محاربون من أجل الإنسانية … رحلة الحياة والبحث عن المعنى
عزلة من أجل التأمل
أنسحبت لمدة ثلاث أيام في عزلة بأحدى المناطق الصحراوية وذلك في برنامج تأملي على هامش دورة في اعداد القادة يتم فيه تطبيق بعض التقنيات الخاصة بالتأمل والصمت، وكانت تلك تجربة لم أفعلها يوماً ما في حياتي، والذي شجعني على اتخاذ هذا القرار هو أني وجدت نفسي تحت ضغوط كبيرة، ووجدت في لحظة تفكر أني أرزح تحت عبء كبير من ضغوط الحياة ، فوجدت أني مجرد ترس في آلة كبيرة جدا كل مهمته هو أن يتم تنفيذ المهام المنوطة به فأصبحت كالجماد لا روح فيه؛ مجرد ترس يتحرك وإن أصابه العطب يتم أستبداله بترس آخر.
البحث عن المعنى
ما سبق كان شعورا صعبا جداً. وهو بأن تشعر بأن لا معنى لوجودك في الحياة ، فاتخذت هذا القرار بتجربة تلك الرحلة التأملية والتي كانت في مكان محاط بالزهور والأشجار بعيد عن ضجيج الحياة ، وبعيد عن التلوث السمعي والبصري،
والتلوث الفكري الذي هو أبشع أنواع التلوث والذي يقتحم عليك حياتك سواء عن طريق الآلة الإعلامية بما تملكه من قدرات رهيبة على بث الكثير من الأفكار في رداء جميل يحوي بداخله الكثير من الملوثات الفكرية في إطار من الحبكة الروائية المتمثلة في الأفلام والمسلسلات، والتي نتلقى أفكارها ونحن في هدوء وسكينة سلبية، فتتشرب عقولنا اللاواعية تلك الأفكار.
وهذا عن الأفلام والمسلسلات أما عن السوشيال ميديا فحدث ولا حرج عن كمية هائلة من الأفكار الهدامة والمغلوطة والأكاذيب التي أصبحنا نغرق فيها ليلا ونهارا.
التساؤل
في تلك العزلة في جو من الصمت والتأمل في بعض أمور الحياة ، وعن طريق بعض الندوات التي كانت تتخلل تلك الأوقات من العزلة، والتي يحثنا فيها القائم على تلك الرحلة ويشرح لنا الأنماط التأملية وفائدة كل نمط، وما يناسب كل طور من الأطوار وفي أثناء تلك اللقاءات يطرح علينا بعض من الأسئلة نتأملها في عزلة وصمت بحثاً عن إجاباتها بداخل ذواتنا،
ومن تلك الأسئلة جاء سؤال كان وقعه صعب جدا علي وهو ما هي قضيتك؟، ما هو معنى وجودك في الحياة؟، هل لك أثر في الحياة ؟ في مجتمعك في أسرتك في عملك؟، بصراحة كان سؤالا صادما وله وقع ثقيل علي كأنه زلزال يهز بعنف وجداني، ويقلب رأساً على عقب كل مشاعري، هل لي أي فائدة تذكر في تلك الحياة بعيدا عن أني مجرد ترس في ألة العمل، فجلست أتأمل وأبحث عن إجابة في هذا السؤال في تلك الرحلة التأملية.
السعادة الحقيقية
وفي تأملي وجدت أن الكثير من الأصدقاء والأقارب والكثير من الشباب يعيش بلا قضية يحيا من أجلها، فجل هم الفرد أن يعيش ليجمع المال حتى يتسنى له الزواج أو الإنفاق على نفسه وعلى من يعولهم، وهو هدف هام جدا جدا؛ لكن هناك ما هو أهم هناك ما يجعلنا نشعر فعلا بإنسانيتنا، ويجعلنا ندرك الذات الأصيلة بداخلنا، ويجعلنا نحيا من أجل قضة عادلة سواء أكانت قضية الوقوف مع الحق أيا كان، أو قضية السلام ومحاولة تحقيقه داخل الأطر التي نعيشها، أو قيمة العدل وكيف نحققها داخل نفوسنا وداخل المحيط الذي نعيش فيه.
يكمن الشعور بإنسانيتنا في البحث عن قضية نعيش من أجلها وليس العيش والتقوقع داخل ذواتنا، تاركين ما لقيصر لقيصر، هنا نقع في اللامبالاة التي تفضي بالفرد نحو هاوية من الكآبة والحزن والضيق، فليبحث كل منا عن دور يؤديه في تلك الحياة ، دور يساعد فيه المرء ذاته قبل الغير فالسعادة في العطاء وليس الأخذ،
السعادة هي أن تشعل العالم بالحب فما لا يتغير بالحب يتغير بمزيد من الحب، الحب الجميل الطاهر لكل ما حولنا، فعندما نحب ونشعر بالتسامح نشعر بصفاء الذهن ونشعر بأننا يجب أن تكون لنا قضية نسعى من أجلها لتحويل العالم الذي نعيش به إلى عالم أفضل، فهيا بنا نبحث داخل ذواتنا عن دور نؤديه، عن قضية نتبناها ونسعى من أجلها، نبحث عن إدخال البسمة على قلب حزين أو نساعد في تنوير العقول، وأجمل من كل هذا أن تعمل في إطار أنت تحبه وتستطيع أن تساعد من خلاله، وتكون لك قضية تشعر من خلالها بأنك إنسان.
اقرأ أيضاً :
المعاناة والألم … هل من سبيل للخلاص من المعاناة ؟ ولماذا نعاني من الأساس ؟
الأخلاق وتأثيرها على الفرد والمجتمع
الحب في عصر ما بعد الحداثة