مقالاتمنطق ومعرفة - مقالات

الإنسان والحكم الظنى وأثره في حياتنا

التفكير المنطقي نقطة الانطلاق

إن الإنسان -بطبعه- كائن ميّزه الله بالعقل الذى يتخذ منه الإنسان الطريق فى حل العقبات التى يواجهها فى حياته ويستدل به فى الكثير من الطرق التفكيرية المختلفة. فمنذ بداية الخليقة والإنسان فى بحث دائم ومستمر بكافة الطرق المختلفة للوصول إلى المعرفة السليمة. وعن طريق المعرفة السليمة التى تمكنه من الوصول إلى الحقائق القائمة على التفكير العقلى السليم. ومن أهم طرق التفكير؛ التفكير المنطقي حيث ينطلق منه المفكر فى البحث عن الحقائق والنتائج من خلال القضية الكلية.

فقد يبدأ صاحب التفكير المنطقي  من الجزئيات بحثًا عن الحقيقه ليصل منها للكليات للحكم علي تلك الجزئيات. فإذا ضربنا المثل فى سؤال الحرية هل أنت معها أم ضدها؟! فإن صاحب التفكير المنطقي سوف ينطلق إلى سؤال ما هى الحرية؟ ومن يحددها وغيرها من الأسئلة الأخرى التي تحرر المفهوم الحقيقي ليضمن له حل واقعي على موضوع النقاش.

كيفية الحكم على الأمور

كذلك اتباع التفكير المنطقي يقى الإنسان من الوقوع فى النسبية فى الأحكام وأحد طرق التفكير التى يتبعها الكثير من الناس للحكم على الأمور هى الاستقراء.  وهو محاولة استنتاج القوانين والأحكام عن طريق تتبع الجزئيات لموضوع ما ويشمل فى ذلك نوعين؛ هما الاستقراء الناقص والاستقراء التام.

الاستقراء الناقص

أما الاستقراء الناقص فإنه ينطلق فى إصدار الأحكام عن طريق إجراء استقراء على فئة صغيرة من فئات الموضوع المراد دراسته. وانطلاقا منها للحكم ووضع القاعدة التى يتم بها تحديد الحقيقة.

فمثلا إذا تم إجراء استقراء على بعض الطلبة بمدرسة ما واتضح أنهم لا يجيدون مادة الرياضيات؛ فإنه عقليًا لا يستطيع الفرد إطلاق الحكم المجمل على كافة الطلاب بأنهم لا يجيدون الرياضيات؛ ولذلك فالحكم على أمر ما عن طريق الاستقراء الناقص يكون ظني.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الاستقراء التام

أما الاستقراء التام ينتج عنه نتيجة يقينية  وهو إجراء الاستقراء ولكن على كل فرد من أفراد الفئة المستهدفة وهنا مكمن الصعوبة في التطبيق فإجراء ذلك الاستقراء التام مثلا لمعرفة هل الزواج في سن معين أفضل من سن آخر سوف يلزمنا بحصر كل المتزوجين في الفئات العمرية المراد دراستها وهذا في الغالب لا يمكن تحقيقه على وجه الدقة التامة المطلوبة.

إن اتباع الاستقراء هو بمثابة اتباع الجزئيات للوصول إلى القاعدة الكلية هو أمر في غاية الصعوبة للوصل لحقائق الأشياء. ولكن يمكن الاعتماد عليه لإعطائنا بعض المؤشرات التي يصعب جمع كل تفاصيل جزئياتها.

القياس

على الجانب الآخر؛ المنهج العقلى يتبع القياس وهى عملية عقلية بحتة حيث أنه يتبع عملية عكسية للاستقراء فينطلق من الكليات ومنها وصولا إلى الجزئيات حيث أنه فى عملية القياس يتم وضع المقدمات والقوانين الحاكمة والانطلاق منها للوصول إلى صحة النتيجة أو عدم صحتها  معتمدًا على بديهيات عقلية منها؛ أن الكل أكبر من أجزائه

فمثلا عند تحديد الزواج الناجح من الزواج الفاشل لا يتبع التفكير القياس حالات الزواج الموجودة ويستخلص منا النتيجة؛ هو يقوم بتحديد معايير الزواج الناجح التي منها التوافق في الرؤية والنظرة للحياة والتربية كذلك التفاهم الفكري …إلى آخره.

ويطبق تلك المعايير على نماذج الزواج الموجودة ولكن بعد الاستدلال على سلامة وصحة المقدمات أو المعايير التي تحدد الزواج الناجح من الفاشل.

وبرغم صعوبة المنهج القياسى نوعا ما في البحث عن المعايير الحاكمة الصحيحة ؛ إلا أنه يوصل الإنسان إلى الحقيقة الكاملة ومنها ينطلق إلى تطوير الذات والنفس لا الحقيقة المبنية على تصورات وأوهام فقط .

الظن مفيد ولكن بشرط

وبرغم قوة القياس وأهميته في تفكيرنا وأحكامنا على الكثير من الأمور إلا أن الظن يأخد مكانة ليست بالصغيرة في حياتنا. فنحن نستطيع أن نحدد أن الصدق حسن بالدليل. ولكن لا نستطيع أن نحدد على وجه الدقة هل من نتعامل معهم كأفراد صادقين أو يدّعون الصدق.

لذلك فالظن له مكانة في تعاملاتنا اليومية -لا جدال في ذلك- ولكن بالرغم من وجود هذه النسبة من الظن إلا أن العاقل يسعى للتحقق قدر الإمكان ليصل إلى أغلب الظن بمعنى أن يتبع الكثير من المهارات التي تجعل حتى الأمور الظنية محاطة بالكثير من التساؤلات والاستفسارات حتى تكون واضحة بأكبر قدر ممكن.

 

اقرأ أيضا :

توهم المعرفة.. هل كل خريج جامعة يعتبر متعلم ؟

لُب الزيتونة .. البحث عن السبب الجذري أفضل من معالجة الآثار الناتجة عنه

نحو عناية أشمل بصناعة الإنسان

مصطفى عاطف

عضو بفريق بالعقل نبدأ الصعيد