خدعوك فقالوا (مفيش أكل) .. الجوع والانتفاع المادي
هل حقا هناك ندرة في الموارد الناتجة؟
أعلنت منظمة الأغذية العالمية (فاو) التابعة للأمم المتحدة أن حوالى 21 ألف شخصا يموتون يوميًا بسبب الجوع . من خلال تلك الإحصائية؛ فإنه من المقدر أن يموت شحص كل أربع ثوان بسبب سوء التغذية و الجوع أو الأمراض التابعة لسوء التغذية. وعلى الجانب الآخر فإن الزيادة السكانية مستمرة ومتزايدة حيث يوضح الجهاز القومى للتعبئة والإحصاء المصرى بأن هناك مولودًا جديد كل 15 ثانية، وهو مايحفز حدوث الجوع . ولكن يبقى السؤال الذى يتبادر إلى الذهن؛ هل الزيادة السكانية هى التى أدت إلى حدوث المجاعات أم هل هناك بالفعل ندرة فى الموارد الناتجة والتى لا تكفى الزيادة السكانية المستمرة؟! وسوف نتناول فى هذا المقال الجانب الثانى من السؤال وهو؛ هل ندرة الموارد هى السبب فى حدوث الجوع !؟ هل توجد ندرة؟!
ما أقرته الإحصائيات
من خلال بعض الإحصائيات والقياس ﻳﻮﺟﺪ اﻵن ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻐﺬاء ﻟﻜﻞ ﻓﺮد؛ حيث أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻨﺘﺞ ﻛﻞ ﻳﻮم رطلين ﻣﻦ الحبوب أي أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ثلاثة آﻻف ﺳﻌﺮ ﺣﺮاري.
و أيضًا ﺑﺮوتين وﻓﻴﺮ ﻟﻜﻞ رﺟﻞ واﻣﺮأه وﻃﻔﻞ ﻋﻠﻰ اﻷرض وﻫﺬا الإنتاج ﻻ ﻳـﺘـﻀـﻤـﻦ اﻷﻃـﻌـﻤـﺔ الغذائيه اﻷﺧﺮى اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﺄﻛﻠﻬﺎ اﻟﻨﺎس مثل اﻟﺒﻘﻮليات واﻟـﻔــﻮاﻛــﻪ والخضروات، ولكن ليست الإحصائيات كافية لإثبات عدم وجود ندرة الموارد؛ فقد يتحدث البعض بالقول بأننا قد وصلنا إلى أقصى موارد يمكن أن تنتجها الأرض؛ ولنجيب على ذلك علينا أن نتجه إلى سبب المشكلة .
سبب المشكلة
إن السبب الأساسى؛ هو أن الموارد تعانى من سوء الاستخدام حيث أن الموارد ﻣﻮﺟﻮدة ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻌﺎﻧﻲ داﺋﻤﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺔ اﻻﺳﺘﺨﺪام أو ﻣﻦ ﺳﻮء اﻻﺳﺘﺨﺪام الذى ﻳﺨﻠﻖ الجوع ﻟﻠﻜﺜﻴﺮﻳﻦ واﻟﺘﺨﻤﺔ ﻟﻠﻘﻠﺔ ويتضح ذلك بصورة جلية فى المحاصيل اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺪ ﻣﺤـﺎﺻـﻴـﻞ أﺳـﺎﺳـﻴـﺔ ﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﺗﺮﻓﻴﻪ أو ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﺗﺼﺪﻳﺮ وذلك عن طريق استغلال التجار من أجل الربح المادى؛
ﻓﺎﻟﺬرة اﻟﺼﻔﺮاء والخضروات واﻷرز أﺻﺒﺤﺖ ﺗُﺰرع ﺑﺼـﻮرة ﻣﺘﺰاﻳﺪة ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﺮ للخارج وﻟﺘﺴمين الماشيه ويتضح ذلك بقوة فى المكسيك حيث ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ الماشية ﻣﻦ اﻟﻐﻼل اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ أﻛﺜﺮ مما ﻳﺴﺘﻬﻠـﻚ الفلاحون فى هذه اﻟﺒﻼد وذلك لإنتاج الألبان وبعض الأنواع من الجبن التى تُصَّدر إلى الخارج من أجل المنفعة المادية للتجار.
وﻓﻲ اﻟﺒﺮازﻳﻞ نجد أن اﻟﺬرة ﻫﻲ المحصول اﻷﻛﺜﺮ اﻧﺘﺸﺎرا وﻳُﺰرع ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺤﻮ رﺑﻊ إﺟﻤﺎﻟﻲ ﻣﺴﺎﺣﺔ المحاصيل ﻓﻲ اﻟﺒﺮازﻳﻞ ﻟﻜﻦ ﻓﻲ عام 1977 ذﻫﺐ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻠﺚ ﻫﺬا المحصول اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي إﻟﻰ تسمين الماشية والتصدير إلى الخارج بغرض الحصول على عملة خارجية للدولة.
حل المشكله
إن بدايه الحل تكمن فى نشر الوعى ببطلان ثقافة الندرة فى الموارد؛ حيث أن الموارد متوفرة وبكثرة ولكن يجب التوزيع العادل للأراضى وامتلاك الفلاحين الحق فى الانتفاع الدائم من تلك الأراضى حيث نجد أن الجياع ﻳﺰرﻋﻮن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أرز اﻟﺒﻼد وﻓﻲ وﻗﺖ الحصاد ﺣين ﺗﺒﻠﻎ اﻷﺳﻌﺎر أدﻧﻰ ﺣﺪ ﻟﻬﺎ ﻳﻀﻄﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻟﺒﻴﻊ ﻛﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة مما ﻳﻨﺘﺠﻮﻧﻪ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﻌﻮدون لكون ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺴﺪ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ﺣﺘﻰ الحصاد اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ
وﻫﻢ ﻣﻀﻄﺮون ﻟﻌﻤﻞ ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺪدوا ﻣﺎ ﻳﺪﻳﻨﻮن ﺑﻪ ﺑﻔﺎﺋﺪة ﻛﺒﻴﺮة-ﻟﻠﻤراﺑﻦ- اﻟﺘﺠﺎر اﻟﺬﻳﻦ اﺣﺘﺎج المزارعون إﻟﻰ اﻗﺘﺮاض اﻟﻐﺬاء ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺄﺳﻌﺎر أﻋﻠﻰ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻗﺒﻞ الحصاد لذا يجب وضع الضوابط العقلية التى تتحكم فى سلوك الفرد وعدم المنفعيه الفردية الخالصة ومن ثم تطبيق الضوابط الأخلاقية.
ولكن قد يتبادر إلى عقول البعض أنه حتى لو تم التوزيع العادل للموارد فهل ستكفى مع استمرار الزيادة السكانية أم لا ؟!
للمقال تتمة
اقرأ أيضاً:
أخلاق الفرد وتأثيرها على نفسه وعلى مجتمعه – هل الأمر مؤثر فعلاً ؟
الحرية الشخصية بين التحرر والاستعباد.. ماذا يعني أن أكون حراً ؟
المعاناة والألم … هل من سبيل للخلاص من المعاناة ؟ ولماذا نعاني من الأساس ؟