مقالاتقضايا شبابية - مقالات

دائمًا تستطيع يا صديقي

صديقان يشكي أحدهما للآخر ظروفه التي يمر بها في آخر فترة، حيث يمر بفترة ضغوط نتيجة مسؤوليات أسرية؛ فراح الشاكي يسرد تفاصيل المشكلة والآخر يستمع وبعد أن انتهي الشاكي من كافة تفاصيل الموضوع وكل الشكاوى لصديقه.

أجاب بجملة واحدة فقال ” دائمًا تستطيع يا صديقي ” فاستغرب الصديق الشاكي !!

وقال له: ألم تكن تسمعني كل تلك الفترة وأنا أقول لك كل تفاصيل الموضوع وأنت سارح ثم تجيبني بإجابة غريبة، اعتقد أنِّي أخطأت حين قصصت عليك الموضوع.

فأجابه صديقه مسرعًا؛ “لا لا أنت لم تفهمني أنا أقصد أن رغم كل ما قلته وما تواجهه من صعوبات أنت تستطيع أن تتخطاها”، فأجاب الشاكي أكثر الله من خيرك، حللت الموضوع أنت بإجابتك تلك.

الحل لديك

فقال له أعتقد أني لم أحله لأنه وحده من يستطيع الحل هو أنت، فأنا فقط قد ذكرتك بقاعدة أساسية واجب أن نضعها في اعتبارنا ونحن نعيش حياتنا ونحمل مسؤولياتها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

قال له الشاكي ولكني لم أفهم ما تقصده بعد؛ كيف أستطيع رغم أني لم أجد الحل ومازال الموضوع معقدًا بالنسبة لي.

فراح الصديق يفسر له ما قصده من عبارة ” دائمًا تستطيع يا صديقي”.

جميع من يؤمن بعدل الله ورحمته يخفي عنهم مصادق ذلك علي أرض الواقع والتي تُوجب عدم تكليف أحد فوق طاقته وقدرته وهذا يعني أنه مهما كانت الظروف التي نمر بها دائمًا هناك حل ومخرج، ولكن الموضوع في الحياة معقد قليلاً ويتطلب منَّا أن نفكر بشكل سليم لنرى المشهد إجمالًا، ومن ثم نجد الحل.

الحياة تختلف

فالأمر أشبه بالمعادلات الكيميائية التي يوجد فيها عوامل مؤثرة وأخري مساعدة والأمر في الحياة يبدو أكثر تعقيدًا من ذلك أيضًا، ففي المعادلات الكيميائية قد تكون تلك العوامل معدودة ومرصودة، أما في الحياة فالأمر يختلف.

وما أقصده من تشبيهي هذا هو أن الخالق حين خلق الإنسان، وقنَّن كل شيء في عالمه المادي فأصبح الأمر خاضع لقوانين قابلة للقياس والرصد ومن ثم الاستنتاج والفهم، ومن ثَمَّ التنبؤ وذلك من ناحية الطبيعة المادية للواقع.

أما من العالم الماورائي أو عالم المعنويات بما يشمله من نفوس بشرية وأمور معنوية فالأمر يختلف قليلاً، فحتمًا هو مقنن ويمكن رصده وقياسه والتنبؤ بتغيراته وتطوراته، ولكن وفق أدوات معرفية أخري معنوية وهي العقل والعلوم النفسية السليمة.

فحين أصبح الإنسان في مجموعة من الناس وتكونت المجتمعات وأصبحت كل من في المجتمع الواحد يؤثر في غيره ويتأثر به بُناء علي إرادة كل فرد فيه وذلك التأثير قد يصيب البعض بالإيجاب فينفعه أو بالسلب فيضره، فأصبح للناس ظروف حياتية معينة تختلف من شخص لآخر وتستمر في التأثّر بالآخرين سواء من النواحي المادية أو المعنوية وذلك بالأنظمة الاقتصادية والسياسية وتلك نقطة موضوعنا بالتحديد.

حيث أن حياة المرء قد يكون فيها صعوبات ليس في يده -هو أو من يحبونه- تغييرها وإزالتها لاتساع دائرة التأثير ووجود مسؤولين كثيرين في يدهم القدرة علي تغيير تلك الظروف بقراراتهم وتصرفاتهم.

مثال مشكلة البطالة

ولتوضيح ذلك نقدم مثال فقد نجد في مجتمعاتنا نسبة كبيرة من البطالة والتي حتمًا شبابنا في الأغلب لا يريدها ولكنه غير قادر علي دفع ظروفه تلك بشكل إجمالي أو إيجاد حل جزري لها. فالأمر يوجد جزء منه في يد المسؤولين ولكن هل هم حقًا يملكون كامل الحل؟! أو هل يمكننا أن نجزم بأنه حتي العاطلون لا يملكون في أيديهم أي حل ؟!

حتمًا هنا يصير الأمر ظلمًا تامًا، فهناك دائمًا قاعدة مسلم ومتيقن بصحتها ألا وهي حتمًا الشخص يملك المقدرة على حل مشكلاته وذلك لعدل الخالق سبحانه الذي يقتضي التكليف وفق الإمكان، وهنا يأتي دور الإنسان رغم كثرة المؤثرات التي تؤثر في ظروفه ومشكلاته إلي أنه دائمًا هناك حل لديه وهو أنه يعيد النظر في فهم مطلبه ويتأكد من صحة ذلك المطلب ومعرفة واقعه بشكل صحيح والوقوف علي إمكاناته الحقيقية

ومن بعد ذلك يحدد الهدف السليم ويقوم برصد تقصيره أو ما يحتاجه من تطوير لإمكاناته حتي يتمكن من بلوغ هدفه وهو متيقن أنه رغم وجود أيادي كثيرة تؤثر في سير الأمور إلا أن الإرادة العامة والمهيمنة ضامنة له الحق شرط أن يقوم بواجبه علي أكمل وجه ويأخذ بالأسباب ويترك التوفيق علي تلك الإرادة وهو ما سمعناه من كثير من الناس البسطاء ” اعمل اللي عليك وسيبها علي الله ”

الآن اعتقد أنك فهمت قصدي يا صديقي فأنت دائمًا تستطيع .

اقرأ أيضا:

إلى شباب اليوم 

عایز أعیش عیشة كریمة

رغم الألم نبث الأمل

محمد سيد

عضو بفريق بالعقل نبدأ أسيوط