مقالات

النصر لنا

شئنا أم أبينا فما الحياة الا مجموعة من المعارك -الصغيرة منها والمصيرية- فعن معركتك مع أشقائك وانت طفل للجلوس بجانب شباك السيارة وعن صراعك المرير مع رفقاء لعبك فى الشارع حول الكرة وصدامك الأبدى مع والديك حول ساعة اضافية من السهر تتبعها حرب الاستيقاظ المبكر للحاق بالمدرسة لتشكل كل تلك المعارك نمطا لحياتنا وتكون استحضارا لروح النصر بداخلنا انتظارا للحظة المناسبة التى نشعر وكأن قوى الكون كله قد تضافرت لتتأكد من استعدادنا لها.

والواقع أن رغبة النصر وارادته يتشارك فيها الجميع وإن اختلفت نظرتهم للنصر واختيارهم لمعاركهم فلا تكفى رغبتك العارمة فى النصر فالجميع يشاركك فيها ولكن السؤال الحقيقى هو أى نصر وأى معركة ليرد ذلك التساؤل حول النصر ومعاركه كل انسان الى معضلته الاساسية فمن اين؟؟!! والى اين؟؟!! وكيف؟؟!! ليعود كل صراع فى أصله الى وجود الانسان ذاته فمن أدرك أن للوجود غاية احاط بما استطاع منها عاد ذلك على عقله بوضوح الدرب وعلى نفسه بالاطمئنان وعلى بصيرته بالسداد ومن هنا تظهر الازمة التى نتشارك فيها جميعا بعد أن شغلتنا ضوضاء الحياة وزحامها عن استكمال متاعنا لمواجهة معركة الوجود ذاته.

فاذا نظرت وتمعنت بعين الانصاف والموضوعية فى نفسك ومن حولك لرأيت عجب العجاب بين أناس لا يملكون أى أفكار عميقة محركة لتخرج رغباتهم وأحلامهم بنفس الضحالة لتتمثل لديهم لذة الانتصار فى معارك اقل ما توصف به هى السخافة ذاتها بين التفوق على من حوله بهاتف جوال حديث او شجار تافه مع قريب او غريب فى محاولة يائسة لانتزاع شعور زائف بالقوة وقد يصادفك الحظ الحسن لترى أخرون قد تنقصهم المعرفة والاجابات الا انهم يملكون ولو مشروعا خاصا مشوه الملامح والتفاصيل يجعل سعيهم فى الحياة أعلى من سابقيهم وإن كان أدنى فى مجمله بعد أن ضاقت نظرتهم فى الحياة على أنفسهم دون أن تتعداها الى الكون الفسيح ذاته.

ومع كل ما سبق يصبح النصر يوما لك ويوما عليك فى ظل ضبابية الغاية وعبثية الهدف وعشوائية الوسيلة ليمتلئ واقعنا بالكثير من صدام الباطل بالباطل مع ندرة اصحاب الحق الذين أرادوا النصر حقا وصدقا فسلكوا الدرب من بدايته باحثين عن سر وجودهم ليعلموا لماذا وجدوا؟؟!! ولأى غاية؟؟!! وكيف بالوصول لها؟؟!! ليتلمسوا معانى الوجود ذاته وأصل الصراع الأبدى والمعركة الخالدة بين الحق والباطل ليمتلئ جراب نفوسهم بالمعرفة والرغبة الصادقة والطمأنينة اللازمة ما يجعل من النصر مصاحبا لهم ما استمروا فى صحبة الحق ليكون فعلا … النصر لهم

تم نشر المقال على موقع يقظة فكر بتاريخ 16/4/2013

اضغط على الاعلان لو أعجبك

http://feker.net/ar/2013/04/16/20359/

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

محمد صابر

مهندس حر

باحث في علوم التربية وفلسفة التعليم بمركز “بالعقل نبدأ”

دراسات عليا في كلية التربية جامعة المنصورة

حاصل على دورة إعداد معلم (TOT) من BRITCH FOUNDATION TRAINING LICENSE المعتمد من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة

حاصل على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية