من خلال تقييم الأب والأم لسلوكيات أطفالهم، وكذلك تقييم الرئيس في العمل لسلوكيات موظفيه وأعمالهم وإنتاجهم، وتقييم المعلم والأستاذ لمستويات تلاميذه وطلابه، إلخ، فعند تطبيق ذلك التقييم ستتحقق غالبًا عملية التقويم.

العلاقة بين المنهج النقدي والأخلاقيات

كما تجدر الإشارة إلى أنه توجد علاقة وثيقة عند تطبيق المنهج النقدي مع الأخلاقيات والقيم والأعراف والتقاليد، التي يجب أن يتحلى بها كل من القائم على التطبيق وكذلك الآخر المطبق عليه هذا المنهج، وهذا لن يتحقق إلا إذا فهم الطرفان أن الهدف من هذا الوصول إلى مستوى ما ينبغي أن يكون عليه الفعل الإنساني بصورتيه، الجوانية وهو ما يمكن أن نطلق عليه اسم “نية الفعل”، وصورته الظاهرية والمتمثل فيما يظهر من الفعل للمحيط الخارجي.

مقالات ذات صلة:

كيف نستفيد من النقد؟

التفكير من المفهوم إلى الإجراء

كلام في المنهج: التخلية أم المدافعة

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. غلاب عليو حمادة الأبنودي

مدرس اللاهوت والفلسفة في العصور الوسطى ، قسم الفلسفة كلية الآداب جامعة سوهاج