العلم في مقابل مهارة التواصل مع الآخرين – كيف نقل الفن صورة صاحب العلم؟
هل الصورة التي تنقلها الأعمال الفنية تعكس حقيقة الواقع فعلا؟ حتى وإن كانت تتشابه مع بعض المواقف الجزئية الفردية في حياتنا؟ وهل يدعو ذلك إلى التسليم بها دون تحليل واستدلال على صحتها؟
الفانكوش
يظهر ذلك في مشهد أحد أفلام الفنان عادل إمام (الفانكوش) عند انتحاله شخصية (الدكتور أيوب) في محاولة لتضليل منافسه في مجال عمله، وهو يقول إنه قضى حياته بأكملها في تحصيل العلوم بين الكتب والمراجع والمختبر والتجارب
غافلًا عن كيفية التعامل والتواصل مع من حوله من أفراد المجتمع وخصوصا الجنس الاخر، ملقيًا باللوم على العلم وتحصيله وأنه بلا فائدة مادام لم يخدم رغبته في التواصل مع الآخرين، فهل هذا صحيح؟
ما تنقله لنا الأعمال الفنية
غالبا ما تنقل لنا الأعمال الفنية التي تدور احداثها حول الدراسة والعلم والطلاب صورة لصاحب العلم المتفوق والمميز بأنه وهيئته دائما محل للجدل والسخرية كلما تعرض للآخرين، فعندما نتأمل ذلك نجد له نصيبًا من الخطأ لا يمكن التغاضي عنه،
حيث إن صاحب العلم إن لم يتقن علوم فهم نفسه وفهم غيره وكيفية التواصل معهم والمشاركة بينهم لا يكون سوى أداة، لا یستفید منه إلا اهل التخصص ممن يطلبون ما یحمله لا لذاته -على اختلاف غایاتهم-، وذلك مدعاة لصاحب العلم أن یتفرس في علاقته بمجتمعه.
كیف بصاحب العلم أن لا ینجح في التواصل مع مجتمعه؟ ویجهل معنى العلاقات وهو من المفترض أن یكون منارة ومرجع لمن حوله في شتى الأمور؟ وإن حدث ذلك فسيكون نتيجة لسوء تقدير وترتیب للأولويات، وسوء تصنيف للعلوم، وحاجة العلم لآداب وغاية في تحصيله.
وقد يؤدي ذلك إلى ما لا یحمد عقباه، من انطواء ونبذ وكراهیة وانتقام، فیتحول العلم وقتها من أداة بناء وإصلاح إلى سلاح هدم وتخریب.
ما يجب علينا فعله
ولذلك حريٌ بنا ألا نسلم بيقين المادة الفنية دون فهم وتحليل ونقد، ونعتدل في التعامل مع الأعمال الفنية بألا تنحصر في كونها وسيلة ترفيه فقط، خصوصا وأن الفن وسيلة خطابية لها من القوة ما يمكن أن يؤثر في أجيال، وخطورة ذلك تتجلى هذه الأيام مع هيمنة المادة على العالم في معظم مظاهر الحياة والنتاج الإنساني.
اقرأ أيضا:
الكوميديا ودورها الهام والمؤثر في الغزو الثقافي والفكري