هل أنت بحال جيد؟ .. الجزء الأول
سؤال بسيط جدًا، لكن الإجابة عليه صعبة، أو بمعنى أدق أصبح الوصول إلى الحال الجيد هو الصعب.
الجميع يتمنى ذلك، لكن قد لا يستطيع الكثير الوصول إلى هذا الوضع لعدة أسباب، منها ما هو مرتبط بالفكر والأفكار، ومنها ما هو مرتبط بالسلوك والممارسات، وفي هذا البحث سنحاول عرض مجموعة من المحاور المرتبطة بالحال الجيد لكل فرد.
ما يصلح به حال الإنسان
غالبًا ما يكون الحال الجيد للفرد مختلفًا بدرجة معينة عن الوقائع والأحداث التي تحيط بنا كأحداث وتفاصيل عامة، وقد يكون أيضًا مغايرًا لما يدور داخل الفرد نفسه، فبرغم مرور الأحداث من حولنا باختلافها بين الجيد والسيئ نسعى لأن نكون في حال جيد للتعامل مع كل الظروف المحيطة، فهذا الحال الجيد هو أمر محبب وضروري لكل منا.
لا غرابة في أن كل القيم الحسنة والتعليمات الدينية والأخلاقية تهدف في الأساس إلى وصول الإنسان إلى هذا الحال الجيد، بل ترسم له طرق الوصول إلى هذا الحال، ويمكن القول أن الوصول إلى مستويات الحال الجيد يمكن أن يبدأ من مستويات بسيطة جدًا، ويصل دون توقف إلى مستويات أكبر حتى الوصول إلى مستويات عالية جدًا من الحال الجيد.
سبب ضيق الحال
لكن الشيء الغريب حقًا هو أن أغلب الناس يتخلون عن الوصول إلى الحال الجيد حتى على المستوى البسيط، فكثير منا يسمع عندما يسأل أحد أصدقائه كيف حالك؟ نسمع منه كثيرًا من الشكوى الممزوجة بالألم والضيق، دون سماع محاولاته للتغلب على هذه المشكلات وهذا الضيق وسوء الحال.
كأنه تخلى ببساطة عن الوصول إلى الحال الجيد، ورضي بسوء الحال على اعتباره أمرًا واقعًا لا مفر منه، بل نجد كثيرًا من الناس –بالإضافة إلى الرضى والخضوع للحال السيئ– يزيد بعدًا عن الحال الجيد، ويقول بدرجة من السخرية في المستقبل سأكون أفضل، وكأن الحال الجيد شيء غير ضروري ويمكن تأجيله، والرضا بالحال السيئ أمر عادي!
اقرأ أيضاً: لماذا خلق الإنسان؟ لماذا نعاني؟
حسن الأعمال نتائج حسن الأحوال
لا شك أن الحال الجيد هو نتيجة مقدمات معينة، بوجودها تكون النتيجة الحال الجيد والعكس صحيح أيضًا، بوجود مقدمات معينة تكون النتيجة سوء الحال، لذلك نحاول أن نجعل من تلك المقدمات محورًا للبحث.
عندما يرغب شخص ما في الذهاب إلى مكان معين للحصول على شيء محبب إلى قلبه أو مقابلة شخص عزيز يشعر بالسعادة لرؤيته، من الطبيعي على هذا الشخص أن يتبع طريقًا محددًا وتوقيتًا محددًا للوصول إلى المكان المراد الوصول إليه حتى تحدث النتيجة المتوقعة، هذا أمر بديهي لا يختلف عليه أحد.
كذلك الحال الجيد هو نتيجة لمجموعة من المقدمات الواضحة والمحددة وفق حقيقة الإنسان الواقعية، وهنا لا بد من توضيح هام حتى نتجنب الجدل القائم على اختلاف الفلسفات غير الواقعية.
ما هو حسن الحال الحقيقي للإنسان؟
عندما نتحدث عن الحال الجيد للإنسان فإننا نتحدث عن ذلك المخلوق البشري ببعده المادي والمعنوي، وليس ببعده المادي فقط، كما ترى الفلسفة المادية، فهي ترى الإنسان من جانبه المادي فقط ولا تعترف بأي بعد غير مادي، لذلك لها منظورها الخاص بالحال الجيد للإنسان، مثل امتلاك الإنسان قدرًا كبيرًا من الأموال التي تسمح له الحصول على أفضل أنواع الطعام والملابس وأغلاها، والسكن في منازل تتوافر فيها كل سبل الراحة المادية، كما ترى أن من حسن الحال القدرة على الاستهلاك بقدر أكبر والحصول على مقتنيات مادية أكثر.
هذا وإن كان يسبب درجة معينة من السعادة وراحة البال للإنسان إلا أن ما نتقصده بالحال الجيد يختلف من حيث أن الإنسان له بعد مادي ومعنوي معًا، وأن حسن الحال الحقيقي والواقعي يختلف تمامًا عن تلك الرؤية المادية للإنسان بوجه خاص والحياة بوجه عام، وهذا ما سنحاول توضيحه وفق رؤية عقلانية واقعية سليمة يمكن التحقق من سلامة رؤيتها من خلال تطبيق تلك الإرشادات العقلانية للوصول إلى الحال الجيد.
يتبع..
مقالات ذات صلة:
نحو تطبيق لمبدأ الاتساق على الثلاثية الإنسانية
العلاقة بين السلوك الإنساني والبيئة الاجتماعية
*************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا