قضايا شبابية - مقالاتمقالات

تغييب الوعي لا شعوريا واستيراد الطاقات السلبية

كثير منا يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض كثيرة، منها التواصل مع الأصدقاء، وتكوين صداقات من مختلف الأماكن، بل على مستوى جميع أنحاء العالم، وبدور كل مستخدم فإنه يقوم بنشر معلومات وصور وأخبار مختلفة تخصه بشكل شخصي تارة،

أو تخص أشخاصا آخرين تارة أخرى، أو تخص اهتمامات له سواء في تخصصه أو ثقافته أو دينه أو وطنه إلخ، وبطبيعة الحال يشاهد جميع هذه الأخبار كل من في قائمة الأصدقاء، وهؤلاء الأصدقاء إما يعجبون بهذه الأخبار أو يعلقون عليها أو يشاركونها،

ومن خلال كل عملية من هذه العمليات السابقة فإنها تجعل كل صديق من أصدقائه يرى ترويجه لهذه الأخبار والمعلومات، وهكذا تتنتشر الأخبار والمعلومات،

سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي

مواقع التواصل الاجتماعي

ولن نتحدث هنا في هذا المقال عن مدى مصداقية هذه المعلومات والأخبار من كذبها، بل سنركز بشكل خاص على تلك الطاقات المنبعثة من هذه الأخبار، وهذه الطاقات إما أن تكون سلبية –وهو ما يهمنا التنويه لخطورتها– أو أن تكون إيجابية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فبالنسبة للأخبار والمعلومات التي يمكن لها أن تصدر طاقات سلبية للمشاهد والقارئ مثل الأخبار المتناقضة، والأخبار الكاذبة، والحروب والصراعات بمختلف أشكالها وألوانها، والتهديدات،

هذا بالإضافة إلى قيام مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعي بعمل إسقاطات لأشخاص يتعاملون معهم على المستوى الشخصي إسقاطات ساخرة وانتقادية،

وغالبا ما تكون هجومية نقضية تتضمن من الدلالات والمعاني اللا أخلاقية وغيرها الكثير والكثير، فعند قراءة ومشاهدة مثل هذه البوستات، فإنه يتم استيراد طاقات سلبية نتيجة هذا الكم الهائل من الأخبار والمعلومات.

خطورة المنهج الخاطئ في متابعة مواقع التواصل الاجتماعي

ليس هذا فحسب، لكن ما يزيد الأمر خطورة هو الأسلوب والمنهج الخاطئ في متابعة تلك المواقع، فالكثير يتصفح تلك المواقع وما تتضمنها من أخبار ومنشورات بشكل سريع،

الأمر الذي يترتب عليه عدم إفساح وقت كافٍ للعقل لأن يتعقل تلك الأخبار، ويعرضها على الجهاز المعرفي لديه وعلى تراكمه الثقافي والمعرفي، من أجل تنقيتها، الأمر الذي يجعل استيراد الطاقات السلبية منها يكون مضاعفا،

وهو ما يعود على الإنسان بأمراض غاية في الخطورة، منها أمراض نفسية مثل الانعزال والشك والريبة والخوف وعدم الاتزان النفسي، وكذلك التوتر العصبي واللا مبالاة، إلخ، وقبل كل هذا ترسيخ الاغتراب في الإنسان، لينتج اغترابا بين الإنسان وذاته من ناحية، وبين الإنسان والمحيطين به من ناحية ثانية، وبين الإنسان والله من ناحية ثالثة.

ولا يتوقف تأثير استيراد الطاقات السلبية عند هذا الحد، بل من الممكن أن تتحول كل تلك الأعراض النفسية لتؤثر في عمل أعضاء الجسم المختلفة، وخاصة على عمل كل من: القلب والعقل.

تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية والجسدية

ولإثبات ذلك يمكن أن يقوم كل منا بتجربة بسيطة تتمثل في حصر تلك الأخبار السلبية، وما ينتج عنها من طاقات سلبية على مدار اليوم أو الأسبوع على سبيل المثال، ومقارنة ذلك بكمية الأخبار الإيجابية، وما ينتج منها من طاقات إيجابية،

فإننا سنصل إلى نتيجة مفادها أن الطاقات السلبية تمثل أغلبية الطاقات المستمدة من مواقع التواصل الاجتماعي، ورصد تلك الطاقات بالتوازي مع مدى استقرار الحالة النفسية، ومدى الصحة الجسدية، ولذا يفضل الابتعاد عن تلك المواقع بشكل خاص قبل النوم وعند الاستيقاظ.

كيف تقي نفسك من الطاقة السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي؟

مواقع التواصل الاجتماعي

الابتعاد عن مواقع التواصل قبل النوم

حيث يفضل الابتعاد عن مشاهدة مواقع التواصل الاجتماعي قبل الخلود إلى النوم، وذلك كي لا تعود بالسلب على الحالة النفسية للإنسان عند نومه، وهو ما قد يتسبب في كوابيس وآثار سلبية كثيرة تؤثر على أعضاء الجسم أثناء النوم،

فالإنسان وهو نائم يقوم عقله الباطن باسترجاع الأحداث والمواقف التي سبق وأن تعرض لها أو شاهدها أو سمعها، إلخ. فدون وعي يقوم باسترجاع كل هذه الأحداث في عقله الباطن وينسجها في أحداث تظهر له في أحلامه وغالبا ما تكون تلك الأحداث سيئة ومخيفة بل ومرعبة،

الأمر الذي ينتج كوابيس وهلاوس وعدم القدرة على النوم العميق، وهو ما يعود بالسلب على الاستقرار النفسي وعدم التركيز والقلق النفسي والتوتر وسرعة الانفعال، وكذلك يعود بالسلب على أعضاء الجسم، وذلك لعدم أخذ القدر الكافي من النوم، الأمر الذي يترتب عليه الإرهاق المستمر والخمول والكسل والضعف العام للقوى العضلية.

الابتعاد عن مواقع التواصل عند الاستيقاظ

ويفضل كذلك الابتعاد عن تلك المواقع عند الاستيقاظ، حتى لا تؤثر تلك الطاقات السلبية على ما ينوي الإنسان القيام به، فكل منا يحدد لنفسه مجموعة من الأعمال ينوي القيام بها خلال يومه،

فعند مشاهدة مواقع التواصل الاجتماعي في بداية اليوم وخاصة عند الاستيقاظ فإن عقله دون وعي يستورد تلك الطاقات السلبية المتضمنة في الأخبار والمنشورات التي يتصفحها ويقوم بتخزينها

الأمر الذي غالبا ما يؤدي إلى ضعف الهمم والعزيمة والحيوية والنشاط الذي يكون فيه الإنسان في بداية يومه، كما قد تؤدي إلى تغيير سلبي للاستراتيجية التي كان قد وضعها لنفسه مسبقا.

هذا بالإضافة إلى ضرورة الابتعاد عنها في أوقات العمل، لأنها قد تؤدي إلى ضعف التركيز والارتباك ومضيعة الوقت المخصص للعمل، وهو ما يؤدي إلى عدم إتقانه وعدم القيام بما ينبغي القيام به.

هل نقاطع مواقع التواصل الاجتماعي؟

مواقع التواصل الاجتماعي

ولكن هل ندعو إلى مقاطعة مواقع التواصل الاجتماعي؟ بالطبع لا، لأن لها فوائد كثيرة ومهمة للغاية، مثل سهولة التواصل مع الأصدقاء والزملاء والأقارب في مختلف دول العالم، وأيضا التعرف على الأخبار بمختلف أشكالها وأنواعها، وغيرها الكثير والكثير،

لذلك يفضل متابعه مواقع التواصل الاجتماعي في أوقات الفراغ وفي وسائل المواصلات، مع ضرورة استحضار الجهاز المعرفي والنقدي للإنسان فيما يعرض عليه عامة، وأثناء تصفحه لمواقع التواصل الاجتماعي خاصة.

اقرأ أيضاً:

سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي وكيفية التصدي لها

مواقع التواصل الاجتماعي وعلاقتها بالسعادة

اللقطة التجميلية الزائفة!

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. غلاب عليو حمادة الأبنودي

مدرس اللاهوت والفلسفة في العصور الوسطى ، قسم الفلسفة كلية الآداب جامعة سوهاج