مقالاتقضايا شبابية - مقالات

الصحة تاج على رؤوس الأصحاء … فلتعتني بنفسك للغد

كلمات نطقت بها المرأة العجوز ذات الثمانين عامًا وهي تصعد الدرج غير قادرة على استكماله؛ تنادي ابنتها لعلها تسمعها فتأتي وتزيح من عليها ذلك الحمل الثقيل مرددة ” الصحة راحت خلاص ”

وقعت تلك الكلمات على أذني وكأن هناك من لقنني محاضرة عميقة مختصرة في حروف ما أبسطها ولكنها ذات أثر ملموس داخلي، استدعت الكثير من العادات اليومية التي أفعلها، ويمارسها أيضا الكثير من الشباب غير مبالين بقوانين الجسد ثم كالبساط السحري انتقلت بخيالي إلى كيفية الحالة التي سأكون عليها عندما أتقدم في العمر وأصبح كتلك العجوز الواهنة، يا تُرى سأستطيع ممارسة حياتي حينها دون اتكال على أي أحد ويسعفني جسدي على أن نواصل الأيام الباقية، وصحتي تمدني ولو بالقليل لأحيا بمفردي أو أنني سأكون عاجرة مُتكلة على رعاية تنتشلني من آثار الشيخوخة وضعف الصحة لا أقدر حينها حتى على السير.

ثم تمعنت وأخذت أنظر هل كل من هم ساروا في فئة كبار السن لا يملكون أدنى قدر من العافية؟! بلى هناك من في عمر التسعين والمائة ومازالوا شباب كما يقول البعض كوصف عيني لمجرى حياتهم، أذكر أنني شاهدت مقطع فيديو لعجوز قرب المئة يمارس الرياضة بشكل ممتاز بل يستعرض مجموعة من الحركات الرياضية ربما لا يقدر شاب في العشرينات فعلها.

مثلث الصحة

عنوان أطلقه مُقدم أحد البرامج على ثلاثة أبعاد أساسية للصحة ذات أثر مُلاحظ على الإنسان هم “الراحة الصحيحة، الأكل الصحيح، والحركة الصحيحة” بعد تعريفه لمفهوم الصحة على أنه “زيادة النشاط وقلة الأمراض”

أولاً: الراحة الصحيحة

تناول المقدم أول بُعد “النوم” نظرا لأهميته الشديدة فلو واصل الإنسان الاستيقاظ لعدد كبير من الساعات لربما أصابه الجنون أو قد يتعرض للجلطات الدماغية أو السكتات القلبية مُلقية بحتفه موتاً. حيث أن المعدل الطبيعي للنوم من 7إلى 8 ساعات كي يتمكن الفرد من الاستيقاظ في كامل نشاطه كما أن عملية النوم عملية في غاية الدقة تمر بالعديد من المراحل حتى يحصل الإنسان على الراحة التامة بالإضافة إلى أنه يتم تثبيت ما تم تعلمه من خبرات ومعلومات في مرحلة معينة منهم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ثانيًا: الأكل الصحيح “المعدة بيت الداء”

في ظل عصر المادية المنسحق فيه الكثير منا نرى العروض والخصومات وكم من الإغراءات على ما لذ وطاب من شتى أنواع الطعام وخلافه من الوجبات السريعة والأكلات التي لو تمهَّلنا في التفكير قليلا لأدركنا ماهية ذلك الخداع كالحلوى حسنة المظهر من الخارج والفاسدة من الداخل.

طرح هنا مقدم البرنامج سؤال؛

“احنا بناكل علشان نعيش” ولا “عايشين علشان ناكل”؟

و إن كنا نأكل من أجل العيش فما هو مظهر ذلك العيش الذي نحيا لأجله، نمط يسوده الكسل والخمول أم الحيوية والنشاط؟

لعل النقاش هنا حُسم أمره لأن لو أدرك الفرد منا هدف الحياة لعلم أن جسده الذي وهبه الله له ما هو إلا وسيلة للتواصل مع العالم الخارجي وما يجب فعله هو الأخذ بقدر احتياجات الجسد فقط لحفظ النظام المتكامل الذي يصب كلا أطرافه نحو ذلك الهدف وما زاد عن الحاجة أهلك صاحبه.

فيقول الإمام ابن القيم:

“مراتب الغذاء ثلاثة: أحدها مرتبة الحاجة، والثانية مرتبة الكفاية، الثالث مرتبة الفضيلة”

ثالثا: الحركة الصحيحة

بمعنى نشاط الجسم  ولو بممارسة الرياضة 20 دقيقة يوميا فلا يشترط الذهاب لمكان مخصص ربما البعض لا توفقه ظروفه لمثل ذلك، على الأقل السير يوميا أو تأدية بعض التمارين بالمنزل، فالحركة تقي الجسم من أمراض كثيرة كالسمنة المفرطة وأمراض القلب كما تخفض من مستوى السكر في الجسد وتقوي مناعته فكما يقول المثل “الحركة بركة”.

“الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلا المرضى”

الفرد الواعي هو من يستطيع التمييز بين النافع والضار، يدرك تأثير أفعاله على عافيته حاضرًا ومستقبلاً، والجسد ما هو إلا أمانة تحقق الاتصال بين العالم الداخلي للإنسان والعالم الخارجي، عليه ألا يسرف في أشياء القليل منها يكفي والكثير منها يُلهي. وإن العافية و الصحة هي أعظم النعم التي نُرزق بها ولا أتمنى أن نُحرم منها كي نراها.

 

اقرأ أيضاً:

الحرية الشخصية بين التحرر والاستعباد.. ماذا يعني أن أكون حراً ؟

 جبت إيه لحماتك؟ – معاناة العروسة وأهلها مع تقاليد المجتمع

 

خلود أشرف

طالبة بكلية العلوم جامعة القاهرة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة