هرع السارق من غرفة نومه يطارده وجه المسروق. كان خائفا، لكن التعب نال منه، فرمى جسده فوق أريكة في الصالة التي ينطرح على جدارها برواز لم يعد يحوي صورته.
غلب التعب الخوف، فانبعث في نوم غير هادئ، كان يتقافز منه بين حين وآخر ناظرا إلى الجدار ، ثم عائدا إلى مخدعه الطارئ.
بينما كان في سنة من نوم داهمه كابوس رهيب، راح يؤخذ إليه بجسد مرتجف يتصبب عرقا، انهمر حتى صار سيلا يجرفه في اتجاه باب الشقة، ويدفعه إلى سلالم البناية.
دحرجه الماء المتدفق بلا هوادة، حتى وجد نفسه ملقى في عرض الشارع تدوسه أقدام العابرين بلا رحمة، وتضرب رأسه في الجدران فيدمى.
ينهمر سائل الحياة الأحمر غزيرا، فيدفع جسده إلى السلالم التي لفظته، فتأخذه إلى أعلى، درجة بعد درجة، حتى يصل إلى باب الشقة، فينقذف إلى داخلها، ويرتفع ليحط فوق الأريكة من جديد.
والأريكة تنطرح تحت جدار يحل عليه براوز، كان قبل قليل يحوي صورة السارق، فإذا به يختفي وتحل مكانه صور المسروق، وهو يرمقه معاتبا بنظرات لاذعة، فيفزع صارخا، يهزه لهاثه الذي لا ينقطع، خوفا ورجاء.