مقالات

غابات الأمازون رئة العالم ” قراءة بيئية “

العالم منذ النهضة الصناعية حتى وقتنا هذا أشبه برجل شره للتدخين بأنشطته البشرية ومنها الصناعية بأدخنتها وغازاتها المنبعثة من المصانع، والتي تؤثر إلى حد كبير بالسلب في المناخ العالمي فيما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري بارتفاع درجات الحرارة على الأرض، ومما يخفف من هذه الظاهرة المسطحات المائية، وكل ما هو أخضر بما فيها غابات الأمازون والتي تمثل رئة من رئات العالم، والتي من خلالها يتنفس سكان المعمورة الأكسجين الناتج من المساحات الخضراء الشاسعة على كوكبنا.

غابات الأمازون من أكبر الغابات المطيرة على الأرض مكانها في دولة البرازيل وتبلغ مساحتها خمسة مليون وخمسمائة ألف كيلومتر مربع ضعف مساحة مصر خمس مرات ونص، وهي مصدر ما نسبته 20 في المائة من الأكسجين في الأرض مع نفي البعض لهذه النسبة حتى ولو كانت أقل، فلهذه الغابات فوائد أخرى للعالم فأشجار غابات الأمازون تُخزن كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون، وتنتج الأمطار كما، وأنها أكثر من أي نهر في العالم تطلق الرطوبة في الجو

ومن هذه الفوائد مايلي :-

  • التنوع البيولوجي لغابات الأمازون

الأمازون هي الغابات المدارية المطيرة الأكثر اشتمالا على الأنواع الحية، حيث يعيش نوع من كل عشرة أنواع في العالم في غاباتها المدارية المطيرة .

حتى إن السينما العالمية بينت هذا التنوع في فيلم “أناكوندا” الأفعى الضخمة القاتلة. الفيلم إنتاج عام 1997 ،والذي أُنتج منه ثلاثة أجزاء أخرى، وتدور أحداثه في غابات الأمازون على ظهر مركب صغير يعبر بأبطال الفيلم مستنقعات الأمازون الشاسعة ويُظهر الأشجار الكثيفة والنباتات المختلفة وأنواع من الحشرات التي تهاجم أبطال الفيلم .

هذه المنطقة هي موطن لحوالي 2.5 مليون نوع من الحشرات، وعشرات الآلاف من النباتات، و2000 نوع من الثدييات والطيور، و2200 نوع من الأسماك، و 40000 نوع من النباتات، و378 نوع من الزواحف، ووصف العلماء أن مابين 90000 إلى 130000 من اللافقاريات توجد في البرازيل وحدها. وأن كل كيلومتر واحد في الأمازون به تسعون ألف طن من النباتات الحية .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لو كان “تشارلز دارون” عالم الأحياء المشهور حيًا؛ لهاله ما يحدث وهو يرى أن أكبر مخزون للتنوع البيولوجي والذي يمثل بالنسبة لأمثال هؤلاء العلماء كنز بيئي لايعوض يُدمَّر. إما بالحرق أو بالتجريف للأشجار بدافع التنمية من أجل بناء مدن سكنية وشق طرق مما تسبب في قتل الملايين من الكائنات الحية التي تعيش في هذه الغابات من طيور وحيوانات ونباتات.

  • هطول الأمطار

غابات الأمازون المطيرة تُنتج كميات هائلة من المياة ليس للبرازيل وحدها وإنما لأمريكا الجنوبية بأكملها، وذلك عن طريق كتل الهواء المشبعة ببخار الماء؛ تنشأ نتيجة للتبخر سواء من عالم النباتات والحيوانات والمسطحات المائية والأسطح الأرضية، هذه السحب المطيرة تؤثر على الأمطار في بوليفيا وباراغواي والأرجنتين وأروغواي وصولا لأقصي جنوب شيلي .

  • التغير المناخي

تخزن الأمازون والغابات الاستوائية الأخرى ما مقداره 90 و 140 مليار طن من الكربون؛ وفي مقابل ذلك ينبعث منها الأكسجين مما يساعد على استقرار المناخ العالمي، وفي المقابل فإن الغابات التي تمت إزالتها من الأمازون بأشجارها ونباتها لتحويلها لأراضي زراعية مما يساهم في إطلاق الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي مما يزعزع استقرار المناخ .

  • منتجات من الغابات المطيرة

الأنواع التي تستوطن غابات الأمازون مهمة لإنتاج الأدوية والأطعمة وغيرها من المنتجات في البرازيل يوجد مطاعم تعتمد في الماكولات المقدمة على النباتات المجلوبة من غابات الأمازون . كما تُوفر غابات الأمازون 10 آلاف نوع من النباتات فعالة للاستخدام الطبي ومستحضرات التجميل والمكافحة البيولوجية للآفات، وفي دراسة أجرتها جامعة برازيلية في “سان بولو” فإن نبتة “مخلب القط” وهي نبتة موطنها غابات الأمازون علاج فعال لالتهابات المفاصل والعظام. ليس هذا فحسب؛ بل يمكن استخدامها في التقليل من التعب وتحسين نوعية حياة مرضى السرطان في المراحل المتقدمة.

بولسونارو وتزاوج السلطة برأس المال

غابات الأمازون في خطر شديد بعد وصول “بولسونارو” اليميني المتطرف للسلطة في دولة البرازيل، لقد وصل لسدة الحكم بدعم من لوبي الزراعات والذين لهم مصلحة في تجريف غابات الأمازون وإزالة أشجارها من أجل زراعة فول الصويا، والتي تستخدم كعلف للماشية؛ الأمر الذي دعت المنظمات المدنية غير الحكومية بالمقاطعة العالمية للحوم البرازيلية.

كان على “بولسونارو” أن يرد الجميل للوبي الزراعات لمساندتهم إياه على الوصول للسلطة؛ فكان يغض الطرف عن ممارساتهم في حق السكان الأصليين لغابات الأمازون والذين يشبهون قديما الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية يغض الطرف عن ممارسات هذا اللوبي بحق السكان الأصليين؛ لأنهم يقومون بإرهابهم لدفعهم لترك أراضيهم وأراضي أسلافهم، الأمر الذي دفع السكان الأصليين لحمل أسلحتهم التقليدية القديمة الحراب والسهام مهددين بقتل الدخلاء والمنتفعين من لوبي الزراعات والشركات الرأسمالية الأجنبية المستفيدة؛ التي تقوم بحرق أو بتجريف أراضي الغابات الأمازونية بالحرق أو بقطع الأشجار لتحويلها لأراضي زراعية أو طرق أو مباني سكنية .

في حادثة الحريق الأخير بغابات الأمازون كانت خطوات “بولسونارو” بطيئة جدا في إطفائها وكأنه يُضيِّع الوقت لينشب الحريق في أكبر مساحة في الغابات، الأمر الذي استدعى من الرئيس الفرنسي “أمانويل ماكرون” بالمطالبة باعتبار أن هذا الحريق أزمة دولية فما كان من “بولسونارو” أن اعتبر كلام “ماكرون” تدخلا في شئون بلاده، ولم يتحرك “بولسونارو” إلا بعد ضغوط دولية شديدة. فأمر الجيش بتولي مسئولية إخماد الحريق .

“بولسونارو” يعتبر المنظمات المدنية غير الحكومية المختصة بالبيئة تتدخل في شئون البلاد بهدف خلق المشاكل؛ لأن هذه المنظمات أخرجت إحصائيات تؤكد زيادة تجريف غابات الأمازون في عهده لصالح لوبي الزراعات والشركات الرأسمالية الأجنبية المستفيدة، حتى أن التجريف وصل في عام واحد 2019مساحة قدرها ثلاثون ألف كيلومتر مربع .

على الأمم المتحدة أن تتبنى المنظمات المدنية غير الحكومية المختصة بالبيئة وإعطائها مزيدًا من الصلاحيات التي تسمح لها بحماية المحميات الطبيعية وكل ما له علاقة بالبيئة العالمية وإنقاذها من الوقوع في براثن تحالف السلطة ورأس المال؛ فالمقدرات البيئية العالمية ليس ملك فرد ولا بلد؛ وإنما هي ملك الإنسانية بأجيالها المتعاقبة.

اقرأ أيضا:

البيوشار

رائحة الطبيعة من كوكب اليابان!

التغيرات المناخية

على زين العابدين

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة