لماذا لا يحب أبنائي البرامج التعليمية؟
من أكثر الأشياء التي فشلت فيها مع أبنائي ترغيبهم في مشاهدة البرامج التعليمية على شاشة التلفزيون، حاولت مرارا دون جدوى، اصطنعت المبررات وجملت لهم الصورة ولا فائدة.
أنا لها:
اهتديت إلى فكرة رائعة، قلت لنفسي سأكون أنا التلميذ، أنا لها وسأتابع أنا بذات نفسي وشحمي ولحمي مجموعة متنوعة من تلك البرامج في مواد دراسية مختلفة لأساتذة متنوعين وفي أوقات متباينة حتى تكون التجربة جيدة والعينات معبرة، فتابعت المعلمين الشباب والكهول، النساء والرجال، حتى أستطيع أن أجد المتعة والفائدة ولو عند بعضهم، أو حتى عند أحدهم أو إحداهن حتى أؤيد حجتي ومنطقي التي سأقنع بها أبنائي، لكن دون جدوى، بل هممت لأن أحذف القنوات التعليمية على مبدأ (إيه اللي يريحك من الثوم)، (وكيف أقنعهم ولم أستطع إقناع نفسي؟)، لكني تريثت قليلا لعل المشكلة بي وقد توارثها عني أبنائي!!
فكرت كثيرا وأخذت أراجع ما رأيته من حلقات البرامج التعليمية التي شاهدتها لعلي أجد شيئا مميزا أكون قد غفلت عنه وغفل عنه أبنائي، المعلمون كأنهم مكدرون رغم أن الظهور الإعلامي على الشاشات في حد ذاته يؤدي إلى الشهرة ويبعث على الفرحة، الأدوات المستخدمة تقليدية جدا وليس فيها أي إبداع أو ابتكار يجذب التلاميذ خاصة في المرحلتين الابتدائية والإعدادية،
الشرح يبدو كقراءة الجرائد البائتة لا روح ولا شغف ولا جاذبية، حتى دروس التاريخ يكاد المعلم الذي يقدمها لا يرفع رأسه وهو يقرأ سطورا مكتوبة مكتومة بين يديه، لا تجد روحا لكلامهم ولا حياة في دروسهم، جمود وملل في ملل.
الأطفال يحبون المسلسلات الكرتونية، لماذا لا تعتمد البرامج التعليمية على شيء كهذا يحبه الأطفال؟ سلاسل تعليمية مدروسة في قالب مسلسل كرتوني، الأطفال يحتاجون عوامل جاذبة ترغبهم في العلم والدراسة، يحتاجون ما يحتاجه الأطفال في سني عمرهم، يحتاجون تعليما في قالب مرح مع قليل من الجدية، تزداد جرعة الجد مع تنامي العمر المعرفي للطفل،
لن يلتفت الأطفال إلى محاضرات جامدة يلقيها عليهم أناس متجمهون غير مبالين، هناك مئات الحيل والسبل لتقديم محتوى تعليمي يناسب المراحل العمرية المختلفة، أطلقوا العنان للأفكار ولعقول الشباب حينها سيأتونكم بما لا تتخيلونه من أفكار خلاقة مبدعة تحبب التلاميذ في التعلم وترغبهم في التحصيل.
عبقرية أب!
قلت في نفسي لا بد من طريقة للاستفادة من تلك البرامج والتي تأتيك مجانا بلا تعب منك ولا كلفة وأنت في بيتك مرتاح، خصوصا في ظل جائحة كورونا -عافانا الله وإياكم، ربما الأولاد يحتاجون حوافز للبقاء أمام الشاشات والتعود على متابعة البرامج التعليمية، أيكون هذا هو الحل؟ ولم لا؟
يا أولاد من يستمع جيدا لحلقة من حلقات البرامج التعليمية في مرحلته الدراسية فله كيس شيبسي من الحجم العائلي، أجابوني على مضض بنعم، استبشرت خيرا، جاء موعد إحدى الحصص ولوحت لمن عليه المشاهدة من الأبناء بالمكافأة، طأطأ رأسه بالموافقة ثم جلسنا سويا نتابع البرنامج ولم نستيقظ إلا على صوت المدام: “إنتوا نمتوا؟” هل فت ذلك من عزيمتي بالاستفادة من البرامج التعليمية الموقرة؟! لا وألف لا.
خطرت في بالي فكرة عظيمة، وأطلقت ذلك الفرمان كأنه صادر من الباب العالي ومهرته بتوقيعي: “من اليوم ستكون مشاهدة البرامج التعليمية إجبارية من العاشرة مساءا كل يوم”.
نجحت الخطة وأصبح أولادي ينامون قبل الحادية عشرة بقليل.
اقرأ أيضاً:
التعليم الإلكتروني وفوائده في العملية التدريسية
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.