رأسمالية الكوارث – عن نظرة الرأسماليين أصحاب الشركات الكبرى للكوارث وكيفية تعاملهم معها؟
ما المقصود برأسمالية الكوارث ؟
إذا تكلمنا عن الرأسمالية فإنها تظهر في الشركات المتعددة الجنسيات أو الشركات العابرة للقارات، والتي لها نشاط في كل شيء له علاقة بالاقتصاد -كالإعلام والسلاح والحراسات والإعمار والبنوك والتأمين والشحن والنقل والنفط والدواء والمناجم والسياحة والأغذية والمشروبات إلى آخر القائمة-.
لقد استطاعت هذه الشركات أن تضعف من سلطة الدول وأن تتحكم في العملية الاقتصادية داخل الدول عن طريق الاستثمار وما تشترطه على الدول من التسهيلات اللازمة للاستثمار فيها.
حتى إن “جورج بوش الابن” -وهو رئيس أكبر دولة وقتها- لم يستطع أن يأمر مسئولًا كبيرًا في شركة نفطية من هذه الشركات متعددة الجنسيات، وقال الرئيس الأمريكي وقتها: “هؤلاء لا يستطيع أحد أن يملي عليهم شيئًا، حتى أنا”.
مع العلم أن “جورج بوش الابن” قبل أن يكون رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية كان يعمل في مجلس إدارة شركة من شركات النفط العالمية متعددة الجنسيات هو ونائبه “ديك تشيني”.
والمتابع للأحداث السياسية التي مرت على منطقتنا العربية يعلم كيف استفاد هؤلاء من بترول العراق، وأولهم “جورج بوش الابن” ونائبه “ديك تشيني” اللذان كانا يعملان سابقًا في شركة نفطية، وثالثهم “توني بلير” الذي زعم امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، حيث تسببوا -بناءً على زعمهم هذا- في كارثة احتلال العراق وتدميره الممنهج، ومن ثم استنزاف بتروله وثرواته.
الكعكة العراقية الدسمة
العراق صاحب الاحتياطات الضخمة من البترول، التقديرات المؤكدة “350 مليار برميل” من البترول، أكثر من احتياطات السعودية البالغة “250 مليار برميل”. لقد استفادت رأسمالية الكوارث خير استفادة من كارثة احتلال وتدمير العراق الممنهج، نعم الممنهج المدروس والمقصود من أجل فتح أبواب العراق لشركات البناء متعددة الجنسيات من أجل إعادة الإعمار من أموال بيع بترول العراق!
ليس هذا فحسب فالكعكة العراقية دسمة، فكما كان لشركات النفط والبناء فيها نصيب – كذلك كان لشركات الحراسة الأجنبية كـ “شركة بلاك ووتر” وغيرها دور في تأمين المؤسسات الحكومية العراقية والسفارات والبعثات الأجنبية وتأمين قوافل المساعدات للقوات الأجنبية وللمدنيين، مستفيدين في ذلك من الفراغ الأمني الناتج عن تفكك الجيش العراقي والقوات الأمنية العراقية.
لقد انهارت وقتها دولة العراق في كل شيء، كل مؤسساتها أصبحت لقمة سائغة لكل هذه الشركات بمختلف أنشطتها، فيأتي في عقب الغزاة رؤساء إدارة هذة الشركات، ليأخذ كل منهم نصيبه عن طريق المناقصات.
أية دولة تنهار تصبح مواردها فريسة لرأسمالية الكوارث المتمثلة في الشركات متعددة الجنسيات.
القوى الرأسمالية تعلم عن خيرات البلاد أكثر مما يعلم الشعوب
حدث نفس السيناريو في أفغانستان، هذا البلد الذي دُمر تحت يافطة محاربة الإرهاب بعد مهاجمة برجي التجارة العالميين في نيويورك، وكانت البلد وقتئذ تحت سيطرة جماعة طالبان الأفغانية،
وكانت القوى الاقتصادية العالمية تعلم أن لإفغانستان ثروات معدنية من الليثيوم والحديد والنحاس بما يعادل خمس تريليونات دولار، غير احتياطات النفط والغاز المتوقعة، كان يقف خلف القوات الغازية طابور رأسمالية الكوارث من الشركات متعددة الجنسيات كشركات الحراسة والمناجم وشركات التنقيب على النفط والغاز.
القوى الرأسمالية العالمية تعلم عن موارد دول العالم أكثر مما تعلمه شعوب هذه الدول، ولو علمنا نحن الشعوب بمواردنا لن يكون لهذه القوة الاقتصادية العالمية فرصة استنزاف مواردنا تحت أي ظرف من الظروف.
تعامل الرأسمالية مع كارثة فيروس كورونا
الرأسماليون الكارثيون عودونا ألا يخذلوننا وقت الكوارث ، تمر علينا هذه الايام كارثة “فيروس كورونا” وبطلها الرأسمالي “دونالد ترامب”، الرئيس الأمريكي الذي قلل من الوباء في بادئ الأمر خوفا على تجارته وتجارة غيره من رفاقه الرأسماليين لتأثير ذلك على قوة العمل، وبعد تعرضه للانتقاد رجع واعترف بالكارثة.
المصابون في أمريكا في ازدياد مستمر، حتى فاقت أمريكا دولة الصين في عدد المصابين، والآن “ترامب” يقول: “على الجميع أن يستمر في العمل”! رغم الوباء وخطورة العدوى على الإنسان، فالرأسماليون الكارثيون لا تهمهم الكوارث ولا يهمهم الإنسان بقدر ما يهمهم تعاظم الربح وقوة الاقتصاد، لا يهمهم الإنسان الذي يعمل في مقابل مصلحة الواحد في المائة من الرأسماليين أصحاب الشركات الكبرى!
فهل هذا عدل وإنصاف؟
اقرأ أيضا
الخدمات الإستهلاكية والشركات الرأسمالية