مقالاتفن وأدب - مقالات

لا تقتلوهم!! السماء تدمع عليهم

نحو السماء تنطلق

لم تتمهل تمام تتويج السماء بإكليل شمس جديد، أهملت النعاس والكسل، ودّعت صغارها النائمين بهمس، وأخذت تتحسس خُطواتها الصغيرة بحذر؛ خشية استيقاظهم. راحت تضرب جو السماء بجناحَيها، بادرت سواعد الشمس المبسطة بالتحية فأجابتها بدفء، كانت تطوي الأرض بحثًا عن الرزق من تحت السماء الزرقاء،

صاحبتها طراوة الصباح فخففت عنها وحشة السفر، تبتهل العون من الإله، تتمنى أن تُنهي رحلتها بالتوفيق قبل استيقاظ الأطفال، ترمي بنظرها هنا وهناك، تشقُّ السُبل خلف الصخور وتحت الأوراق، تجد المُراد و زيادة، تهلل بالحمد والتسبيح، ستجود بفضل القوت الذي جمعته على جيرانها الذين تحفظ لهم جزيل الشكر وحق العرفان، دائمًا ما يُراعون صغارها متى غابت عنهم و كثيرًا ما اشتركوا سويًا في تناول ما يجمعونه من طعام.

العصافير الصغيرة في خطر

تقطع طريق العودة بسرعة، تهبط أرض الوطن الآمن، تعرش على أحد أغصانه، تتجه صوب عِشِّها الظليل، ما زال الصغارُ نائمين، تتفقد ما جمعته من مُؤن، فجأة تشعر باهتزازات متتالية، تزداد شيئًا فشيئًا، تفقد توازنها، تتكئ على جناحَيها، تتساقط الحبوب التي جمعتها أرضًا، يستيقظ الجميع، تتعالى أصوات النجدة، ستهوى الأعشاش، العصافير الصغيرة في خطر.

اقترب موعد اللقاء الأول

انتظرته بفارغ الصبر، تأهبت له بشغف، ستستقبلها بحفاوة بالغة، تُغدقها بالترحاب، تغمرها بالحب، تتغزّل في جمالها، وشذى عبيرها، و روعة بَتلاتها المُشرقة، ستبثُ فيها الأمان وتنزع عنها غربة المكان، سترسم لها ملامح عالمِها الجديد بالألوان،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

حتمًا ستحكي لها عن كفوف الشجر المُسخر لحمايتهم من حر الصيف وشدّة المطر تحت السماء ، لكنها الآن تَهاب الحدث، فقد تلاطمت الأصوات وتعاظم اللغط من حولهم، تخاف امتداد الأيادي لهما بسوء، فتُنهي أمل اللقاء و تقطع وِصال الصداقة والود.

تغبط ما لها من نِعم

تتمنى أن ينالها نصيب مما تملِك، تستبطئ الزمن، متى يُنزع عنها ثوب الصغر وتُجاريها رشدًا، لطالما أرادت أن تسألها عن سر حياتها المُعمرة وحكمتها الخالدة، أقسمت على أن تتعهد نُصحها بالطاعة ونحفظه عن الذبول.

أيان ترقى لما لها من شموخ، فتقف مثلها قوية كما الحارس الذي لا ينام، وتمتد جذورها عميقًا لتسافر طبقات الأرض وتكتشف خباياها، متى يشتد جِذعُها صلابةَ ويستقيم بالغًا عنان السماء، متى تتزين بمثل تاجِها الأخضر الفاتن، كثير الفرع، غزير الورق، بَهيّ الزهر، يانع الثمر.

لم تعد تراها، حشود غفيرة تحول بينهما، تسألهم الابتعاد عنها، ترجوهم تركها وألّا يمسوها بسوء.

مناشدات بلا ثمن

حديقة غَنّاء، تُلطّف النسمات، تنقي الهواء وتعطره، كانت مجلس الأحبة والأصدقاء، جنّة كبيرهم وملهى صغيرهم، مسرح الحكايات ومُلتقى الضحكات، ملجأ المتعب وظل المسافر، مناشدات يملؤها الحزن والأسى، تبكي بعجز قرار هدم بستانهم الأخضر و ردم كنز ذكرياتهم الثمين.

اقرأ أيضا:

الحق سينتصر رغم انتشار الباطل – وسنن التاريخ لا تدعو لليأس

من العجب إلى الحب.. كيف نطهر قلوبنا من الغرور بالحب ؟

فراغ القلب.. كيف يواجه الصديقان مشاكل الحياة ؟

ندى علاء منصور

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة