كوفيد 19، المنطق يحارب الفيروس! – الجزء الثالث
“الفيروس سيقتل البشرية جميعًا، لقد شاهدت فيديو عن الأمر”!
“لقد أكد لي قريب صديقي أن قريتهم كلها أصيبت بالفيروس، بينما توجد مؤامرة كونية للتعتيم”!
“سيمنعون بيع المنتجات الغذائية بدءًا من الغد، اشترِ كل ما تستطيع”!
“الإجراءات الطبية لن تمنع الفيروس، توقف عن تضييع وقتك، هل رأيت ما حدث في إيطاليا؟”
هكذا تنتشر الشائعات والأخبار المغلوطة في أوقات الأزمات المجتمعية، ويتعرض منطق الأفراد للاختبار، فإن كان تفكيرهم سليمًا تمكنوا من التعامل مع الأزمات بأفضل طريقة، وإن كان تفكيرهم خاطئًا فهي الفاجعة والكارثة! إذ سيؤدي التفكير الخاطئ لسلوكيات خاطئة، مما سيزيد في حالتنا من انتشار الفيروس، ومن ضحاياه ووفياته!
فالتفكير المنطقي السليم ضروري الآن لحماية صحتك وحياتك! بل ولحفظ صحة وحياة ملايين الأشخاص! وبدونه قد تساهم في قتل الآخرين بالفيروس!
وقد تناولنا في المقالين السابقين معلومات طبية ضرورية للتعامل مع الفيروس الجديد، والآن نتناول بعض القواعد المنطقية الضرورية أيضًا للتعامل مع الفيروس.
احذر الشائعات:
لا تصدق أو تنقل أي خبر إلا لو تأكدت من صحته، الأخبار المغلوطة قد تدمر معنويات النّاس مما يدفعهم للاستسلام أمام الخطر، المعلومات المغلوطة في الوقت الحالي أيضًا قد تؤذي صحة الآخرين بل تؤدي لوفاتهم!
احذر المبالغات:
المبالغة في التهوين أو التهويل تؤدي لرؤية غير سليمة، وبالتالي سلوكيات غير سوية، مما قد يعرض حيوات النّاس للخطر!
التهوين يولد اللامبالاة، والتهويل يؤدي للخوف والذعر والهلع، وكلاهما يهددان حيوات الناس .
احذر التعميمات:
ليس معنى نجاح دولة ما في تخطي الأزمة أن الجميع سيتجاوزها، وليس معنى انهيار دولة ما أمام الفيروس أن الانهيار مصير الجميع، اعتمد على المعلومات الموثوقة في التعامل مع الفيروس، وعلى التقييم الواقعي للأمور.
تأكد من صحة الخبر:
كيف تتأكد من صحة الأخبار وتتجنب المخاطر السابقة؟
ابحث عن الخبر في أكثر من مصدر ذوي توجهات مختلفة، اعتمد على المصادر الموثوقة، ابحث عن المصادر الأصلية، لا تنشر خبرًا دون التأكد من صحته.
العلم مصدره العلماء:
عند البحث عن معلومات طبية ابحث عن مصادر طبية متخصصة وموثوقة وأمينة، تجنب المصادر غير المتخصصة أو التي تهتم بالدعاية أكثر من الأمانة العلمية.
التجربة في حيوات الناس مرفوضة:
لا يمكن السماح لأيٍ كان بالتجربة على حساب حيوات الناس بناءً على فرضيات، تجربة بريطانيا مثلًا يرفضها العقل والمنطق، حيث تعتمد على فرضية غير مثبتة تقول بأن انتشار الفيروس سيؤدي لانتشار المناعة بالرغم من وجود شواهد ضد هذه الفرضية.
لا يجب أن نترك الحقائق المؤكدة ونلجأ لفرضيات غير مثبتة فهذا غير منطقي، ولا يجوز التجريب في أمور قد تكلفنا ملايين الأرواح!
هل ما يحدث مؤامرة؟
البعض يذهب إلى أن كل ما يحدث حولنا مؤامرة، والفيروس وانتشاره هما مؤامرة لأغراض خفية شريرة.
والبعض يرفض كل من يقول بالمؤامرة، ويتهم هذا التفكير بالتخلف ومخالفة المنطق.
فما هو الموقف السليم؟
المنطق لا يحكم بأمر أو ينفيه إلا بناءً على دليل سليم، كي نقول إن هناك مؤامرة يجب أن يوجد دليل، وكي ننفيها يجب أن نمتلك دليلًا، أما إن غابت الأدلة فيجب أن نقول إننا لا ندري وقد يكون الأمر مؤامرة أو لا.
فببساطة علينا البحث في الأدلة أو القول بأننا لا نعلم.
الأديان السليمة تساعد العقل ولا تعطله:
رأينا رجال دين من أديان مختلفة يمنعون التجمعات العبادية حماية للأرواح، وهو أمر جيد ويتماشى مع الدين السليم والعقل المنطقي.
الدين السليم أيضًا يدعو لاستعمال العقل المنطقي السليم، ويحث على البحث العلمي، وخلاف ذلك مرفوض.
العاطفة وحدها ليست حلًا:
المواقف العاطفية البحتة لن تحل الأزمة، بل على العكس يمكن أن تزيدها.
الحلول الآن ينتجها التفكير المنطقي والبحث العلمي، مع ضرورة التحلي بالعواطف النبيلة كالرحمة وحب الخير للآخرين.
العقل هو القائد:
رأينا في الأمثلة السابقة أن التجربة دون عقل قد تؤدي لمصائب كما يحدث في بريطانيا، وأن الأديان غير السليمة قد تؤدي لكوارث إذا عطلت العقل والبحث العلمي أو تهاونت بالكثير من حيوات الناس ، وأن العاطفة وحدها عمياء وغير قادرة على التصرف.
فما الحل؟
الحل كما نقول دائما هو أن يتولى العقل موضع القيادة الطبيعي الذي خلقه الله له، فيوجه التجربة ويقوم بها ويحسن استثمارها ويمنعها من تجاوز حدودها، فلا تضر بحيوات الناس ولا تخالف المنطق.
ويبحث عن الدين السليم ويفهمه، ويحسن التعامل معه. ويوجه العاطفة لمسارات حسنة، تساعده على عمل الخير، فيتحلى بالفضيلة ويفعل الخير.
المنطق يحارب الفيروس:
من الواضح ألا نجاة للبشرية دون التزام هذه القواعد والتي يشرحها علم المنطق، بل إننا نوضّح أيضًا أن أي بحث علمي عن الفيروس وعلاجه أو لقاحه هو في الحقيقة يعتمد على المنطق والتفكير المنطقي في كشف حقائق الكون.
فلا أمل للبشرية إلا بالاستعانة بالله واستعمال المنطق العقلي الذي وهبها الله إياه.
اقرأ أيضا:
فيروس كورونا الجديد، الخطر بين الحقيقة والوهم – الجزء الأول
فيروس كورونا الجديد، الخطر بين الحقيقة والوهم – الجزء الثاني