التنمية المستدامة أصبحت من الموضوعات الهامة التي تشغل حيزًا كبيرًا من الاهتمام في مختلف دول العالم، لذا كان من الضروري استعراض الموضوع من الناحية المعلوماتية حول التنمية المستدامة وأهدافها، ومتى تبدأ، وما هي العناصر التي تقوم عليها، ورصد أهداف التنمية المستدامة وتحليلها.
التنمية المستدامة:
هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة، من خلال التوافق بين ثلاثة عناصر وهي النمو الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وحماية البيئة.
أهداف التنمية المستدامة:
اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم ال193 خطة التنمية المستدامة الجديدة رسميًا بعنوان خطة التنمية المستدامة لعام 2030، في مؤتمر قمة التنمية المستدامة الذي عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2015، وتتألف هذه الخطة من 17 هدفا و16 غاية.
1- القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان.
2- القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة.
3- ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار.
4- ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعليم للجميع.
5- تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات.
6- ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستديمة.
7- ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة.
8- تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل والمستدام للجميع، وتوفير العمل اللائق للجميع.
9- إقامة هياكل أساسية قادرة على الصمود، تحفيز التصنيع الشامل لجميع الدول وتشجيع الابتكار.
10- الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها.
11- جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود والاستدامة.
12- ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة.
13- اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره.
14- حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة.
15- حماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، إدارة الغابات على نحو مستدام، مكافة التصحر ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي.
16- التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة يعيش فيها الجميع بسلام من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، بناء مؤسسات فعالة وخاصة للمشاركة الشاملة على جميع المستويات.
17- تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
متى تبدأ أهداف التنمية المستدامة ومتى تنتهى:
تبدأ أهداف التنمية المستدامة في كانون الثاني/ يناير 2016 ويتوقع أن تتحقق بحلول 31 كانون الأول ديسمبر2030.
العناصر التي تقوم عليها أهداف التنمية المستدامة:
الناس: القضاء على الفقر والجوع بجميع أشكالهما وأبعادهما، والتأكد من تمكن جميع البشر من تحقيق تطلعاتهم في الكرامة والمساواة في بيئة صحية.
كوكب الأرض: حماية كوكب الأرض من التدهور، من خلال الاستهلاك والإنتاج المستدامين، والإدارة المستدامة لموارده الطبيعية، واتخاذ إجراءات عاجلة بشأن تغير المناخ، حتى يتسنى دعم احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية.
الرخاء: كفالة تمتع جميع البشر بحياة مزدهرة ومرضية وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي في وئام مع الطبيعة.
السلام: تعزيز إقامة مجتمعات مسلمة وآمنة للجميع خالية من الخوف والعنف، لأنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية مستدامة بدون أمان، ولا سلام بدون تنمية مستدامة.
الشراكة: تعبئة الوسائل اللازمة لتنفيذ هذه الخطة من خلال تنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة، على أساس روح تعزيز التضامن العالمي، والتركيز بشكل خاص على احتياجات أشد الناس فقرا وضعفا وبمشاركة جميع البلدان وجميع المؤسسات المعنية بالأمر.
هل يجب إعادة النظر في أهداف التنمية المستدامة؟
تختلف وتتباين الدول فيما بينها في إمكانية تحقيق هذه الأهداف، لذا كان من الضرورة إعادة النظر في أهداف التنمية المستدامة، ليس فقط بسبب الاختلاف والتباين فيما بين الدول ولكن أيضا لوجود تفاوت بين الدول فيما بينها وللتنوع والاختلاف ودرجات الصعوبة لتحقيق أهداف التنمية داخل كل بلد عن غيره من البلدان، فالبلدان التي تملك الموارد الطبيعية والبشرية بكثرة تختلف عن غيرها ممن لا يملك تلك الموارد أو يملك بعضها.
ولنعرج على بعض الأهداف بنظرة تحليلية حيث يفرض علينا الواقع ضرورة إعادة النظر في تلك الأهداف.
الهدف الأول
القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان، حيث اعتمدت مقياس النمو على إجمالي الناتج، وكذلك معدل الدخل لحساب معدل الفقر في البلدان، فنجد أن معظم الدول الأوربية متفوقة في هذا الهدف، وكذلك الولايات المتحدة الامريكية ودول النمور الأسيوية، ونجد أن دولا في إفريقيا في ذيل ذلك الهدف لهذا نجد النسب متفاوتة، مما لا يسمح بتحقيق معدلات واقعية لهذا الهدف.
الهدف الثاني
أما الهدف الثاني القضاء على الجوع، وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة، وتعزيز الزراعة المستدامة، نجد أن بعض الدول نتيجة لعوامل التصحر تنقص بها المساحات الزراعية أو عمليات البخر، وكذلك الاعتماد على التكنولوجيا الفائقة ضعيف بالمقارنة بدول أخرى، فيؤدي ذلك إلى التفاوت في تحقيق ذلك الهدف أيضا.
الهدف السابع
وبخصوص الهدف السابع حول ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة، هناك أيضا تفاوت شديد بسبب تركز أماكن الطاقة في دول الخليج وبحر القوقاز وأكبر احتياطي نفطي في أمريكا، وكذلك الغاز حاليا في محيط دول البحر المتوسط ومن ضمنها مصر،
بعض الدول الأوربية وروسيا تستهلك نسبًا أكبر من الطاقة بسبب الظروف الجوية والبرد القارص، بعكس دول خط الاستواء والمناطق الحارة والقاحلة، بالإضافة لاستعمال الطاقة في مجالات متعددة واستعمالات مختلفة وصناعات وتطور فائق بعكس البلدان النامية في العالم.
وكذلك في الأهداف التي تخص تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين الفتيات في بعض البلدان، نجد أن هذه الأهداف غير واقعية ولا تناسب حقيقة التباين بين المرأة والرجل، فالمطلب الحقيقي والواقعي هو تحقيق العدالة بين كلٍ من الرجل والمرأة وفق إمكانات كلٍ منها، مما يحقق التكامل الحقيقي وليس التنافس الهدام والمخالف لطبيعة كلٍ منهما.
وهدف ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع هو هدف منطقي ومشروع، لكن لا بد أن يراعي الخصوصية الحضارية لكل مجتمع، وضمان عدم استغلال هذا الهدف لتمرير أهدف الغزو الثقافي والحرب الناعمة كما تمارسه الدول الاستعمارية الآن بحق الكثير من دول العالم تحت غطاء الكثير من الشعارات الوهمية.
وبخصوص التنمية الصناعية نجد أن الدول الكبرى لا تسمح بإقامة صناعات تنافسية لها في كثير من دول العالم، بل وتحارب قيام ذلك بكل قوة من استقلال حقيقي للدول، وتتكتم على ما تملكه من أسرار صناعية حيث تمنع تلك الدول خروج أسرارها إلى باقي دول العالم.
الهدف الثالث عشر
وإذا استعرضنا الهدف الثالث عشر نجد أن أمريكا لها نصيب الأسد في التلوث البيئي، وتأتي بعدها الدول الأوربية بسبب الصناعات الكثيفة والمتطورة في استخدام الطاقة بكميات كبيرة، وانبعاث ثاني أكسيد الكربون والدخان وتقزم المساحات الخضراء مع عدم تقليل نسبة الانبعاثات الملوثة للبيئة واتخاذ إجراءات حقيقية بهذا الصدد،
كذلك إجراءات منع التلوث في المحيطات والأنهار، وحماية النظم الإيكولوجية والحفاظ على النظام البيئي وإدارة الغابات والتنوع البيولوجي للحيوانات والكائنات الحية.
وأخيرا الشراكة العالمية نجده هدف تجميل لتلك الأهداف، فالجميع يعلم سياسات الدول الكبرى في تقزم وسلب ثروات الشعوب واستغلالها كأسواق لمنتجاتها، فيكون الميزان التجاري به اختلال كبير جدا لصالح الدول القوية،
ناهيك عن استغلال بعض الدول القوية اقتصاديا وعسكريا المواد الخام من الدول الفقيرة والنامية وشرائها بأثمان بخسة ثم بيعها في السوق العالمي بأسعار خيالية، ولنأخذ مثال ذلك خامات القطن الزراعية ومعادن الذهب والعاج، إلخ.
لذا كان من الضروري أن تكون تلك الأهداف واقعية وعادلة، ويمكن استعراض بعض التوصيات في هذا الصدد:
1- أن يتم إعادة النظر في أهداف التنمية المستدامة.
2- التوازن في العلاقات والشراكات بين الدول لتحقيق التنمية المستدامة.
3- لا بد من مراعاة خصوصية الدول في تحقيق هذه الأهداف والتباين بين الدول في الموارد والأهداف والأولويات.
4- مراعاة المدد الزمنية مع مقدرة بعض الدول على التنفيذ بصورة أسرع من الآخر.
5- مراعاة الإرث الثقافي للدول، والذي يؤثر بصورة ما على تنفيذ الاستدامة.
6- مراعاة أيضا الطبيعة الجغرافية والتنوع البيولوجي وخطط الاستدامة في هذه الدول.
7- المساعدة المالية عن طريق الإقراض الدولي بفترات سماح طويلة للبلدان النامية لتحقيق خطط الاستدامة في المجالات المختلفة.
اقرأ أيضاً:
التربية البيئية كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة
هل التنمية المنشودة تنمية اقتصادية أم اجتماعية؟ أم تنمية تشمل كل جوانب الحياة؟
معوقات التنمية فى دول العالم الثالث
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا