أيه هو مشروع الميتافيرس
سنة 1999، صدر في السينمات الفيلم اللي بقى ظاهرة عالمية بعدها، اللي هو فيلم المصفوفة أو The Matrix.
الفيلم ده وقتها عرض لأول مرة فكرة إن العالم اللي إحنا عايشين فيه ده كله، ممكن يبقى عالم افتراضي ووهمي، وكتير جدًا من الناس كانوا فاكرين إن اللي حصل في الفيلم ده هو مش أكتر من مجرد خيال.
بس مع مرور الوقت وتطور تكنولوجيا الواقع الافتراضي المعزز، الفكرة بدأت تقرب أكتر من الواقع لحد ما بقت أقرب للحقيقة منها للخيال، وسنة 2018 نزل فيلم تاني اسمه Ready Player One، كان بيحكي فعلًا عن حياة مجتمع من الناس جوه عالم وهمي مبني جوه واقع افتراضي، بيقدروا يدخلوله بمجرد نضارة VR يلبسوها على عيونهم، ويعيشوا الحياة اللي هما يختاروها ويتمنوها فيه.
بس محدش كان متوقع إن بعدها بسنتين، وفي سنة 2021، يعلن مارك زوكربيرج مؤسس شركة فيسبوك إنهم بيشتغلوا على مشروع العالم الخيالي ده بالفعل، وبيبنوا جيل جديد من الإنترنت هيكون بيشتغل بالكامل بتقنية الواقع الافتراضي! والجيل الجديد ده كان اسمه الميتافيرس.
حضر كوباية شايك الحلوة والنعناع، وتعالى أحكيلك إيه هو الميتافيرس ده بالضبط، وهيكون معناه وأهميته إيه بالنسبة للمستقبل اللي هنشوفه قريب، وهيكون جزء من حياة أولادنا.
عالم مارك زوكربيرج الافتراضي
بص يا سيدي.. الموضوع كله بدأ في منتصف شهر أكتوبر سنة 2021، لما شركة فيسبوك أعلنت عن توفير فرص عمل لأكثر من 10 آلاف مهندس من ذوي المهارات العالية في دول الاتحاد الأوروبي، والوظايف دي كانت متاحة تحديدًا في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا وهولندا وأيرلندا.
طبعًا الإعلان ده كان غريب، ومعداش على صحف وشبكات أخبار التقنية كده بالساهل، وبدأ العالم كله يتساءل عن ماهية المشروع الضخم جدًا اللي هيحتاج 10 آلاف مهندس جديد، غير اللي موجودين بالفعل، عشان يشتغلوا عليه،
واللي خلى الموضوع غريب وحماسي أكتر هو تقرير لشبكة The Verge طلع ساعتها وقال إن أصلًا فيسبوك بتخطط لإنها تغير اسمها، وبتشتغل على مشروع مستقبلي هينقل شبكة الإنترنت كلها لجيل جديد من التطور محدش كان متخيله ولا متوقعه.
وفعلًا، بعدها بأيام الخبر تحقق، وطلع مارك زوكربيرج في مؤتمر صحفي وخطف أنفاس العالم كله، لما أعلن عن تغيير اسم شركة فيسبوك لـ”ميتا”، وأعلن عن أول نظرة حقيقية جوه عالم الميتافيرس الافتراضي المذهل ده.
ما هو الميتافيرس؟
بدايةً كده، عشان تبقى معايا على الخط، فلازم نفهم أصل كلمة ميتافيرس دي جاي منين، والحقيقة إن الكلمة دي منقسمة لشقين، الشق الأول هو “ميتا Meta”، وده في الأصل كلمة يونانية معناها ما وراء Beyond أو بعد After، والشق التاني اللي هو “فيرس Verse” ده اختصار لكلمة يونيفيرس Universe الإنجليزية، اللي هي معناها الكون، يعني المعنى المقصود هنا حرفيًا هو ما وراء الكون أو ما بعد الكون.
بس التعريف الأساسي للكلمة لو جربت تدور عليه على جوجل، هيقولك إنه عبارة عن مساحة واقع افتراضي، بيقدر فيه المستخدمين إنهم يتفاعلوا مع بعض من خلال بيئة تم تصميمها بالكمبيوتر، يعني كإنك عايش في محاكاة بالضبط! زي نظارات الواقع الافتراضي أو الـ VR Goggles اللي بتلبسها على عينك وتلاقي نفسك جوه عالم تاني، كإنك اتنقلت لعالم الأحلام.
وهو ده بالضبط اللي اتكلم عنه مارك، ووراه للعالم كله لأول مرة، مشروع هدفه هو إنه يصنع عالم افتراضي ثلاثي الأبعاد، باستعمال برامج محاكاة أو Simulation، والعالم الافتراضي ده هنقدر إننا كبشر مستقبلًا نلبس نضارة الـ VR بتاعتنا، عشان ننتقل ليه ونقابل بعض جواه من خلال الفضاء السايبري أو الـ Cyberspace، ومش بس كده
، لأ ده إحنا هنتفاعل مع بعض ونتواصل مع بعض ونتكلم ونشوف بعض بصورة ثلاثية الأبعاد، ونتمشى براحتنا من خلال الفضاء المعلوماتي ده، بدون ما نتحرك من على السرير أو الكرسي!
تطبيق الميتافيرس
ده غير إن هيبقى في استخدام لتكنولوجيا الواقع المعزز أو الـAugmented Reality في الميتافيرس ده، يعني أنت في الواقع هتبقى لابس نضارة على عينك، والنضارة دي بتشتغل بتكنولوجيا الـ Augmented Reality، فبالتالي هتخليك تشوف حاجات في الأوضة بتاعتك وأنت قاعد، بس الحاجات دي موجودة على الإنترنت، وعبارة عن صور متحركة ثلاثية الأبعاد، مش حقيقية!
بس السؤال بقى هو إزاي أصلًا هتتعامل جوه الميتافيرس ده؟ وهتعيش فيه إزاي؟ والحقيقة إن الموضوع بسيط وهيبهرك، أنت ساعتها هيبقى ليك أفاتار Avatar، أو شخصية وهمية شبهك بالضبط، أنت اللي بتصممها بنفسك، أنت اللي هتختار لون شعرها وملامح وشها وطريقة لبسها ولون بشرتها، وكل اللي أنت عايزه.
بالضبط زي ما بتيجي تعمل أكاونت على فيسبوك لأول مرة كده، مع فرق إنك مش هترفع صورة، لأ أنت هتصمم شخصية افتراضية كاملة، والشخصية دي هي اللي الناس هيشوفوها وهيتعاملوا معاها في العالم الافتراضي اللي هتعيش فيه لما تلبس النضارة الجديدة بتاعتهم اللي بيسموها “كويست Quest”.
ولو أنت فاكر إنك لما تصمم الشخصية دي وتبدأ تتعامل بيها مع الناس، هيبقى خلاص كده مش هينفع تغيرها تاني ولا تغير شكلها هتبقى غلطان، عشان أنت مش بس هينفع تغيرها،
ده في إشاعات بتقول إن هيكون في أسواق ينفع تشتري منها هدوم وأشكال لشخصيتك أصلًا، بالضبط زي الـ Microtransactions اللي في الألعاب الأونلاين اللي زي فورت نايت وPUBG وCall of Duty كده! والفلوس اللي هتشتري بيها الحاجات دي هتبقى عملة افتراضية خاصة بالميتافيرس، وهتقدر وقتها تشتريها بفلوس حقيقية أو تكسبها من خلال ألعاب هتلعبها جوه الميتافيرس!
استخدامات الميتافيرس
الفكرة بقى إن العالم بتاع الميتافيرس ده، والبروفايل بتاعك عليه هيبقى شكله من جوه غريب فعلًا، ويا إما هيعجبك يا إما هيرعبك، وده عشان في برنامج تابع لـ”ميتا” بيتم تصميمه دلوقتي، هيبقى اسمه Horizon Home، وده بقى هيديك القدرة على إنك تبني بيت كامل يكون بتاعك أنت بس، جوه الميتافيرس! بكل الديكورات والمناظر الطبيعية اللي براه وشكل الكراسي ولون الحوائط، وحتى المزيكا اللي بتشتغل جواه!
يعني البروفايل بتاعك اللي هو كان على فيسبوك بيبقى صورة وتايم لاين، هيبقى على الميتافيرس عبارة عن بيت كامل، الفريندز والفولورز اللي عندك يقدروا يزوروه ويقضوا معاك وقت فيه، ومش بس كده، ده إنت ممكن تصمم كمان ستايلات هدوم أو ألعاب تفاعلية جديدة، وتعرضها على المستخدمين التانيين يلعبوها معاك هناك!
كل ده بقى كمان غير التطوير الرهيب اللي هيحصل في قطاع الأعمال بسبب التقنيات دي، وعن ده بقى حدث ولا حرج، عشان اللي هيحصل في مجالات العمل الرقمية بسبب التكنولوجيا دي هيكون فعلًا مبهر لدرجة هتذهلك، وده لإنه بيوعد بإنه يخلي حياتنا مريحة أكتر بكتير من أي حاجة نقدر نتخيلها دلوقتي.
بيئة عمل افتراضية
مبدئيًا كده، أنت عارف إن بقالنا حوالي سنتين تقريبًا، معظم شركات العالم بقت بتخلي الموظفين بتوعها يشتغلوا من البيوت، وده طبعًا بسبب جائحة كورونا واللي غيرته من الهيكل الوظيفي لقطاع الأعمال، سواء العامة أو الخاصة،
يعني لو بصيت على كتير أوي من صحابك وزمايلك اللي شغالين في شركات كبيرة دلوقتي، هتلاقيهم بيشتغلوا من البيت، بس ميتا بقى بيخططوا لإنهم ياخدوا موضوع الشغل من البيت ده لمنطقة أكبر وأوسع بشكل مبهر.
هتسألني إزاي، هقولك إن في برنامج بيشتغلوا عليه دلوقتي بردو، هيبقى اسمه Horizon Workplace، وده هيديك القدرة على إنك تصمم حاجة اسمها بيئة أعمال افتراضية Virtual Workspace، بمعنى إن الشركات أو أصحاب الوظيفة هيقدروا يصمموا مكتب كامل وهمي، يقدر الموظفين بتوعهم يتقابلوا فيه بمجرد إنهم يلبسوا نضارات الواقع الافترضي بتاعتهم، ويبقوا شكلهم مهندمين وفي كامل أناقتهم، حتى لو هما قاعدين بملابسهم الداخلية.
ده غير إنك كمان هتقدر تغير شكل المكتب والبيئة بتاعته من خلال البرنامج ده، عشان تجدد المنظر العام كل ما تحب، يعني تخيل تبقى شغال أنت وصحابك في مكتب بيطير فوق السحاب أو بيسبح بين النجوم والمجرات، أهو كل ده يومًا ما قريب مش هيكون خيال، وهيكون حقيقة واقعية بنعيش فيها كلنا، ومش هتبقى منبهر إنك تشوف حاجة زي كده.
اقرأ أيضاً:
تعمل إيه لو قولت لك أنك متراقب بشكل عمرك ما هتتصوره؟
الحرب غير المعلنة بإستخدام وسائل التواصل الإجتماعي
سوق افتراضي
أما بقى بخصوص الناس اللي بتبيع منتجاتها على فيسبوك أو غيره من منصات السوشيال ميديا المشهورة، البيزنس بتاعهم هيكون عنده فرصة عظيمة إنه يكبر وينمو باستعمال التكنولوجيا دي.
تخيل إنك متبقاش بس عندك صفحة بتبيع عليها منتجاتك، لأ يبقى في سوق كامل افتراضي تقدر تعرض فيه المنتجات بتاعتك، والناس أو المستخدمين بتوع الشبكة الافتراضية، يقدروا يتمشوا جوه المحاكاة نفسها، ويشوفوا منتجاتك على الطبيعة باستعمال القفازات المتطورة اللي بتصممها شركة ميتا بردو، عشان يمسكوا المنتجات بشكل وهمي جوه المحاكاة، ويقلبوا فيها براحتهم!
ولو بتسأل إزاي هيشوفوا المنتجات في العالم الافتراضي وهي منتجات فيزيائية حقيقية، فالإجابة هتكون إنك هتقدر تعمل Scan لأي حاجة من العالم الحقيقي بالنضارة بتاعتك، وتنقل نسخة طبق الأصل منها جوه الميتافيرس!
تخيل إن ده المستقبل اللي بيتم التخطيط له، واللي هتشوفه بعيونك قريب لما يتعمل في خلال سنين قليلة جاية، وهينطلق بعدها إنطلاقة ضخمة شبيهة بالبداية اللي بدأها فيسبوك نفسه كده، سنة 2004!
الميتافيرس بين صراع عمالقة التكنولوجيا
ولو فاكر إن فيسبوك بس هي اللي شغالة على التقنية دي، فخليني أقولك إن الموضوع في الواقع أكبر من كده، لإن في شركات ضخمة تانية، عابرة للقارات حرفيًا، شغالين على نسخهم الخاصة من الإنترنت المُعزز ده، منهم مثلًا شركة مايكروسوفت Microsoft اللي بتستثمر بقوة في الموضوع ده، وعندها بردو آلاف المهندسين اللي بيشتغلوا على المشروع.
ده غير شركات ومنصات الألعاب الرقمية الضخمة اللي زي “إيبيك جيمزEpic Games” و”روبلوكس Roblox”، اللي بردو داخلين بقوة في المشروع، والواقع إن باعتراف مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك نفسه،
المشروع ده صعب يتم إنجازه من شركة واحدة، ولازم يتم التعاون والتطوير فيه من خلال أكثر من شركة، وهما بالفعل مستعدين ومنفتحين لفكرة التعاون مع شركات تانية للوصول له بأقل قدر ممكن من التكلفة والمجهود.
تخيل أنت بقى مدى الاحتمالات اللا نهائية اللي الموضوع ده بيفتحها، تخيل كمية العوالم اللي ممكن تتبني بأيدي ناس عادية، عشان يعيشوا فيها أدوار مختلفة تمامًا عن حياتهم الحقيقية، ويبقوا ناس تانيين مختلفين تمامًا عن شخوصهم الحقيقية في الواقع اللي إحنا نعرفه.
مخاطر الميتافيرس
الحقيقة إن لما موضوع الميتافيرس ده يكمل ويتم، وبغض النظر عن كل الاحتمالات المثيرة اللي هتتحول لحقيقة واقعة بنعيشها كلنا، فهو كمان مخيف شويتين تلاتة، وده عشان القوة المطلقة اللي هتبقى ساعتها في إيد مارك زوكربيرج وشركة ميتا، هتكون خرافية ومرعبة فعلًا.
تخيل إن الناس دول ساعتها مش بس هيكونوا متحكمين في الـDigital Footprint بتاعت الناس على السوشيال ميديا وشايفين معلوماتهم كلها قدامهم وتحت إيديهم، لأ دول هيكونوا بيتحكموا في العالم بتاعهم اللي بيعيشوا فيه أصلا،
وحتى في العملة اللي بيصرفوها نفسها، كإنهم صمموا عالم جديد وسيطروا على البشر اللي بيعيشوا فيه كلهم، وبقت كل حياتهم ومعلوماتهم الشخصية تحت تصرفهم.
تفتكر أنت إيه مدى خطورة فكرة إننا نسيب كل القوة دي في إيد شخص زي مارك، وبراند سيئ السمعة زي فيسبوك؟! ده بغض النظر عن البراندات التانية اللي هيكون ليها نفوذ مطلق وAccess على كل البيانات اللي إنت نفسك متعرفهاش عن نفسك.
ربنا وحده اللي يعلم شكل المستقبل اللي هنعيش فيه كمان 5 أو 10 سنين بالكتير هيكون عامل إزاي بسبب التكنولوجيا دي.
لكن المؤكد هو إنه هيكون واحد من احتمالين مالهمش تالت، يا إما هيكون بداية انطلاقة جديدة للجنس البشري، يا إما بداية النهاية، وإنذار بواقع ديستوبي جاي، هيكون مصيرنا بسببه هو الفناء والدمار التام.
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا