مقالات

الصراع المحتوم

عندما خلق الله الناس أودع فيهم الفِطرة السّويّة وألهمهم الصفات النبيلة السّامية وبث فيهم قِيَم الجمال والجلال.

وبعض الناس يتمرّد على الناموس الكوني الذي هيأه الله وسيّر جميع الخلائق عليه، فالأرض وما فيها ومَن فيها مُتناغمة مُتناسقة، فالشمس لا ينبغي لها أن تُدرك القمر ولا الليل سابق النهار، والرسل كذلك يؤمنون ببعضهم ويُكمّل بعضهم بعضًا، فهم إخوة لعلّاتٍ؛ أمهاتهُم شَتَّى، ودينهم واحد.

وكل ما يحدث في الكون من أحداث ومواقف يعلمها الله وبقضائه وقدَره لحكمة بالغة قضاها، يستوجب الحمد على اقتضائها فهو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين، لا يَعْزُب عنه مثقال ذرّة.

نشأة الصراع العربي الإسرائيلي

ومنذ وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين -لإزاحتهم وإبعادهم وإرضائهم في آن واحد- نشأ الصراع العربي الإسرائيلي، فقد كوّنت إسرائيل لها دولة بعد أن كانوا مُشتّتين وتائهين في الأرض، زُرِعَ اليهود بفعل فاعل، وبعد إعلان دولتهم بعشر دقائق اعترفت بها الأم الراعية على طول الخط بلا تربية أو توجيه أو إنسانية أو حياء أمريكا.

وقامت الحروب والنكبات والهُدَن بين العرب وإسرائيل، العرب الذين لم يتفقوا، الأغنياء في مواردهم الضِّعاف في قراراتهم، وإسرائيل الدولة الناشئة المدعومة من الدول الكبرى والتي باركت وجودها كشوكة في ظهر العرب وغُصّة في حلْقهم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إنّ اليهود لا عهد لهم ولا ميثاق، وهم من أحرص الناس على الحياة وحبها والتمسّك بها، لذلك لا يرقبون في مؤمن إلَّا ولا ذِمّة ولا يخافون ربّا ولا موتًا ولا نشورًا، ولا يعتبرون لطفل صغير أو شيخ كبير أو امرأة مكلومة ضعيفة.

ونلاحظ أنه من وقت لآخر تعمل إسرائيل على استفزاز أهل فلسطين (أصحاب الأرض) فتقتل بعضهم وتأسِر البعض وتُشتّت الكثير منهم.

جرائم الصهاينة

ومن الجرائم المُمنهجة التي اعتادت عليها إسرائيل تلك التي قامت بها في رمضان بإخلاء عائلات فلسطينية في حي الشيخ جَرّاح في القدس الشرقية والسطو عليها لموقعها الفريد، أمام أنظار العالم الصامت المُتشدّق بحقوق الإنسان.

حدثت اضطرابات في المكان وسرعان ما انتشرت في بعض المناطق ثم أصبحت في عموم فلسطين بين العرب والشرطة من ناحية، والعرب والمستوطنين الإسرائيليين من ناحية أخرى الذين أطلقت الحكومة أيديهم ومنحتهم الحرية بالعبث بالممتلكات الفلسطينية ومهاجمة بيوتهم وإخراجهم وتهجيرهم والاستيلاء على أراضيهم، وتدخّلَ الجيش بعد استدعاء أعداد من جنوده.

والذي زاد الطين بِلّة هو محاصرة المصلين في المسجد الأقصى وإطلاق الغاز عليهم وإرهابهم، فعندما رأت حماس والفصائل المسلحة في غزة كل هذا الظلم والتنكيل بأهلهم لم يستطيعوا صبرًا، فحذروا الحكومة الصهيونية المحتلة بعدم قتل المزيد من الأبرياء العُزّل ولكن بدون جدوى.

عندئذٍ أطلقت الفصائل صواريخها (المتواضعة) بعد انقضاء المُهلة للدفاع عن أهلهم في ربوع فلسطين، فقصف الجيش الإسرائيلي بعنف قطاع غزة (كالعادة) ووصفها بأنها هي الجاني، وقد ألحقت الضربات الضرر الكبير والجسيم بالمباني والأرواح والبنية التحتيّة.

تمت إدانة الانتهاكات واستخدام القوة المُفرطة بشدة من الدول العربية وفي مقدمتها مصر الشقيقة الكبرى وراعية عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل.

أمريكا رأس الأفعى

إنّ مفتاح إسرائيل في يد أمريكا، وأمريكا تحتفظ به تُحرّكه وتُخرجه وقت الحاجة وعند مصلحة إسرائيل فقط دون مراعاة لدولة فلسطين المحتلة، وأي ضربة لفلسطين أو جنوب لبنان أو سوريا تكون بتنسيق مشترك وإدانة الطرف الآخر مهما كان مظلومًا ومهما كانت كمية الطغيان عليه.

إنّ الظلم مكروه في جميع الأديان والله لا يحب الظالمين المعتدين، ولهذا فميزان العدل الطبيعي أنه مَن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بالمثل، ولا يفلّ الحديد إلا الحديد، وما أُخِذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.

وتوجد حقيقة مهمة وهي أنه من المستحيل أن تترك إسرائيل فلسطين بهذه السهولة لأنّ الموضوع عقائدي تاريخي مُعقّد، وسيظل السّجال قائمًا إلى أن يأذن الله، وعندها فقط سيعلم الذين ظلموا أيّ مُنقَلَبٍ ينقلبون.

اقرأ أيضاً:

القدس تدافع عن العالم

قضية فلسطين

ماما أمريكا

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

د. وائل زكي الصعيدي

خبير مناهج وطرق تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها/ جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية

محاضر في: جامعة الدراسات الأجنبية كلية العلوم الإسلامية الصينية / بكين – الصين

دكتوراه فى المناهج وطرق تدريس اللغة العربية

ماجستير في أدب الأطفال، ودبلوم خاص في المناهج وطرق التدريس، رئيس قسم الموهوبين بإدارة ميت أبو غالب التعليمية دمياط سابقاً

عضو اتحاد كتاب مصر