أسرة وطفل - مقالاتمقالات

إرتفاع معدلات الطلاق في المجتمع المصري

الأسباب – الآثار – الحلول المقترحة

يشهد العالم العربي خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في نسب الطلاق، حسبما تشير البيانات التي تصدر عن الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني.

لكن تبقى جمهورية مصر العربية من أكثر البلدان العربية التي تشهد تزايدًا ملحوظًا في معدلات الطلاق، وذلك وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2021.

أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري تقريرًا حديثًا كشف من خلاله عن ارتفاع نسب الطلاق في مصر بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة.

معدلات الطلاق بين المصريين

أشار التقرير إلى تراجع معدلات الزواج بين المصريين مطلع العام الحالي 2021، حيث بلغ عدد عقود الزواج 66.7 ألف عقد زواج خلال شهر فبراير (شباط) الماضي مقابل 69.4 ألف عقد زواج خلال الشهر المناظر من العام السابق عليه، بنسبة انخفاض 3.9 % خلال عام.

أضاف جهاز التعبئة والإحصاء وفقا للتقرير أن معدلات الطلاق بين المصريين شهدت ارتفاعا وصل إلى حدود 20.6 ألف وثيقة طلاق خلال شهر فبراير من العام الحالي 2021 مقابل 18.4 ألف وثيقة طلاق خلال الشهر الذي سبقه، بزيادة بلغت 12 % خلال عام.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كان عدد عقود الزواج قبل جائحة كورونا، آخذًا في الارتفاع فوصل إلى حد 927844 عقدًا عام 2019 مقابل 887315 عقدًا عام 2018 بزيادة قدرها 4.6 %، بينما بلغ عدد وثائق الطلاق 225929 وثيقة عام 2019 مقابل 211554 وثيقة عام 2018 بنسبة زيادة قدرها 6.8 %.

عزا التقرير أبرز أسباب الانفصال –كما رصدتها محاكم الأسرة من أقوال الأزواج والزوجات– إلى الاختلافات بين الزوجين، وعدم الإنجاب، وعدم إنفاق الزوج على الأسرة، بالإضافة إلى عدم التوافق في العلاقات،

والاعتداءات الجسدية أو الخيانة الزوجية، وصغر سن الزوجين، وتدخلات الحموات، فضلا عن نقص الوعى، وإدمان المخدرات، وانتشار المواقع الإباحية على الإنترنت، وقانون الخلع.

أولًا: أبرز العوامل والأسباب المؤدية إلى الطلاق

أهم أسباب الطلاق

بعض العوامل النفسية والذاتية المتعلّقة بالزوج أو الزوجة

الرغبة في تعدد الزوجات مع عدم العدل، والفارق في السن بين الزوجين، والأوضاع الصحية، والجسمية، والنفسية التي تعيق الفرد عن دوره الأسري، والانحرافات السلوكية والانحطاطات الخلقية، وضعف الوازع الديني.

أيضًا من هذه الأسباب ما يتعلّق بالزوجة، مثل كراهتها للرجل والنفور منه، وعدم القدرة على الإنجاب، وعجزها عن الوفاء بدور الزوجة، فتهمل شؤون البيت، ولا تطيع الزوج ولا تحترمه، وتسمع التحريض من صديقاتها أو قريباتها، ولا تفعل العواطف أو تمارسها على أرض الواقع.

كذلك عدم تكيّف الزوج أو الزوجة مع الحياة الجديدة بعد الزواج، والغيرة المرضية التي تؤدي إلى إثارة الخلافات والمشاكل، ومن خلالها تنعدم الثقة بالطرف الآخر.

أيضًا عدم الالتزام بالجانب الترويحي والترفيهي للأسرة، مما قد يصيبهم بالضيق، والتوتر، والاضطرابات النفسية.

عدم النضوج العمري واكتمال الخبرة للزوجين لا يساعد على تحمّل المسؤولية الزوجية، والزواج في سن الشيخوخة لا يساعد على تكوين علاقة زوجية ناجحة.

بعض الأسباب الاقتصادية والاجتماعية، ومنها:

ضعف الدخل، وعدم استطاعة تحمّل تكاليف المعيشة، وعدم القدرة على تأمين السكن والوفاء بمستلزمات الأسرة، واستقلال المرأة بدخلها الشهري، ونزولها لميدان العمل وعدم تبعيتها للزوج، والاختلاف في المكانة الاجتماعية،

سواء كانت مكتسبة، أو موروثة (مكانة الأسرة – المكانة الوظيفية – المكانة التعليمية)، واختيار كل منهما للآخر لمصلحة مادية، وعدم بناء الاختيار على أساس هدف الزواج السليم، عدم التوافق في الفكر والمستوى الثقافي والنظرة إلى الحياة، وعدم احترام الشروط المتفق عليها بين الأطراف.

أسباب آخرى للطلاق

 

هناك أسباب أخرى تساعد على ارتفاع معدلات الطلاق منها:

  1. العادات الخاطئة التي تتبعها بعض الأسر أثناء فترة الخطوبة.
  2. عدم معالجة المشكلات بعقلانية وتروي.
  3. عدم قيام أحد الزوجين أو كليهما بتنفيذ المهام المطلوبة منه داخل الأسرة.
  4. تدخل بعض أفراد أسرة الزوج أو الزوجة في شؤون الأسرة، مما قد يفسد العلاقة بينهما.
  5. الاختلاف الكبير في السلوك العام بين الرجل والمرأة في بعض القدرات النفسية والعقلية، مثل الطباع والانفعالات وغيرها.
  6. عدم القدرة على تحمّل المسؤولية الأسرية، سواء الزوج أو الزوجة، لتكوين الأسرة، وتربية الأبناء في ظل التغيّرات الاجتماعية والاقتصادية، التي تنقل الأفراد والأسرة من حال إلى حال.
  7. صراع الأدوار بين الزوج والزوجة، فكل منهما يريد لعب الدور الأساسي في الأسرة والسيطرة، خاصة إذا شاركت الزوجة في الدخل الاقتصادي للأسرة.
  8. ارتباط الزوج أو الزوجة بأسرتيهما، من حيث السكن، أو القرارات التي تخص حياتهما، فالأسرة تلعب دورًا كبيرًا في حياة الفرد في مجتمعنا، حتى إذا لم يكن يسكن داخل الأسرة، ولكنه يرتبط بها عاطفيًا وسلوكيًا، فالأسرة مؤثِّرة جدًا في قرارات الأفراد والأزواج.
  9. كثرة المطالب التي لا يتحمّلها طرف من الآخر، وهذا قد يؤدي إلى خلاف، ومن ثم الطلاق.
  10. طغيان شخصية أحد الزوجين على الآخر بشكل ملموس مما يؤجّج الخلافات بينهما.

ثانيًا: بعض الآثار المترتبة على الطلاق:

أهم أسباب الطلاق

أي ظاهرة لا بد لها من آثار سلبية أو إيجابية، كذلك الحال بالنسبة لظاهرة الطلاق، فمن المعلوم أن الطلاق مشكلة اجتماعية، لها آثار ضارة على المجتمع، وسوف نركِّز على هذه الآثار السلبية على الفرد والمجتمع.

بعض الآثار النفسية على المطلقين

يؤثر الطلاق على المطلقة، ويؤدي في كثير من الأحيان إلى ضغوط نفسية عليها، مثل: الشعور بالندم، ونقص الإحساس بقيمة الذات، ومرارة الفشل في الحياة الزوجية، وفقدانها لهويتها لتكون زوجة، وعدم احترامها في كثير من المجتمعات، بالإضافة إلى الشعور بعدم إتاحة الفرصة لها بالزواج مرة أخرى.

أما الآثار النفسية التي تصيب المطلق، فتتمثّل في: إصابته بالسلبية تجاه النساء بشكل عام، فيعتريه الخوف بأنه سوف يُرفض من قِبل النساء الأخريات بعد الطلاق، فيُصاب باهتزاز الثقة في نفسه في إنجاح الحياة الزوجية مرة أخرى، وعدم الثقة بالمرأة لتكون زوجة، وينظر إلى النساء بأنهن من صنف واحد، وكثيرًا ما يلقي باللوم على النساء، بأنهن السبب في عدم نجاح الحياة الزوجية.

اقرأ أيضاً: انفصال الطلاق والشرف

تعرف على: أسباب المشاكل الزوجية وكيفية حلها

اقرأ أيضاً: المجتمع المصري: من “مكتبة الأسرة” إلى “محكمة الأسرة

بعض الآثار الاجتماعية الناتجة عن الطلاق

تترتب على الطلاق بعض الآثار الاجتماعية على المرأة، مثل:

  • النظرة السلبية للمطلقات من أفراد المجتمع.
  • عدم الإقدام على الزواج من المطلقة، حتى ولو كانت صغيرة في السن، ويُنظر لها كأنها ارتكبت جريمة.
  • الشكوك لدى بعض أفراد المجتمع بأن المطلقة تكون عرضه للانحرافات السلوكية أكثر من غيرها، مما يجعلها أكثر تعرضًا للمراقبة الشديدة المستفزة المؤذية في بعض الأحيان.
  • المجتمع يُشْعِر المطلقة بأنها صاحبة سابقة، وينظر إليها بعدم الاحترام والتقدير، وكأنها هي السبب الأساسي في الطلاق.
  • النفور من المطلقة، وهذا نتيجة توجه اجتماعي محسوس، فالمتزوجات المستمرات في الزواج سواء كنّ صديقات، أو قريبات، أو زميلات، وغيرهن، ينفرن من المطلقة وذلك لشعورهن بأنها مسببة لمشكلات يمكن أن تنتقل إليهن، وهذا اعتقاد خاطئ ولكنه سائد بين أوساط النساء،والمطلقة تكون معرّضة للّوم والتجريح، من أفراد المجتمع على طلاقها.

أما الآثار التي تقع على الرجل، فهي أقل نوعًا ما من التي تقع على المرأة: فبعض الأسر ينظرون إلى المطلق على أنه إنسان لديه مشاكل، فيتخوفون من زواجه، فكلمة مطلق تضع عليه وصمة، مما يؤدي إلى التعامل معه بحذر.

كلا المطلقين يواجهان مشاكل كثيرة مع الأطفال بعد الطلاق، ويعانيان من اضطرابات نفسية، واجتماعية، وقد يتغير تعاملهما مع الآخرين.

الآثار المترتبة على الطلاق بالنسبة للأطفال

  • يصاب الأبناء بتشتت بين الأب والأم.
  • يصابون بسوء التكيف النفسي والاجتماعي.
  • الفشل دراسيًا واجتماعيًا في كثير من الأحيان.
  • يفتقد بعض الأبناء لأساليب التربية والتنشئة السليمة داخل هذه الأسرة المفككة، ما يجعلهم عرضة لارتكاب الجرائم.
  • يصابون بضعف البناء النفسي والذاتي، ويتصفون بالحدة والعنف.
  • يعيشون فراغًا عاطفيًا ولا يشعرون بالأمن مع الآخرين، كما يؤدي عامل غياب الأب إلى فقدان النموذج والقدرة في الاحتذاء به.
  • يؤثِّر الطلاق سلبًا على حياة الأبناء، فيتّسمون باضطرابات في النمو الانفعالي والعقلي، كما أنهم يتعرضون إلى حالة من الكبت والضغوط التي تؤثِّر على علاقاتهم الاجتماعية، جراء تفكك أسرتهم.
  • يُصاب الأطفال بالصراع الداخلي نتيجة انهيار الأسرة.
  • ينتاب أبناء المطلقين شعورًا بالنقص، والبؤس، والإحباط، والحقد نحو الآخرين.
  • تظهر على الأبناء علامات اللا مبالاة، والفتور، وفقدان القدرة على الاستيعاب، وإعلان التمرد والعصيان، وهذا كله تسببه الصدمة النفسية لانفصال الوالدين.
  • يشعر الأبناء دائمًا بالخوف، وفقدان الثقة بالطرف الذي يعيشون معه، ويستمر الحال هكذا حتى بعد زواجهم مستقبلًا، فيؤثِّر على حياتهم الزوجية.

ثالثًا: الحلول المقترحة للتخفيف من ظاهرة الطلاق

أهم أسباب الطلاقدعا الشرع الإسلامي الحنيف كلا الزوجين إلى استشعار المسؤولية نحو أولادهما، فقال صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”، إلى قوله صلوات الله وسلامه عليه: “والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها…”، الحديث.

أيضًا يجب أن يصبر كل منهما على الآخر، وأن يغض الطرف عما لا يرتضيه منه، فشريك الحياة ليس كله سيئًا، فإذا كره منه خلقًا أحب منه آخر، ويحاول كل من الشريكين أن يطوّر الجوانب الحسنة في شريكه،

من خلال الثناء والمدح، وذكر هذه الجوانب الحسنة، والإيمان بأن النقص من صفات البشر، وبدون تحمّل الأخطاء والسعي في إصلاحها لا تدوم المودة.

كذلك تبصير الطرفين بالحقوق والواجبات المترتبة على الحياة الزوجية بينهما، وتثقيفهما بالثقافة الضرورية من خلال دورات من قِبل مكاتب الإرشاد الأسري، وتزويدهما بالنشرات والكتيِّبات التي تحث على تقدير الحياة الزوجية واستقرارها.

على الأسرة مراعاة السن المطلوبة للزواج، فلا يقل عن عشرين سنة، بجانب تقارب سن الزوجة مع الزوج.

نصائح مهمة للاستقرار الأسري والهروب من شبح الطلاق

إذا كانت الزوجة صاحبة عمل، أو لديها دخل مادي، فلا بد من الاتفاق بين الطرفين، وتحديد مسؤولية كل منهما، من ناحية المساهمة في مصروفات الأسرة وتوزيع الدخل.

لا ينبغي للزوجين أن يغلّبا لغة العنف والقسوة بينهما، والالتزام بالهدوء وضبط النفس، فلا بد من حل المشكلات بالحوار، والتنازل عن بعض الحقوق، وتوظيف شعرة معاوية بينهما.

أن لا يسمح كل من الزوجين بتدخل أحد في حياتهما سواء من قبل الأهل، أو الأصدقاء، أو الأقرباء.

أن يتبادل كل منهما كلمات الحب والتودد والحنان، لأن الإنسان يحتاج إلى إشباع غريزة العاطفة، وهذه العبارات قد تشبع الجانب العاطفي.

لا بد من التوافق الثقافي بين الزوجين (عادات – قيم – تقاليد – بيئة اجتماعية – بيئة طبيعية) وعدم الاستعجال والخوف من العنوسة.

إذا وصل الزوجان إلى طريق مسدود في حل مشاكلهما، وجب أخذ حكم من أهله وحكم من أهلها، لحل الوضع المتأزم بينهما، لعل الله يغيِّر الحال، وتبرز أفكار جديدة من الحكمين لحل الخلافات، والتسلّح بالدعاء فهو دأب النبيين وعدة الصالحين،

قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إصلاحا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} سورة النساء الآية (35).

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ.م.د / السيد منصور الشاعر

أستاذ خدمة الفرد المساعد بالمعهد العالى للخدمة الإجتماعية بالقاهرة