مقالات

وداعًا دنيا النسيان

تبين لنا أن ذاكرة الإنسان لا حدود لها وقوة الذاكرة من ضعفها غير مرتبطة بسن، يتساوى في ذلك الشباب والشيوخ، إلا إذا طرأ مرض عضوي أضعف ذاكرة الإنسان فيما يعرف بمرض (ألزهايمر) وهو مرض يصيب الخلايا العصبية بناقلاتها العصبية في المخ والمسئولة عن نقل الإشارات العصبية والذي ينتج عنه ضعف الذاكرة الشديد.

اتضح لنا أن ذاكرة الإنسان تتعرض للنسيان بسبب مؤثرات خارجية كضغوط الحياة ومشاكلها والتفكير فيها والتي تناوش ذاكرته التي هي في الأصل لا حدود لها والقادرة على استيعاب مليارات المعلومات،

وذاكرة الإنسان على سبيل المثال كغرفة وَضع فيها صاحبها أكوام من الورق، ورتبها بعضها فوق بعضها، وقسمها بشكل معين حتى يستطيع بعد ذلك استدعاء المعلومة من أى قسم شاء،

حتى إذا مادخل هواء عاصف من نافذة الغرفة، وبعثر الورق مما يفقدها الترتيب المعين فيصعب بعد ذلك على صاحبها الحصول على المعلومة لما حدث من فوضى في الورق بفعل المؤثر الخارجي وهو الهواء الذي بعثر المعلومات الموجودة أصلا.

ويعتقد كثير من الناس أن القدرة على تحسين الذاكرة والقدرات المعرفية ترتبط فقط بالمراحل الأولى من العمر أى الطفولة والشباب، لكن هذا الاعتقاد خاطئ، فكل إنسان مهما بلغ عمره يمتلك تلك القدرة إذا تجنب المؤثرات الخارجية التي تؤثر سلبا في قدرتنا على التركيز وتذكر الأشياء.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ومن هذه العوامل والمؤثرات الخارجية التي ينصح بالابتعاد عنها لننعم بذاكرة قوية هي الآتي :-

قلة النوم والإجهاد

أغلبنا يفرط في السهر وإرهاق أعصابنا وعدم إعطائها القدر الكافي من الراحة ثم بعد ذلك نشتكي من ضعف الذاكرة والنسيان، مع أن الأخصائيين في علم الأعصاب ينصحون الإنسان بضرورة النوم من 7 إلى 9 ساعات لتجديد خلايا المخ، فالنوم الجيد يساعد على تجدد خلايا المخ وإنعاشها وتنشيطها، مع ضرورة أن يكون النوم ليلا فهذا يكون أفيد للجسم بعكس النوم نهارا .

تجنب الفوضى

الفوضى وعدم التنظيم؛ تشتت الذهن والعقل، لذا ينصح بالتنظيم في شتى أمور حياتك لتنعم بالذاكرة القوية، ويحضرني هنا مثالا لتوضيح هذه النقطة حيث يتمثل في ما يحكيه (الرئيس الراحل جمال عبد الناصر) فيما يخص التنظيم في حياته الخاصة أنه كان حريصًا على وضع ملابسه في مكان معين في بيته وساعة يده ومفاتيح عربته في مكان آخر وكل متعلقاته الشخصية في أماكن يعرفها ويتذكرها جيدا، حتى يسهل عليه بعد ذلك الحصول عليها ولا يُضيع وقته في البحث عنها وأغلبنا للأسف عند دخول بيته من الخارج يلقي بملابسه ومتعلقاته في أماكن مختلفة دون تنظيم مما يعرضه بعد ذلك لعناء البحث عنها والعثور عليها .

إهمال التمارين العقلية

من المؤسف ارتياد الشباب لصالات الجيم لتقوية عضلات الجسم وإهمال تمارين العقل التي تنشط وتقوي الذاكرة، ومن هذه التمارين الهامة القراءة التي تُقوي الذاكرة بتحصيل المعلومات اللازمة وتزيد الذكاء، ومنها استخدام الذاكرة البصرية والتي يستخدمها رجل المرور في حفظ أرقام السيارات المخالفة، هذة الذاكرة اقوى بكثير من الذاكرة السمعية واللفظية.

وعلى الإنسان استخدام ذاكرته البصرية في الاطلاع على صور مناسباته الخاصة وأحداث حياته، ومن التمارين العقلية أيضا التأمل؛ وَجدت إحدى الدراسات أن التأمل لمدة 20 دقيقة في اليوم لمدة أربعة أيام يساعد على تحسين القدرة المعرفية للمخ بنسبة 50 في المائة .

الابتعاد عن الوسائل التكنولوجية في التذكر

فالتدوين باستخدام الورقة والقلم، وعدم الكتابة باستخدام الكمبيوتر يساعد على تقوية الذاكرة، وفي تجربة شخصية كنت وقت المذاكرة أذاكر باستخدام الورقة والقلم لكتابة دروس أقرأها من الكتاب فوجدت أن هذه الطريقة فعالة في التذكر والتحصيل .

ممارسة الرياضة والابتعاد عن الطعام غير الصحي

فالنشاط الحركي يساعد على زيادة ضخ الدم لسائر أجزاء الجسم بما في ذلك المخ، وتناول الطعام الصحي له تأثير إيجابي كبير في تقوية الذاكرة، لذا يُنصح بالإكثار من تناول الخضروات والفواكه واللوز وغيرها من الأطعمة الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية، والابتعاد عن تناول الأطعمة والوجبات السريعة الضارة والمشبعة بالدهون والكربوهيدرات ومكسبات الطعم للسيطرة على مراكز الإحساس في مخ الإنسان ليكون أسيرًا لمثل هذه الأطعمة.

ومع ذلك ننصح بالابتعاد عن المؤثرات الخارجية الضارة بالذاكرة كبواعث ومشاعر القلق التي تشغل الذاكرة وتناوشها وتعطلها عن وظيفتها، و لا نشغل أنفسنا بأحلام لا طاقة لنا بها ونشغل تفكيرنا بها، وأن نصفي أذهاننا مما من شأنه أن يُكدّر صفاء ذهننا .

اقرأ أيضاً:

أعاني من النسيان

تغذية الطلاب

آفة الهاتف الجوال

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

على زين العابدين

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة