بين الاجابة والسؤال
هو موقف طريف لطالما تعرضت له فى امتحانات عدة على مدار تاريخ دراستى حين أستذكر من المنهج ما أظنه كاف لأجد أمامى اسئلة تتعلق بما تركته فيُسقط فى يدى ولا أجد بُداً من أن أكتب ما بذهنى من معلومات حول أى شىء لتكون النتيجة النهائية اجابات مثُلى عن اسئلة لم تُسئل ليجد المُمتحن أمامه اسئلة وأجوبة لا رابط بينهما البتة ذلك الموقف الذى تعرض له الكثير غيرى فعلى الرغم من طرافته إلا أنه فى مدلوله يحمل تفسيراً واضحاً لتلك الأزمة المتفاقمة لشباب الثورة ليس فقط سياسياً ولكن ربما حتى على المستوى الشخصى أمام اسئلة الحياة التى تنتهى فى اختبار مستمر لكل إنسان فى طريقه للإستكمال سعياً نحو الكمال الذى هو أصل وجوده فى حياتنا الدنيا.
ربما كان ذلك السلوك مبرراً وقت أن كانت الثورة على أشُدها حيث كان السؤال المطروح لا يتعدى كونه هل مبارك ظالماً؟!! لتكون الاجابة بنعم محوراً كافياً يدور حوله القتال بين من يراه صاحب الضربة الجوية الأولى ومن يراه خائن باع أرضاً قاتل يوماً من أجلها وأزهق أرواح أبنائها على مدار عهده كما لم يُزهق فى الحرب ضد العدو ولكن مع خروج النظام السابق -ولو صورياً ومؤقتاً- من الصورة تشابك الموقف وتعددت الاسئلة التى أصبح التعامل معها ضرورياً وواجباً لرسم خارطة طريق لما بعد مبارك.
وهنا كان منشأ الأزمة التى مازلنا نرفل فى تبعاتها ونعانى بسبب استمرار نهج التعامل معها على النسق ذاته فمع تعدد الاسئلة وقلة خبرتنا جميعاً ظن الغالبية أن الاجابات لديه ربما كانت كافية لعبور اختبار الثورة. فكان لابد لنا من وقفة حازمة مع أنفسنا ليس فقط للبحث عن مدى صدق اجابتنا وصحتها فالأمر لا يتوقف على كون الاجابة صحيحة بل يتعداها لكيفية التحصل على تلك الاجابة والتعامل معها وبها مع وقائع الحياة
فالحقيقة البديهية الغائبة عنا أننا فى ذلك الاختبار الطويل الذى هو حياتنا -على الرغم من قصر وقته- إلا أنه لا يعتنى بوجود اجابات عديدة بقدر وجود اجابات مثالية تلك الاجابات التى لا تصبح كذلك سوى بأن تكون رداً على الاسئلة الصحيحة التى تعنيها ولذلك فى رحلتنا تلك لن نصل إلى وجهتنا فى البحث عن الحق والعدل إلا بالتزود بالقدر الكافى من الاجابات القادرة على السير بنا نحو الدرب الصحيح وليبدأ أول تساؤلاتنا بأى ميزان ذاك القادر على معرفة الحقيقة وإدراكها، فالاجابة الصحيحة لن تكون صحيحة سوى بوضعها فى موضعها والتعامل معه وبها كما ينبغى لنخطو بذلك الخطوة الأولى فى عبور امتحان الحياة الشاق