ماذا يحدث حولنا في العالم ؟ وما دورنا تجاهه؟
أمريكا وشعوب العالم
لا يمكننا عند الحديث عن العالم أن نتغاضى عن سيدة العرش أمريكا، فهي الآن من أكبر الدول السادية والصانعة لكتير من القرارات المصيرية للعديد من شعوب العالم بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدها العالم المعاصر خلال الفترة الزمنية الماضية.
وهي مهد كثير من الأفكار التي تسيطر على العقول ومنشأ العديد من السياسات التي تقود العالم الآن إلى الانحدار والتهاوي.
وبشكل عام يمكننا وصف فكرها بالفكر المادي الناشئ لأنظمة اقتصادية واجتماعية وسياسية؛ تترجم هذا الفكر إلى الواقع بخطوات منظمة خبيثة تتخفى وراء شعارات وكيانات زائفة تدعو إلى القيم والإنسانية.
الأنطمة المنبثقة من الفكر المادي
فالرأسمالية نظام اقتصادي مهدت له العولمة ليسود العالم ، لا لمصلحة المواطنين الضعفاء ولكن لمصلحة الوحوش الكبار ممتلكي الأموال والنفوذ عن طريق نشر ثقافة الاستهلاك والأنظمة البنكية الماصة لعملائها والشركات التي تلتهم طاقة ونفسية الأفراد مقابل بعض من فتات الخبز تحت مسمى “الوظيفة”.
والليبرالية والعلمانية كنظم تفسر خطط الواقع من فلسفة قائمة على ثنائية الإنسان والطبيعة، وتهميش أو إنكار الطرف الثالث والأهم وهو مصدر الوجود (الإله) وحذفه من معادلة قراءة الوجود أو اعتباره مرجعية أساسية.
والنسبية الفكرية والأخلاقية التي دست بأنيابها لتقتلع أي معيار أو قيمة أو قاعدة نستند إليها فى الحكم على الأمور وتفسيرها عن طريق وضع الإنسان نفسه كمعيار، وعلى إثرها أنتجت الحرية المطلقة والبهيمية والجنسية المثلية والميوعة الفكرية فيما يسمى بعصر ” ما بعد الحداثة”.
والتقدم التكنولوجي والتجريبي المهيمن على العقول بأبنيته الشاهقة وآلاته الفائقة وإحصائياته الخادعة أحيانًا كثيرة.
شعوب العالم الضعيفة في خطر
وكنتاج لذلك كانت الحروب الاستنزافية من نصيب شعوب العالم الضعيفة المليئة بالثروات، والاتفاقيات الخبيثة ذات الوجه الإنساني الكاذب، والأنظمة البراجماتية الجشعة كأنظمة حقوق الإنسان وصندوق النقد الدولي وغيرهم.
وكأبرز أمثلة لذلك هو تفشي الفكر الصهيوني العنصري والظالم لشعب فلسطين، هذا الفكر الذي ترعرع بمساندة بريطانيا والدعم الأمريكي والتنفيذ على يد كيان أطلقوا عليه إسرائيل.
وعند تحليل الشعوب العربية بعد تسميتها بالشرق الأوسط مؤخرًا، نجدها في حال يرثى له، فإما تدمرها الحروب العسكرية التي قضت على الأخضر واليابس منها وإما حروب فكرية ثقافية تقضي على هويتها وحضارتها تمامًا فيما يسمى بالغزو الفكري والثقافي.
فنجد انحدار في الأخلاق والفكر والقيم والتكنولوجيا والإنتاج واختفاء للهوية والرؤية المعرفية السليمة والثقة بالنفس وانتشار للكسل والتراخي والفساد والإهمال واللامبالاة أحيانًا، وتهدم مفهوم الأسرة والقدوة الأخلاقية الطيبة والنموذج العاقل الحكيم وتقهقرت العزائم وانطفأت الهمم والأمل في مستقبل جديد مشرق.
ماذا بوسعنا أن نفعل؟
قد يتساءل البعض، ما دوري في كل هذا؟ كيف لي وأنا الضعيف أن أتصدى وأساهم في التغيير للأفضل؟
وينحصر حينها الذهن في ثنائيات تقود النفس إلى التطرف أو اليأس إلي أن يتحول أحيانًا إلى اللامبالاة التامة، والأمر أعمق من تلك الثنائيات بكثير. فنجد البعض يثور ويلجأ للانضمام لفرق الجهاد المتطرفة كداعش أو غيرها من الكيانات التي لا تمت للإصلاح بصلة، ونجد البعض يحصر تفكيره إما السفر والمشاركة في إسعاف المرضى وتوفير الطعام للمجاعات ووقف الاستشهادات وإعانة مصابي الحروب أو الصمت التام فلا شئ يمكن فعله تجاههم! ثنائيات شديدة الظلم للطاقات الإنسانية.
صدق أو لا تصدق، يمكنك وأنت في مكانك أن تساهم في التغيير، كيف ذلك؟
إليكم بضع أمثلة لذلك:
1- الاهتمام بالتوعية الذاتية لفهم الكتالوج الأمريكي بشكل أعمق لمعرفة المزيد عن كيفية مقاومته والتصدي له.
2- توعية الآخرين بحقيقة الوضع الحالي المخطط له منذ سنوات، لنشر فكرة المقاومة والإصلاح الحقيقي لتغيير الأوضاع.
3- آداء عمل ينقل الوعي بالقضية إلى خطوات في الواقع تساهم في تحقيق مشاركة إيجابية.
4- التصدي للعدو الأول ” إسرائيل ” ومعاونيه من الأمريكان وغيرهم بشتى الطرق الممكنة بداية من نشر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي لجرائمهم ومقاطعة منتجاتهم والحديث عن حقيقتهم البشعة في الزمان والمكان المناسبين.
5- التحرر من الثقافة الاستهلاكية قدر الإمكان والاكتفاء بشراء ما نحتاجه فقط.
6- دعم المشروعات والمنتجات المحلية وإن لم تكن على نفس الدرجة من الجودة.
7- متابعة أخبار شعوب العالم وتحليلها لمجاراة الأحداث وفهمها واستخدامها فى التوعية بخطورة الوضع الحالي ولتحقيق الصحوة لما يجري حولنا.
8- التمسك بالهوية العربية وعدم الانزلاق مع التيارات الناتجة عن الغزو الفكري والتطبيع الأمريكي كالتعليم الأجنبي.
9- التمسك بالمكوث داخل البلد والإصرار على محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه بدلاً من الهروب إلى الخارج وتحقيق مكاسب شخصية.
10- بناء أسرة ذات هوية وتمسك بالأخلاق الحسنة والفكر الصحيح الواعي والعمل الإيجابي وإنتاج جيل جديد ذو قيم ومبادئ سليمة راسخة وقلب سليم وعقل ناضج قادر على إبصار الحقيقة والشعور بالمسؤولية والقيام بفعل في أي ميدان من ميادين الإصلاح.
عزيزي القارئ، يمكنك أن تفعل شيئًا.
اقرأ أيضا:
ثقافة السوق الحر وفنون التسويق، والاحتياج الزائف
مبحث القيم في الفلسفة وإشكالاته – كيف ينظر المنهج التجريبي المادي للأخلاق ؟