مقالات

الحضارة الغربية المتخلفة .. الوجه الضاحك والجسد الدنس

قد يبدو عنوان المقال هجوم غير مبرر على حضارة أقل ما يقال فيها أن آثارها وصلت تقريبا في كل مكان في العالم. وهذا لم ننكره بل ننطلق منه لنبين مدي التخلف الذي يكسو الحضارة الغربية ذات الأبعاد المتباينة التي تصل لحد التناقض في كثيرا من الأحيان.

في البداية نجد أنه من الضروري وضع تعريف للتخلف يرشدنا ويوضح لنا مدى مطابقته في هذه الحضارة عن غيرها من الحضارات الأخرى التي سعت للحط من مكانتها والتقليل من أي اسهامات حضارية غير اسهاماتها.

يحمل مفهوم التخلف تعريفات مثل ” الرسوب أو التأخر، التوقف عن السير والتعثر وحتى بطء النمو الإدراكي.

ما قدمته تلك الحضارة للبشرية مُدعية أنها قدمت الأفضل والأمثل لرفاهية وسعادة الإنسان.

التقدم الاقتصادي ليس دليل على التقدم الفكري والثقافي

فبالرغم من كل ما قدمته المدنية من أسباب الرفاهية المادية؛ فإن إنسان اليوم ليس أكثر سعادة من إنسان الفترات السابقة من التاريخ الذي لم يكن يجنى ثمار الاختراعات ووسائل التواصل والتقدم الرهيب في صناعة الرفاهية بالمعنى الأعم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فإن كان هذا التقدم المادي قد قضي على بعض الصعوبات لإنسان اليوم وقضي له على بعض المشكلات التي كانت تواجهه في حياته إلا أنه قد استبدلها بصعوبات هي في الأغلب أكثر شرورًا وتعقيدًا من ذي قبل.

تدهور الحضارة الغربية

ويعد كتاب (تدهور الحضارة الغربية) لشبنغلر من المصادر الهامة التي توضح مدى انحطاط وتخلف تلك الحضارة؛ لأنه تنبأ بنهايتها الوشيكة وهذا نص من كتابه؛

” إنك يا أوروبا ميتة، إني لألمح فيك كل وصمة من وصمات الانحلال، فأنظمتك، وديمقراطيتك، وفسادك، بل ورياضتك، هي بالضبط تلك التي ميزت عصور الأفول في الدول الغابرة، ولن يمضي قرن آخر تلتمس الحضارة مركزا بعيدا عنك”.

فرغم انتشار الحضارة الغربية بكل ما تحمله من ثقافة ورؤية وسلوكيات إلا أن هذا الانتشار ليس بمعزل عن الاستعمار وفرض تفافتها بالقوة على أغلب البلدان التي استعمرتها ناهيك عن سلب ثروات تلك الشعوب سواء ثروات مادية متمثلة في موارد أو حتى ثروات بشرية لعقول تلك البلدان وأن التقدم التقني الغربي ليس بمعزل عن سلب تلك الثروات “مادية وبشرية”.

فيروسات تستنفذ طاقة الشعوب

وفي جانب آخر من قبح وتخلف تلك الحضارة؛ أنها وبدون أدني مسؤولية أخلاقية وأدبية استغلت تلك التكنولوجيا في إفساد واستنزاف الطبيعة من حولنا مما تسبب في تغير رهيب في المناج وظهور العديد من الأمراض التي يرى الكثير من الباحثين أنها أي”الأمراض” هي نتاج فيروسات تم إطلاقها كسلاح يستنفذ قوة الشعوب وأموالها معًا كذلك عمليات التجسس التي تعَدَّت الحكومات ووصلت للخصوصيات الفردية للأفراد.

وعلى الجانب الاقتصادي أورثت تلك الحضارة ثقافة البلطجة الدولية في منع الكثير من البلدان من القدرة على استغلال مواردها الاستغلال الأمثل إما بتآمر أو بالتهديد باستخدام القوة وإشاعة الفوضى مما أفقد تلك البلدان القدرة على المنافسة العادلة في الأسواق التجارية.

كما أوقفت تلك الحضارة في كثير من الأحيان تكوين تكتلات منافسة لها، ومنطقتنا العربية خير دليل علي ذلك، فبالرغم من امتلاك عالمنا العربي لكل المقومات التي تجعله قوة اقتصادية وعسكرية مؤثرة وكبيرة في العالم إلا أن التآمر الغربي حال بيننا وبين الوحدة والتكتل لخدمة شعوب منطقتنا.

كذلك لم تسلم الساحة الاجتماعية من تخلف وتآمر تلك الحضارة فنمط الاستهلاك الذي صبغت به كل شعوب العالم تقريبا وفساد العلاقات الاجتماعية سواء الأسرية أو الفردية وما وصلت إليه البشرية من أنماط متعددة من البؤس والعبودية لهو خير شاهد على قبح تلك الحضارة وما تحمله من أفكار هدامة للبشرية.

خطر الحضارة الغربية على العالم بأسره

النماذج والشواهد كثيرة لدرجة أنه لا يمكن حصرها في مقال واحد. ولكن ما يجب أن نؤكد عليه في الختام أن ما وصلت له تلك الحضارة من تقدم مادي لا ننكره، بل نؤكد أنها استغلته أسوأ استغلال ممكن في زيادة السيطرة على الشعوب والتآمر عليها وإفقارها من خلال الحروب والصراعات التي صنعتها ودعمتها حتى تزداد سيطرتها على العالم بحجة المحافظة على حقوق الإنسان،

والتي هي من قام بانتهاكها يوميا وفي كل مكان تقريبا وما نشهده اليوم من انتشار الصراعات وتفكيك الدول ؛هو أيضا من الشواهد التي تُبين لكل عاقل خطر وتخلف تلك الحضارة على العالم بأسره.

فقد رسبت تلك الحضارة أخلاقيا، وتأخرت عن كل القيم الإنسانية العادلة وتآمرت عليها، وأفقدت البشرية مواردها واستغلتها أسوأ استغلال، وهاجمت كل فكر ينتقدها وقمعته بالحجج الكثيرة. فهل في تلك الحضارة شيء يدعو إلى الفخر؟!