يوم هام في حياة الأستاذ سعيد
ربما من أهم أيام حياته، أو أهم أيام حياته، سيتحدد مصيره اليوم! لقد ظل يعمل من أجل هذا اليوم لسنوات طويلة.
يسهر الليالي، يبذل المجهود، ينافق الرؤساء والمسؤولين والمرؤسين، يكتب المذكرات والمكائد في الزملاء والمنافسين.
عمل بجد لسنوات كي يصعد ويتخلص من الآخرين، واليوم جاء الموعد ليحصد نتيجة تعبه.
الفرصة المنتظرة
نزل من البيت بكامل أناقته طلب من أمه وزوجته الدعوات.
في نظر زوجته “هو فيه شوية عيوب؛ عنيف، بيتكلم كتير، صوته عالٍ، أحيانًا يلخبط في الكلام والتصرفات، بس معلش قلبه أبيض”، تستحمله، حا تعمل إيه؟ نصيبها كده!
وصل الأستاذ سعيد إلى المبنى العالي، اليوم عليه أن يقوم بعمل اللقاء النهائي مع بعض الأشخاص، مع الشخص المهم المسؤول.
هذا اللقاء سوف يحدد مصيره، وهل ستتم ترقيته؟ أم يظل في الفرع الصغير المجهول وسط التراب والضوضاء؟
هذه المقابلة هي الفرصة التي انتظرها لسنوات، وعمل من أجلها لسنوات علشان يطلع بقى! ويخرج ويظهر، يقب على وش الدنيا.
الفرصة التي ينتظرها للصعود، بدلًا من أن يقضي بقية عمره في الخرابة!
الحماقة داء ليس له دواء
وصل إلى المبنى في الوقت المناسب، سأل، عرف كل التفاصيل، فهو يخطط لكل شيء منذ سنوات.
قالوا له أن المقابلة ستتم في الدور الخامس عشر، عليه أن يركب المصعد ثم أول مكتب على اليمين.
ذهب إلى المصعد، ركب مع الآخرين، وقبل أن يغلق باب المصعد دخل باستعجال شخص أخير!
رجل في الخمسينيات من العمر بمظهر متواضع، بينما يدخل الرجل على استعجال داس على حذاء الأستاذ سعيد!
هنا انفجر الأستاذ سعيد المتوتر أصلًا، “مش تخلي بالك؟ إيه القرف ده؟”، اعتذر الرجل الخمسيني بخجل، وقال له أنه آسف بشدة، لكن سعيد لم يستطع التوقف أو تقبل الاعتذار.
ظل طوال الوقت في المصعد يتكلم عن غباء وحماقة الشخص الذي يدخل بهذه الطريقة إلى المصعد، ويدوس على الحذاء، ويلوث حذاء نظيفًا، إلخ، بينما الرجل يقف في صمت.
وصل المصعد إلى الدور الخامس عشر، خرج سعيد وأيضًا خرج الرجل الخمسيني.
موقف لا يحسد عليه
دخل سعيد أول مكتب على اليمين، تبعه الرجل الخمسيني.
وصل سعيد إلى السكرتيرة ليحدثها عن موعد مقابلته المنتظرة، لكن تجاهلته السكرتيرة وقامت بسرعة مبتسمة وتهلل: “أهلًا وسهلًا يا دكتور عمر، الباشا في انتظار سعادتك”.
دخل معها الرجل الخمسيني، وبعد بضع دقائق خرجت لتعود إلى الكلام بطريقة رسمية مع سعيد، الذي بدأ العرق يتصبب منه ويشعر بضيق في التنفس، وكل الأفكار السوداء تصيبه.
من يا ترى هذا الرجل الذي تعارك معه في المصعد على شيء تافه لا يستحق؟ وهل يمكن أن يتسبب هذا الموقف الأحمق في ضياع حلم السنين؟
هل سيحكي لسيادة المسؤول؟ ماذا سيكون موقف سيادة المسؤول؟ وهل سيؤثر على قراره أو مصير المقابلة؟
مع كل فكرة سوداء تصيبه تتزايد نبضات قلبه وصعوبة تنفسه وظلام الدنيا من حوله.
هل ضاع حلم السنين؟
الوقت يمر ببطء يسمع من الداخل صوت ضحكات، يتزايد الخوف والرعب هل ضاع حلم السنين؟
ماذا لو قال الرجل الخمسيني لسيادة المسؤول عن ما حدث في المصعد؟ هل هذا يعني أن المسؤول المهم سوف يرفض طلبه وينتهي به العمر في نفس الجحر وسط القاذورات والذباب؟
لكن سعيد يقول لنفسه لكن هذا ظلم! ليس من العدل أن يضيع تعبه ونفاقه ومجهوده كل هذه السنين بسبب موقف بسيط أو زلة لسان! لكن من قال أن الحياه فيها عدل؟ من قال أن الحياة الدنيا عادلة؟!
وسط كل هذه الأفكار الكوابيس تخرج له السكرتيرة لتقول له باقتضاب..
سوف أحكي لكم بقية القصة إن شاء الله لكن بعد بضع سنوات! حين أعرف أنا نهايتها!
اقرأ أيضاً:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا