الخاسر الأكبر
نحن سيؤون، خطّاؤون، متناقضون، متطرّفون فى الحب والكراهية، قد آذى بعضنا بعضا، وعقّ بعضنا بعضا: هذه حقائق! وبعدها يبقى طريقان رئيسان:
1-
طريق “كله شمال يا صاحبي”، و “مفيش حد صالح، كله بتاع مصالح”: وهو طريق يقود للتنافس فى الظلم والعدوان ويسخّف محاولات الإصلاح ومخاطبة الخير في نفس كل بشري. هو طريق ينطلق من كون الظلم قاعدة في الحياة، وأن الطيبة عيب وعلامة ضعف؛ لأن الدنيا غابة، والبقاء للأقوى، يرى أن الذكاء يحتـِّم اتباع مقولة “اتغدى بيه قبل ما يتعشى بيك”. فهل نحب أن نعيش فى بيئة تتصف بكثرة المخاطر والطمع، والقهر والاستغلال، وهشاشة الاستقرار ونفعه لل”مسنودين” دون غيرهم؟
2-
طريق “خير الخطـَّائين التوابون” والتسابق فى الخيرات، طريق “خيرهما الذى يبدأ بالسلام”، طريق “فاتّقوا الله وأصلحوا ذات بينكم”، طريق النقد البناء والتخلـُّص من رغبة الانتقام والتشفـِّى، والأخذ بيد من يحاول أو يريد أن يفعل الخير، لكن لا يعرف كيف، طريق “لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق”. طريقٌ المبدأ فيه: رفض الفساد، والظلم إجمالا، والسعى للعدل، والإصلاح للجميع، فالظلم مهما طال وسيطر: فهو طارئ مخالف للفطرة التى تحب الخير، فالعدل هو الأصل، ومنتهى الأمور إلى العدل.
جدير بالذكر أن حالة الاستقطاب الحادثة تفوّت علينا رؤية بوادر خير كثيرة، وتجعل كثيرا ممن اكتسبوا بعضا من العلم والخبرة يتعاملون مع من دونهم بشىء من التسفيه أو التعالى أو التحفـّز! مما يتسبب فى وأد فرص ومحاولات التعلـّم، بجانب استمرار الحلقة المفرغة من الكراهية والتعصّب للرأى! لذا فمن الضروري أن نتجنـَّبَ دوّامة التعليق على الأخبار التى يحمل الكثير منها حكما وانحيازا مسبقا، وأن نتوجّه، ونوجّه غيرنا للخطاب العقلى الحكيم البعيد قدر الإمكان عن التحيّز والانفعال، سواء فى المواد الإعلامية أو كتب العلم، مما ينمّى العقل ويوسّع المدارك؛ للوصول لمساحة توافق أكبر، وإطفاء نار الفتنة التى من أكبر أسباب إشعال جذوتها: فوضى المعلومات، وعدم اتّباع منهج معرفى سليم.
منذ بضعة أيام لمحت بالتليفزيون جزءا من برنامج ” الخاسر الأكبر ” حيث يتسابق فريقان يعانى أفرادهما من السمنة المفرطة فى إنقاص الوزن. وجال فى خاطرى أن هذا تحديدا هو ما نحتاجه. التسابق فى التخلـّص من الأحمال، والأوزار التى تعيقنا عن الحياة الصحية، وتمنعنا من الجرى بالسرعة التى تكفى للحاق بركب الحضارة، ثم المنافسة فى مضمارها. أما آن الأوان كى نبدأ.
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.