مقالات

رغيف الخبز.. قصة اليوم وكل يوم

يُدعى برغيف العيش؛ فمن مسماه يتضح معناه فهو المرادف للحياة. كثُرت مشاكله وطالت أزماته فمن نظام التوزيع للدعم لاستيراد القمح وهلم جرا، فهل إلى خروج من سبيل؟ لا شك أن توفير القمح يُمثل المشكلة الرئيسية لرغيف الخبز فى مصر نظرًا لنقص المساحات المنزرعة وعدم القدرة على التوسع على حساب محاصيل أخرى. كما أن استصلاح أراضٍ جديدة مُكلف ويحتاج لوقت.

أما اللجوء للبديل الأسهل وهو الاستيراد؛ فهو يحتاج لعملة صعبة كما أنه متذبذب حسب السياسات الدولية، لذا كان البديل الأقرب للصواب – مع عدم خلوه من صعوبات- هو تدعيم الرغيف بمكونات أخرى مع القمح.

فوائد هذا الطرح:

• تقليل الكمية اللازمة من القمح لإنتاج الخبز.

• إضافة قيمة غذائية جديدة.

• الاستفادة من المنتجات الجانبية لمواد تدعيم الخبز فى صناعة الأعلاف أو الزيوت. ولكن هل يمكن الاستغناء تمامًا عن دقيق القمح فى عمل رغيف الخبز؟ والإجابة هى بكل بساطة لا، بسبب احتواء القمح على بروتين الجلوتين وهو المسؤول عن مط العجين وعدم تفتته كما توجد محددات لإضافة أى نوع من الدقيق مع دقيق القمح وهى:

اضغط على الاعلان لو أعجبك

• أن تكون لهذا الدقيق فائدة غذائية للإنسان

• مقبول اقتصاديًا؛ كى لا يؤثر على سعر الرغيف النهائى كما اعتاده المستهلك؛ وإلا فقد لا تتحقق الفكرة برمتها.

• أن يكون الدقيق متجانسًا وقابل للخلط مع دقيق القمح.

• ألا يؤثر سلبًا على الطعم والشكل والقوام والخواص الريولوجية (خواص العجين).

وفيما يلى عرض للمكونات المختلفة التى يمكن خلطها بدقيق القمح.

تدعيم الخبز بدقيق حبوب الذرة الشامية:

تتراوح نسبة البروتين به مابين 7-8% لكنه يفتقر للجلوتين؛ لذا لا يحل محل القمح بشكل كامل رغم أنه قد تصل نسبته فى بعض أنواع الكيك لـ 70%، بدورها توضح د/إيمان محمد سالم – مديرة معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية أن نسبة دقيق الذرة يمكن أن تصل لـ 20% دون تأثير على جودة الرغيف وأضافت أنه يمكن استخدام دقيق البطاطا بنفس النسبة مع دقيق القمح دون تأثير كذلك.

تدعيم الخبز بدقيق حبوب الأرز:

يحتوى الأرز على حوالى 7% بروتين ولكن مثل الذرة الشامية يفتقر للجلوتين، وقد نجحت بعض الدراسات فى خلطه مع دقيق القمح بنسبة حتى 5% دون تغير فى خواص الرغيف ويمكن أن يخلط بنسبة 30% فى بعض أنواع البسكويت.

تتمثل الفائدة الرئيسية لدقيق الأرز فى صناعة مخبوزات للأشخاص المصابين بحساسية تجاه الجلوتين المعروفة بحساسية القمح ويشبه الرغيف الناتج الخبز السياحى كثيرًا فى مظهره ولونه الأبيض.

تدعيم الخبز بدقيق حبوب الشعير:

يعتبر الشعير شديد الشبه بالقمح لكنه أيضًا يفتقر للجلوتين ويمكن خلط دقيق الشعير بنسبة حتى 5% ذو تأثير على خواص الرغيف ويشبه الخبز البلدى (الشمسى) فى مظهره.

خبز الشعير

خبز الأرز

تدعيم الخبز بدقيق حبوب السمسم:

لا يجب أن تتجاوز نسبة الإضافة من دقيق السمسم 10% كى لا يتكون طعم مُر ولكن يمكن تجاوز هذه النسبة حتى 30% إذا ما أضيف دقيق السمسم مختلطًا بدقيق الفول دون حدوث تغيرات فى المنتج.

تدعيم الخبز بدقيق بذرة القطن:

تتميز بذور القطن باحتوائها على قدر كبير من السعرات الحرارية (زيوت)، ولكنها أيضًا تحتوى على مادة سامة تسمى (جوسيبول) يتم التخلص منها قبل طحنها واستخدام الدقيق الناتج فى تدعيم الخبز، وهذه العملية تتم بالفعل عند استخلاص الزيت ليصبح صالحًا كغذاء آدمى ويمكن خلط دقيق بذرة القطن مع القمح بنسبة 8%.

تدعيم الخبز بدقيق بذرة الحمص:

تعتبر البقوليات عمومًا مصدرًا غنيًا بالبروتين وخاصة الحمض الأمينى “لايسين” الذى يفتقر إليه القمح لذا فإن تدعيم الخبز بدقيق البقوليات يرفع قيمته الغذائية كثيرًا ،كما يخفض الحمص من وحدات الأنسولين التى يحتاجها مرضى السكر يوميًا للنصف تقريبًا (لذلك يمكن إدخاله فى النظام الغذائى للمريض تحت الإشراف الطبى) ويمكن تدعيم الخبز بدقيق الحمص بنسبة تصل حتى 8% دون تغيّر فى خواصه.

 تدعيم الخبز بدقيق بذرة الحلبة:

تحتوى الحلبة على نسبة عالية من البروتين والفيتامينات كما أن لها فوائد صحية عديدة، لكن تتمثل المشكلة الرئيسية فى رائحتها النفاذة وطعمها المائل للمر؛ لذا لا تتخطى نسبة دعمها للخبز 5%. تدعيم الخبز بدقيق بذرة الترمس: يمثل الترمس مصدر جيد للكالسيوم والفوسفور كما أن محتواه من البروتين مرتفع مقارنة بالبقوليات الأخرى ويمكن أن تصل نسبة تدعيمه للخبز حتى 9%.

تجارب واعدة:

تدعيم الخبز بحبوب الكينوا:

وفق دراسة علمية أجريت بمدينة البحث العلمى والتطبيقات التكنولوجية بالإسكندرية عام 2019؛ فإن إضافة عدة مستويات من دقيق الكينوا حتى %30 من كمية الدقيق أدت لزيادة معدلات البروتينات والألياف والمعادن مقارنة بالخبز التقليدى ويضيف د/ صبحى السحيمى أحد أعضاء الفريق البحثى أن تدعيم الخبز بدقيق الكينوا أدى لرفع القيمة الغذائية مقدار ثلاثة أضعاف الخبز العادى مع عدم التأثير على الطعم.

وتعتبر حبوب الكينوا صالحة للأكل كما تؤكل أوراق النبات كخضروات كما تحتوى على جميع الأحماض الأمينية الضرورية الموجودة فى اللحوم، لكنها أسهل فى الهضم مما يسهم فى علاج سوء التغذية. كما أشار د/ السحيمى أيضًا أن فريقه البحثى بصدد تطبيق الفكرة عمليًا فى إطار التعاون مع وزارتى التربية والتعليم ووزارة التموين لعمل بسكويت لتلاميذ المدارس من دقيق الكينوا.

كما يمكن استخدام النبتة بالكامل كعلف أخضر وفى الأغراض الطبية لتطهير الجروح والمساعدة فى التئام الكسور وكطارد للحشرات. أو تؤكل الحبوب مباشرة بعد إضافة اللبن أو الماء الساخن والمكسرات والفواكه المجففة؛ فتكون وجبة متكاملة العناصر الغذائية.

 

                                                       

تدعيم الخبز بحبوب الذرة والشعير:

يذكر د/ عزت عابدين – رئيس بحوث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية بكفر الشيخ؛ أنه تم تنفيذ تجربة عام 2018 لإنتاج   10000 رغيف مكون من 45% قمح – 35% بطاطا – 10% شعير- 10 % كسر أرز؛ يمتاز الرغيف الناتج بقيمته الغذائية العالية وتكلفته الأقل وطول فترة بقائه طازجًا والتى تصل لأربعة أيام.

المصادر:

• موقع منظمة الفاو

• موقع للعلم/ساينتفيك أمريكان

• كتاب علوم الأغذية التجريبية- د/عفاف الجديلى

• موقع صوت الأمة

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضا:

عبودية الجوع والخوف

صناعة الجوع وخرافة الندرة

الزراعة تستغيث

محمد طنطاوي

مدرس كيمياء الأراضي كلية الزراعة جامعة الأزهر أسيوط